كتاب عربي 21

شعار "رابعة"

1300x600
1300x600
بعد الثورة الإسلامية في إيران، حاول جهيمان العتيبي تكرار التجربة في السعودية، 
وأعلن عن بيعة المهدي المنتظر في الحرم المكي. في تلك اللحظة، تصرفت الدولة 
السعودية بذكاء؛ إذ لم تكتف بسحق حركة جهيمان، بل صدّرت طاقات الاحتجاج والغضب 
لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. 
ولم تكن تلك سياسة سعودية فقط، بل إن 
الأردن ومصر ودول الخليج ودول الغرب سمحت بالهجرة إلى أرض الجهاد وشجعتها. ولم يعنِ 
ذلك أنه لن تحدث هجرة معاكسة بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي. غير أن الضرر الأكبر تم 
تجاوزه.
في "الربيع العربي" يتكرر المشهد بصورة مختلفة، بفضل ثورة الاتصالات. 
فشارع بورقيبة في تونس، وميدان التحرير في مصر، كما ساحات الثورة في كل من اليمن 
وليبيا وسورية، دخلت كل بيت عربي، وأشغلته عن همه المحلي. وفي الثورة المضادة في 
مصر تكرر المشهد، وشعر الناس أنهم لو نظروا من شرفات بيوتهم لشاهدوا حريق "رابعة". 
لذا كان التضامن مع شهداء الميدان عالميا.
وبدلا من أن تسعد الدولة عندنا 
بانشغال المعارض الأردني بهم أكبر من همه المحلي، فإنها تحيل شبابا إلى المحكمة 
بتهمة رفع  شارة "رابعة". وإن كانت تلك جريمة، فإن الدولة مضطرة لتوجيه تهم إلى 
آلاف من الأردنيين الذين يرفعون الشارة على "بروفايلاتهم" على مواقع التواصل 
الاجتماعي.
على الدولة أن تدرس "رابعة" وما بعدها؛ فالناس هزمت الخوف. لا تقرأوا 
صورة "رابعة" في الإعلام العربي، بل تابعوا كيف رُسم المشهد في الإعلام الغربي غير 
المتعاطف مع الإخوان أصلا.
شباب "رابعة" يحتاجهم أي بلد، بشجاعتهم وفدائيتهم 
وسلميتهم. لم يبسطوا يدهم بالقتل لمن بسط يده لقتلهم. وأقل ما يمكن أن يقدمه إنسان 
لإنسان مظلوم، ولو اختلف معه في كل شيء، أن يرفع شارته. فالتضامن مع "رابعة" ليس 
تعبيرا سياسيا يخص الإسلاميين، بل هو شعور إنساني طبيعي تجاه أي شعب من الشعوب 
يواجه الطغاة. ومن مصلحة الدولة أن يكون لدى الناشطين هنا انشغال بشأن خارجي، وكذلك 
من المصلحة أن يُقارن البطش في مصر بـ"الدلال" هنا.
يوجد الكثير من الظواهر في 
الأردن تستعصي على التفسير. فنحن نتباهى بإنجاز تعديلات دستورية تمنع إحالة 
المدنيين إلى محكمة أمن الدولة. وما أعلمه أن أبسط حقوق المواطن الدستورية أن يعبّر 
عن رأيه سلما فيما خص بلده، وأميركا، ومصر، والدومنيكان.
شخصيا، وضعت شعار 
"رابعة" على "بروفايلي" قبل أن أكتشف أنها جريمة. وأنا أسأل: هل هذا يهدد أمن 
الدولة؟! لدي أكثر من ثلاثين ألف متابع على "تويتر"، كثير منهم يضعون الشارة التي 
تظهر لمن يدخل على حسابي، فهل أخرجهم من قائمة متابعيّ؟
وبموجب التعديل الحكومي 
الأخير، صار ممثل اليسار الاجتماعي والناشط الحراكي خالد الكلالدة، وزيرا للتنمية 
السياسية. ولا شك أنه بحكم قربه من الحراكيين ومن الدولة في آن، يستطيع أن يقدم لنا 
تفسيرا علميا، أو على الأقل أن يستخدم تعبيرا علميا في وصف تلك الظاهرة.
عن (الغد) الأردنية
0
التعليقات (0)