سياسة عربية

نيويورك تايمز: جماعة الإخوان لم تنكسر ولم تتفتت

الأمن المصري يفض اعتصاما لأنصار الرئيس مرسي (أرشيفية) - الأناضول
الأمن المصري يفض اعتصاما لأنصار الرئيس مرسي (أرشيفية) - الأناضول
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أعضاء الإخوان المسلمين يخوضون معركة "للبقاء" بعد قرار تصنيف جماعتهم تنظيما "إرهابيا". 

وكتب مراسل الصحيفة كريم فهيم تقريرا من مدينة الفيوم ذكر فيه أن الإخوان "يختبئون في بيوت آمنة في ضواحي المدن، ولا يستخدمون الهاتف إلا بشكل عابر، ويتجنبون المقاهي التي كانوا يلتقون بها، وعندما يخرجون للمشاركة في المظاهرات يخفون هويتهم باستخدام الأوشحة الثقيلة".

وأضاف فهيم أن "قيادات الإخوان التي أصبحت محظورة قد تأقلمت مع العيش تحت الأرض"، في ظل اعتقال المئات من أعضاء الجماعة في مدينة الفيوم وحدها منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 حزيران/ يونيو.

ويشير التقرير إلى أن الجماعة لم تنكسر أو تتفتت تحت هذا الضغط، بل إن أعضاءها يقولون إنها "عادت إلى شكلها التنظيمي الذي حافظت عليه لعقود كحركة سرية محظورة، حيث أصبحت الحركة أقل مركزية وأكثر ترابطا وصلابة، وترك أعضاؤها العمل الدعوي والاجتماعي وركزوا كل جهدهم نحو هدف واحد هو مقاومة الحكومة المدعومة من العسكر".

وينقل مراسل "تيويورك تايمز" عن أحد قيادات الإخوان وهو مهندس معماري (33 عاما) من الفيوم لم يكشف عن هويته قوله إن "هناك رؤية لصراع سياسي قد يستمر لسنوات"، مضيفا أن "هذه مرحلة ثبات ونحن نحاول الوقوف لأطول مدة نستطيعها".

ويرى التقرير أن "صمود الإخوان حتى الآن يعني أن مصر ستستمر في المعاناة من الصراع المدني، وتعزز الشكوك في إمكانية نجاح محاولات الحكومة للقضاء على الحركة التي قاومت كل هذه المحاولات منذ نشأتها قبل ثمانين عاما، والتي تتمتع بدعم مئات الآلاف من الأعضاء والملايين من المؤيدين على مستوى البلد".

وبحسب التقرير، فإن قيادات الحركة لا تزال ملتزمة بالتظاهر السلمي، ولكن بعض أعضاء الحركة يقولون إن مؤيدين لها من خارج التنظيم يتحدثون عن العنف.

ونقلت الصحيفة عن رمضان فاضل (27 عاما)، وهو عضو في جماعة الإخوان بالفيوم قوله: "أنا أعرف أناسا ليسوا من الإخوان يقولون سنعيد لكم حقكم"، ويضيف أن أحد معارفه أخبره أن الناس مستعدون لحمل السلاح لحماية الجماعة.
وقالل مراسل الصحيفة إنه "في مناطق أخرى مثل المنصورة شمال القاهرة حيث انتشار الإخوان أقل، فإن الحديث يتركز هناك على البقاء أكثر منه على المواجهة، نظرا لما يعانيه الإخوان من قمع".

ووصف بعض أعضاء الإخوان الصراع بأنه "لعبة محصلتها صفر بين العسكر والجماعة، ويدلل هؤلاء على مخاطر الصراع بالإشارة إلى ارتفاع عدد القتلى الجمعة، والذي بلغ عددهم 13 شخصا على الأقل في مظاهرات للإخوان في أنحاء البلاد في مواجهات هي الأعنف خلال أشهر" بحسب التقرير. 

ونقل التقرير عن أحد أعضاء الجماعة في المنصورة، وهو يعمل طبيبا، قوله: "نحن محشورون في الزاوية .. ولم يترك لنا العسكر إلا سبيلا واحدا".

ويضيف التقرير أنه وبعد الانقلاب على مرسي "اشتكت القلة من الوزراء الذين تحدثوا عن مصالحة بأن الإخوان يصرون على مطالبهم حتى صعَّد المتشددون من الحكومة المؤقتة قمعهم للإخوان المسلمين وقتلوا المئات منهم وسجنوا كل قيادات الصف الأول تقريبا، حيث أصبح الجميع الآن صقورا ولا أحد يتحدث عن المصالحة". 

وجاء في التقرير أن المسؤولين يتهمون الإخوان بالقيام بهجمات قاتلة ضد الأمن، مع أن منظمة متطرفة لا علاقة لها بهم أعلنت المسؤولية عن تلك الهجمات، وهي جماعة أنصار بيت المقدس.

ويشير التقرير إلى الاتهامات التي وجهها وزير الداخلية محمد إبراهيم للإخوان الأسبوع الماضي بالتآمر مع فصائل متطرفة، بما في ذلك تنظيمات فلسطينية للقيام بأعمال عدائية، ولكن المراسل يقول إن "جذور مشكلة الحكومة المصرية هي داخلية ولا علاقة لها بالخارج".

ووفقا لقول الطبيب الذي لم يكشف عن هويته للصحيفة "لم يتأثر نشاط الإخوان في المنصورة"، حيث يستمر أعضاء الجماعة بحضور اجتماعات "الأسر" الأسبوعية؛ والتي "تعتبر أهم وحدة بناء في التنظيم ومنبع فكر وتماسك الإخوان".

وبحسب التقرير فإن أعضاء في الإخوان قالوا بأن دعايات حملات تأييد الرئيس مرسي لا تزال معلقة في الشوارع، وهذا يدل على "فشل حملة الحكومة المؤقتة".

وحول أولويات الإخوان الحالية في الفيوم نقل التقرير عن أعضاء من الإخوان قولهم إنهم يركزون الآن على استكمال الصفوف، من خلال "الوصول إلى منتسبين جدد والضغط على الأعضاء المنقطعين بالعودة لنشاطهم". 

وينقل التقرير عن أعضاء الجماعة قولهم إن "محاولات الحفاظ على الحركة بدأت بالانقلاب العسكري على مرسي في تموز/ يوليو 2013، حيث عينت القيادات نوابا لها، والذين بدورهم عينوا نوابا عنهم لضمان استمرار القيادة عندما اشتدت حملة القمع ضد المتظاهرين، حيث اعتصم الآلاف من الإسلاميين المؤيدين لمرسي قريبا من مسجد رابعة العدوية وجامعة القاهرة".

و يقول تقرير "نيويورك تايمز" إن جماعة الإخوان واجهت أسوأ أزمة تنظيمية بعد أن فضت قوى الجيش والأمن اعتصامي رابعة والنهضة يوم 14 آب/ أغسطس وقتلت المئات من المعتصمين، وينقل عن أحد الأعضاء القدامى في الجماعة قوله: احتجنا لـ"15 يوما لامتصاص الصدمة والعودة إلى قواعدنا.. ولكننا الآن نتمدد". وقال إن "الضغوط المتزايدة على الإخوان اضطرتهم إلى إجراء بعض التعديلات"، مضيفا "صارت اجتماعات الجماعة الآن تعقد في بيوت خاصة، ويتوقع الأعضاء الاعتقال عند مرورهم خلال حاجز أمني أو عند مشاركتهم في المظاهرات، وتحولت بعض المظاهرات إلى حشود خاطفة حيث يتفرق المتظاهرون بسرعة كبيرة لتجنب ردة فعل قوية من الأمن.

وفي الوقت نفسه "يتفاخر بعض قيادات الإخوان الأكبر سنا، والذين عاشوا حياتهم تحت القمع بصلابة الحركة"، فيما يتعرض بعض الأعضاء من صغار السن إلى ضغوط عائلية لترك نشاطات الجماعة خوفا على حياتهم"، بحسب التقرير. 

ويقول المراسل إن الجماعة لا تبحث الآن في التوجهات بعيدة المدى، ولا تجري مراجعات تتعلق بالأخطاء التي ارتكبت أثناء حكم الرئيس مرسي، وذلك بسبب التركيز على هدف البقاء، و "مع أن أعضاء الإخوان تحدثوا عن بعض الأخطاء القليلة؛ إلا أنهم اشتكوا كثيرا من مؤامرات أدت إلى فشلهم في الحكم".

وبحسب التقرير فإن مطلب الإخوان الرسمي بالتراجع عن الانقلاب لم يتغير منذ تموز/ يوليو، ولا يوجد هناك شيء في الأفق "إلا المزيد من التظاهر وأساليب أخرى للمقاومة التي وعدت القيادات في الفيوم الكشف عنها في ذكرى ثورة 25 كانون الثاني/ يناير".

وينتهي التقرير إلى وصف الأوضاع في المنصورة، حيث يواجه أعضاء الإخوان صعوبات أكبر، ما دفعتهم للعمل بقواعد جديدة، حسب قول طبيب إخواني: "لا تقفوا في الشارع معا لمدة طويلة؛ وإن كان لديك نقود أو ذهب أو وثائق تهمك أو تهم الإخوان المسلمين فخبئها عند قريب أو صديق تثق به".
التعليقات (0)