مقالات مختارة

لبنان يغرق والحاجة إلى حكومة حيادية

علي حمادة
1300x600
1300x600
مرة جديدة، يثبت غرق لبنان كله أمس في مياه الامطار، الحاجة الى تشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها بجدية.

فالحكومة الحالية، فضلا عن كونها "مسخا" في السياسة والاداء تخلت عن مسؤولياتها قبل اليوم بمدة طويلة، وما بقي منها سوى عدد من الوزراء الذين يتناتشون الادارات والمنافع، ويتصرفون كأنهم لن يعيشوا الى الغد. اكثر من ذلك، فقد تفوقت الحكومة الحالية على سابقاتها في الاستسلام التام لكل ما يناقض فكرة المؤسسات والقانون، حتى غدت جزءا لا يتجزأ من عملية الاغتيال المنظم والمبرمج للدولة وفكرتها، اضافة الى التدمير المنهجي للصيغة اللبنانية وتوازناتها.

أمس غرق لبنان، ولا عذر للحكومة والوزارة المعنية في التقصير الفاضح والاهمال، وخصوصا ان شهر ايلول الماضي شهد هطول اول الامطار وغرقت يومها الطرق والمنازل وسط تقاذف المسؤولين والوزراء المسؤولية عما حصل. وها ان الشتاء تأخر اكثر من المتوقع، فمنح المسؤولين وقتا اضافيا للتحوط واتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة. فما الذي حصل؟ ومن المسؤول؟
في الدول التي تحترم نفسها، وفي الحكومات التي تحترم الشعب، وفي الوزارات والدوائر المعنية التي تتمتع بالحد الادنى من الشعور بالمسؤولية، يكون ثمة من يخرج على المواطنين ليتحمل المسؤولية ويعمل بمقتضاها، فما حصل البارحة غير مقبول ولا فرق بين ان تكون الحكومة مسخا او ان تكون مستقيلة او عاملة. المسؤولية لا تتجزأ ولا يمكن التهرب منها.

ان ما حصل البارحة يؤكد مرة جديدة ان فكرة تشكيل حكومة حيادية تهتم بشؤون الناس اليومية ولا تتحول الى حكومة متاريس سياسية كانت صائبة، بعدما تبين ان الحكومات السياسية في ظل حدة الصراع القائم في البلد تنتهي لتصير معطلة بالكامل. كما ان "الحكومات المسخ" كالحالية لا يمكنها ان تكون امينة على مصالح الناس لانها حكومة اللون الواحد، بل انها في العمق حكومة قتلة يوزعون الموت بين لبنان وسوريا. واذا كان ثمة من يتغنى بما يسمى "وسطية" في حكومة مسخ، فان هذه التسمية أليست سوى تغطية على واقع توطئي او اذعاني، ولا فرق بين الواقعين من الناحية العملية.
بات لزاما على الرئيس تمام سلام ان يستجمع شجاعته، ومعه رئيس الجمهورية الذي من دونه لا تولد حكومة، فيتم تشكيل حكومة محترمة من المحترمين تكون لبنانية لكل اللبنانيين، ولا يشعر معها اي لبناني بأنها تستهدفه، اللهم إلا الفريق الذي يعتبر انه يستهدف ساعة لا يكون باسطا سيطرته بالوسائل الفاشيستية كما هو حاصل اليوم. ان الوقت يمر بسرعة، ولبنان الكيان في خطر كبير، وعلى رئيس الجمهورية ان يفكر في المرحلة المقبلة التي قد تتطلب منه اندفاعة وطنية وشجاعة تفضي الى ولادة حكومة برئاسة تمام سلام متفلتة من المتاريس، او ان يقلب الطاولة قبل دخول لبنان المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية بدعوة النواب الى تزكية قائد الجيش الماروني لتشكيل حكومة عسكريين تداركا للفراغ الرئاسي الذي يلوح في الافق، وبات اكثر احتمالا من أي وقت مضى.
(النهار 5 كانون أول 2013)
التعليقات (0)