صحافة دولية

الصحافة البريطانية: الثمن غال ومفاوضات جنيف لم تفشل

ظريف اشتون في جنيف -الاناضول
ظريف اشتون في جنيف -الاناضول
تفاوتت تعليقات الصحف البريطانية على "فشل" محادثات جنيف حول المشروع النووي الإيراني بين من ألقى المسؤولية على فرنسا ومن حمل المسؤولية لها وبين من دعا للاستمرار فيها وعدم التوقف. ولم تخف الإشارة للدور الفرنسي في افتتاحية "الغارديان" حيث  قالت أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف كان يشاهد جبل "مونت بلان" من شرفة غرفته في الفندق السويسري ومع ذلك لم يكن المشهد ليقدم الراحة لأنه كان يحمل على كتفيه كما يقول الإيرانيون "جبلا من التحديات" ولهذا اختارت عنوان افتتاحيتها "الصعود للجبل"، مشيرة الى ان ظريف والرئيس الإيراني حسين روحاني يعملون على دقات ساعة ويحتاجون لتقديم  انجازات في الملف النووي لأن فشلهما يعني في التوصل لاتفاق في هذا المجال يحمل معه بعض التخفيفات من حدة العقوبات يعني فتح الباب امام الصقور لزيادة الضغط عليهما والتوقف عن الحوار مع الغرب. 
ويعتبر حصول إيران على قنبلة نووية بالنسبة لهؤلاء  حصنا من أي محاولة لتغيير النظام. وقد تعلموا من درس القذافي الذي عرض نفسه للخطر عندما قرر تسليم  مشروعه النووي وتخليه عن طموحاته في هذا المجال. وتقول الصحيفة أن الفشل في التوصل لاتفاق كان مثيرا لدهشة ظريف إذا أخذنا بعين الإعتبار الجو الجيد الذي دارت فيه المباحثات.  فقد قضى الدبلوماسيون الأمريكيون والإيرانيون وهم يتناقشون 72ساعة أكثر مما تحدثوا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، والجولة من المباحثات تعتبر الأكثر كثافة منذ قطع العلاقات بين البلدين بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
ولكن ما الذي أدى لتغير الجو، فقد ظهر ظريف وكاثرين أشتون، مفوضة الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي  لقراءة البيان الختامي، وكان الدبلوماسيون الأمريكيون يتحدثون برضى عن البيان الختامي الذي لا يزال سريا، فيما كان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج متفائلا من الصيغة، لكن ما خرب اللعبة على ما يبدو التصرفات الفرنسية التي لا يعرف إن كانت بمعرفة  من الشركاء في المؤتمر أم تعبيرا عن محاولة لأن يكون "القائد الأعلى" الذي يحرك خيوط اللعبة.
 فكان أول شيء  فعله هو الكشف عن تفاصيل المفاوضات التي كان من المفترض أن تكون سرية، ثم صرح لـ "إنترراديو" أن باريس لن تقبل "لعبة الحمقى" وأخيراً قام بالإعلان عن نتائج المفاوضات قبل ان تكون لظريف وليدي آشتون الفرصة للكشف عنها.  وقالت الصحيفة أن الموقف الفرنسي جاء تعبيرا عن مخاوف من امكانية إنتاج المفاعل النووي "أراك" مادةة البلوتينيوم، مع  أن الأنتاج لن يتم قبل عام، وهناك والحالة هذه وقت لمناقشته وبشكل موسع ضمن إطار جنيف. وترى الصحيفة أن محاولات أوباما إغلاق ملف المحادثات الفاشلة الذي مضى عليه أكثر من عقد يشير إلى أن التحديات لا تأتي فقط من اعدائه بل من حلفائه.
 وتقول أن أوباما يفقد الثقة والمصداقية ويحتاج إلى الحزم أصدقائه، مشيرة إلى الحملة التي قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل سفر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الى جنيف. ويرى  نتنياهو أي اتفاق مع إيران على أنه "سيء" لانه يترك لإيران القدرة على تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي التي  أقامتها. وبالنسبة لنتنياهو وإسرائيل فالإتفاق الجيد هو أي اتفاق يعيد عقارب الساعة للوراء فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم. وتخشى إسرائيل من أنه في حالة التوصل لاتفاق مرحلي فستجد صعوبة في التحرك ضد إيران بناء على ما تراه خطوطها الحمر. ومن هنا تقول  الصحيفة "يجب أن لا يكون جنيف نهاية القصة، فعدم التوصل لاتفاق  سيكون كارثة لكل شخص يعيش في المنطقة، وسيدفع السعودية للحصول على السلاح النووي من الباكستان وستلحق بها بقية دول الخليج".
إندبندنت: التحلي بالصبر
 ولهذا السبب دعت صحيفة "إندبندنت" في  افتتاحيتها لـ "التحلي بالصبر" وقالت أن المحادثات لم تفشل،  مشيرة إلى  أن" الثمن غال، وكذا قيمة الجائزة. فالإتفاق ليس الطريقة الوحيدة لململة أكثر النزاعات الدولية خطورة، لأن أي اتفاق بين إيران والغرب قد يكون مفتاح الحل لعدد من القضايا التي تهدد الشرق الأوسط، وليس أقلها النزاع في سورية، ولم يقل أحد أن المفاوضات ستكون سهلة ولكنها لم تفشل بعد". وتعتقد الصحيفة أن هناك ضغوطا محلية من أجل التوصل لاتفاق تفرض نفسها على الرئيس الجديد الذي حل محل الرئيس المتقلب محمود أحمدي نجاد، وأهم هذه الضغوط هي الأثار التي تركتها العقوبات على الإقتصاد الإيراني، فنسبة التضخم وصلت إلى 40% وتراجع النمو الإقتصادي بنسبة 5%  فيما تضاعف عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر لنسبة 1- 4 إيرانيين. يضاف إلى هذه التهديدات الإسرائيلية لضرب المفاعلات النووية الإيرانية والدور الذي تلعبه إيران إقليميا. وفي ضوء هذه الظروف فلم يكن أحد يتوقع التوصل إلى اتفاق مرض لكل الأطراف. وحتى بوجود كيري الذي وصل جنيف لم تكن هناك إمكانية لاتفاق، حيث تم الخلاف حول مستقبل مفاعل أراك، واجهزة الطرد المركزي التي يخصب فيها اليورانيوم، والتي تريد إيران الإحتفاظ بها لنفسها. والصحيفة لا تتحدث عن انسداد أفق بقدر ما تشير إلى استمرار العملية. مشيرة إلى تصريحات جون كيري الذي قال أن الاطراف تقترب  من الإتفاق. مما يعني أنها لم تتوقف، وسيعود المسؤولون للإجتماع في غضون عشرة أيام. وترى أن الأجواء صعبة حيث يواجه أوباما  ضغوطا من الكونغرس لفرض عقوبات جديدة على إيران بعد الحملة الشرسة التي قامت بها إسرائيل، فيما قد يؤدي الإحباط في إيران من عدم التوصل لحل يخفف من العقوبات إلى تراجع الدعم الشعبي. وهناك ايضا انقسام دولي وبرز هذا من خلال الموقف الفرنسي.  وتعتقد ان حلا  للملف لن يتم بدون تقديم تنازلات من كل الأطراف المعنية. 
التايمز: عاقبوا إيران
ولهجة الصحيفة الداعية للاستمرار تتناقض مع لهجة إفتتاحية "التايمز" التي حملت إيران مسؤولية فشل المفاوضات وعبرت عن تفهم للموقف الفرنسي. وقالت أن إيران لا تهدف من مشروعها النووي إنتاج الطاقة الكهربائية بل تريد أبعد من هذا. ودعت والحالة هذه لممارسة الضغوط على الدولة الإسلامية والإبقاء على برنامج العقوبات كما هو، حتى تظهر إيران وبما لا يدعو مجالا للشك التزامها بالقوانين الدولية. وترى الصحيفة أن هدف المفاوضات هو التصدي للتهديدات التي تمثلها الطموحات على منطقة الشرق الأوسط، وبهذا فلا معنى لاتفاق لا ينهي الخطر هذا. وكررت قائلة أن طهران لن تحصل على برنامج للأغراض السلمية ولن ترفع عنها العقوبات حتى تعلن صراحة تخليها عن طموحاتها النووية. كما دعت أيضا لتأكيد الدول الغربية على توقف إيران تصدير الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان واضطهادها للأقليات الدينية،  و "لن يتم التوصل لاتفاق قبل أن تتوقف إيران عن ممارسة لعبتها المعروف بالخداع". وقالت إن  فحص نوايا روحاني لا تكون من خلاله كونه شخصية معتدلة وتتحدث بلطف  أحسن من نجاد، بل من خلال اعترافه بمخاوف جيرانه في الخليج وإسرائيل، وإظهاره لهم أن هذه المخاوف لن تتحقق. وقالت إن سجل إيران في الخداع طويل ويعود الى التسعينات من القرن الماضي وعليه تختم بالقول "يجب أن يكون هدف المفاوضات مع إيران هو وقف قدراتها العسكرية، وفي حالة حصول إيران على القنبلة النووية او القدرة على التهديد بامتلاكها فلن يكون هناك سلام في المنطقة.. وقنبلة نووية إيرانية ستزعزع استقرار الشرق الأوسط وستكون تهديدا على إسرائيل.. فقد اجبرت الضغوط إيران لطاولة الحوار.. وليس هناك وقت للراحة".
0
التعليقات (0)

خبر عاجل