صحافة إسرائيلية

معلق اسرائيلي: ما الذي يقصده كيري حقا؟

هل يأت كيري بما لم يأت به زملاؤه من قبل - ا ف ب
هل يأت كيري بما لم يأت به زملاؤه من قبل - ا ف ب
يعتقد الكاتب الاسرائيلي زلمان شوفال أن خطة كيري للسلام غير مفهومة.

ويضيف في مقالته المنشورة اليوم في صحيفة "إسرائيل اليوم"، "خُيل إلينا بالنظر في تصريحات مختلفة لوزير الخارجية الامريكي جون كيري والرئيس اوباما ايضا أن هذا هو رأي الامريكيين ايضا، لكن كيري أعلن في نهاية الاسبوع أن القصد هو التوصل الى اتفاق دائم حتى نيسان القادم. فهل هذه شهادة على بلبلة وعدم تساوق، أو يشغل نفسه بالعاب بهلوانية كلامية كي يرضي الطرفين؟".

وفيما يلي نص المقال:

كان الاستنتاج القاطع الذي لا لبس فيه للعبة الأدوار التي تمت قبل بضعة اسابيع في مدرسة الادارة في المركز المتعدد المجالات في هرتسليا بشأن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، أنه لا يوجد أي امكان لاتفاق كامل على إنهاء الصراع، وأن الاحتمال الوحيد لمنع فشل التفاوض الحالي هو احراز اتفاقات مرحلية أو اتفاقات جزئية. فهل يوشك الواقع أن يحاكي استنتاجات اللعبة؟.
 
خُيل إلينا بالنظر في تصريحات مختلفة لوزير الخارجية الامريكي جون كيري والرئيس اوباما ايضا أن هذا هو رأي الامريكيين ايضا، لكن كيري أعلن في نهاية الاسبوع أن القصد هو التوصل الى اتفاق دائم حتى نيسان القادم. فهل هذه شهادة على بلبلة وعدم تساوق، أو يشغل نفسه بالعاب بهلوانية كلامية كي يرضي الطرفين؟.
 
تعارض الأطراف الثلاثة المشاركة في المسيرة – اسرائيل والفلسطينيون والولايات المتحدة – بصورة رسمية، اتفاقات مؤقتة أو جزئية وكل طرف لأسبابه الخاصة: فاسرائيل غير مستعدة لتنازلات اخرى للفلسطينيين دون اتفاق على المواضيع الرئيسة، والمعارضة شديدة بوجه خاص في الطرف اليميني من الخريطة السياسية الذي يرى كل خطوة حتى لو كانت جزئية نحو المطالب الفلسطينية، يراها اعتراضا على رؤيا ارض اسرائيل الكاملة. وتنبع المعارضة الفلسطينية من السبب نفسه لكن بالعكس: فالفلسطينيون لمعرفتهم بالمثل الفرنسي الذي يقول، "لا يوجد شيء دائم كالاشياء المؤقتة"، يخشون أن يتحول كل ما يتم الاتفاق عليه في الاتفاق المرحلي ليصبح دائما ويقضي على الدولة الفلسطينية.
 
لكن السبب الأساسي للمعارضة الفلسطينية بقي كما كان دائما الاحجام عن كل امكان للتسوية سواء أكانت دائمة أم مؤقتة، التي توجب مصالحات وتنازلات منهم حتى لو كان ذلك في بعض المواضيع الجوهرية. والامريكيون متنبهون بالطبع لكل هذه التحفظات لكنهم يدركون ايضا أنه لا يوجد أي امكان بالفعل للتوصل الى اتفاق على القضايا الجوهرية ولهذا أصبحوا يتحدثون في المدة الاخيرة عن صيغة اتفاق تحدد مسبقا كيف تبدو التسوية النهائية حينما تُحرز. ويعتقد وزير الخارجية الامريكي أن حلول القضايا الجوهرية أصبحت معروفة (من "مخطط كلينتون" في 2000 أو من محادثات أنابوليس في 2008)، وأنه سيكون من الممكن لذلك الاتفاق على "اطار أساسي يقدم حلا لجميع القضايا الجوهرية" ويحدد حدودا للتفاوض الذي سيتم بعد ذلك. ويبدو أن كيري نسي أن الشيطان موجود في التفاصيل الصغيرة وأنه لا يوجد ولن يوجد اتفاق حقيقي على المواضيع ذات الصلة – اللاجئين والقدس وجبل الهيكل والاعتراف والأمن. هذا الى أن اتفاق اطار من هذا القبيل لن يمنع الاختلافات بين الطرفين بل سيزيدها غُلوا ويجعل استمرار التفاوض افتراضيا بقدر كبير.
 
يريد الامريكيون أن يربطوا العربة قبل الخيول، لكن يبدو أن العربة التي يعرضونها تعوزها اطارات. كان من الممكن مبدئيا الزام اتفاقات مرحلية لكن دون تحديد للتسوية النهائية. إن "الترتيبات المرحلية" هي تعريف شامل عام كان يمكن أن ينطوي على مواضيع مختلفة منها وظيفية واقتصادية وأمنية بل مناطقية. وليس من الممتنع أن توافق اسرائيل برغم موقفها المعلن الحالي على فكرة تسوية مرحلية بشروط ما ولو للاعتراف بفشل المسيرة كلها. إن الشيء الواضح هو أن اسرائيل يجب عليها أن تُصر في التسوية المرحلية الممكنة وفي التسوية الدائمة اذا وجدت، على ترتيبات أمنية واسعة دائمة في داخل الكيان الفلسطيني وفي غور الاردن الذي هو بمنزلة حاجز جغرافي وطوبوغرافي في وجه عدوان وتآمر من قبل جهات معادية في المنطقة كلها.
 
إن قول السيد كيري إن "اسرائيل ستكون أكثر أمنا اذا انضمت الى منظومة أمنية اقليمية" (أمع سوريا أم مع العراق؟) يبدو أكثر من هاذٍ شيئا ما، اذا نظرنا نظرة خاطفة فيما يجري في منطقتنا من ايران الى اليمن، ومن سوريا الى افريقيا. إن الدفع قدما بتسوية مع الفلسطينيين هدف مهم في حد ذاته لكن ليس لذلك صلة بالتهديدات الحقيقية – لا لاسرائيل وحدها بل للسلام والاستقرار ايضا في العالم حولنا.
التعليقات (0)