مقالات مختارة

قطر دخلت في معراج الدول المتقدمة

1300x600
1300x600
لم يأت في كل حكومات دولة قطر، التي عاصرتها منذ مطلع ستينيات القرن الماضي ـــ حسب علمي ــ أكثر تنظيمًا وأعظم إنجازا، على كل الصعد في وزارته؛ مثل معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني- رئيس الوزراء ووزير الداخلية... قد يكون هناك أعظم وأكثر إنتاجا من الشيخ عبدالله بن ناصر إلا أن إنجازاته لم تمس المواطن والمقيم كما هو معالي الشيخ عبدالله بن ناصر.

إنّ أول احتكاك مع مؤسسات الدولة للمواطن والمقيم والقادم إلى قطر يكون مع موظفي وزارة الداخلية في مجال الجوازات برا وبحر وجوا.. لا ينكر إلا جاحد سرعة الإنجاز لكل مراجع للإدارة العامة لجوازات المنافذ وشؤون الوافدين، وإدارة الجنسية ووثائق السفر رغم كثرة المراجعين.

إن هذه الإدارة بكل أقسامها عند دخولك لمبانيها حتى خروجك منها تجد النظام وسرعة الإنجاز وابتسامة تعلو وجوه موظفيها كبرت درجاتهم الوظيفية أم صغرت، أقسام الإدارة آنفة الذكر المنتشرة في أنحاء متفرقة من الدولة ومدينة الدوحة تسهيلا للمراجعين، تتمتع مقارها بالتنظيم الإداري والنظافة وسرعة الإنجاز.
(1)

بالأمس.. طالعتنا الصحافة المحلية بأن وزارة الداخلية وقعت عقدا مع إحدى الشركات العالمية بتصميم وإشراف على مشروع مبنى "الإدارة العامة لجوازات المنافذ وشؤون الوافدين وإدارة الجنسية ووثائق السفر"، لقد شاهدنا قبل ذلك مبنى إدارة المرور الذي يعتبر صرحا شامخا يعتز به المواطن القطري أمام مراجعي إدارة المرور من الوافدين، إنه يعد مفخرة لوزارة الداخلية بقيادة وزيرها الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني الذي أصبح رئيسا للوزراء إلى جانب وزارة الداخلية. 

منجز آخر ضخم في طريقه إلى الاكتمال مع نهاية هذا العام، إنه مبنى وزارة الداخلية، إن مجمع وزارة الداخلية آنف الذكر يشمل قاعات للمؤتمرات والمحاضرات والندوات وفندق لضيوف الوزارة وكبار الشخصيات وغير ذلك من المرافق.. هكذا تبنى الدول مؤسساتها لتقف شامخة لترد صولة الدهر عنها بدلا من أبراج ليست مؤهلة لذلك النوع من المؤسسات المهمة، ومن هنا لابد من تقديم عظيم الشكر والامتنان لجهود وزير الداخلية رئيس الوزراء وكافة أركان وزارته في جميع أقسامها على تلك الإنجازات المشهودة.

(2) 
إذا كانت تلك إنجازات وزارة الداخلية، فما هي إنجازات وزارة العدل ورئاسة المحاكم لكونها الأكثر احتكاكا بالمواطنين والمقيمين.. أذكر هاتين المؤسستين كنموذج لما يجب أن تكونا عليه، وزارة العدل فيها تنظيم وسرعة إنجاز وحسن تعاون مع الجمهور لا يقل كفاءة وإنجازا عن وزارة الداخلية، لكن حديثي هنا ينصب على المكان وليس على الأداء، فمقر الوزارة ليس مصمما ليكون مبنى لوزارة
العدل، وإنما جرى تقسيم المبنى من الداخل ليكون كذلك ولا أنسى انعدام مواقف للسيارات وجمهور المراجعين.

في الجانب الآخر مقر المحاكم المتناثرة في أماكن متباعدة تحدث سلبيات متعددة ومن هنا نؤكد أن القضاء له هيبة يهابها الحاكم والمحكوم وعلى ذلك هل فكرت وزارة العدل ورئاسة المحاكم في التقدم إلى مجلس الوزراء بمشروع بناء صرح للقضاء والتقاضي يتناسب وهيبته. جميع الدول المتحضرة ومعظم الدول النامية بما في ذلك مصر على سبيل المثال، يوجد بها دار للقضاء مبني لذلك الشأن، إنه مبنى ضخم يزيد عمره عن مئة سنة لم يتغير هيكله الخارجي وقاعات المحاكم بجميع درجاتها القضائية لها هيبة بمجرد الدخول إليها تزيد من هيبة القاضي وتلقي في قلوب المجرمين الرعب من هالة القضاء ورهبة المكان.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل فكر المسؤولون عن هاتين المؤسستين في بناء مقر للقضاء يقف شامخا ويزيد بلادنا جمالا وهيبة بدلا من قاعات "تقاضي" عبارة عن شقة كبيرة مقسمة إلى غرف لا هيبة لها سوى هيبة القاضي، وما سينطق به من أحكام.
إنه لا ينقصنا المال ولا المكان ولكن تنقصنا المبادرات من أعضاء السلطة التنفيذية بإقامة مشاريع كمشاريع وزارة الداخلية ومرافقها العامة.

إذا قسنا سرعة الإنجاز ودقته في مؤسسات وزارة الداخلية نصدم ببطء الإنجاز وسلامته في المحاكم بجميع درجاتها، صحيح أن القضاء يحتاج إلى تأنٍ لتحقيق العدالة لكن لا يعني ذلك التباطؤ في الإنجاز كي لا تتراكم المسائل أمام القضاء.. أسوق مثلا: خلاف بين مقاول ومالك هل تأخذ هذه القضية أمام القضاء فترة زمنية تزيد عن خمس سنوات في مبالغ ليست بالملايين، مثلا آخر: امرأة تطلب الطلاق وبعد التحقق واليقين من صعوبة الحياة بين الزوجين هل يأخذ البت في الأمر أكثر من سنتين، وقد يتغير القاضي نظرا لانتهاء عقده مع الجهة المختصة وعندها القاضي البديل سيبدأ من جديد في نظر المسألة، وسوف يأخذ وقته لتحري العدالة.. هذا الإجراء يحدث سلبيات اجتماعية قد تؤدى إلى أمر ليس من السهل حله وهنا الطامة الكبرى.

(3) 
مسألة أخرى غاية في الأهمية، المعلوم عند المواطن والمقيم من أهل الياقة البيضاء أن مجلس الشورى هو "بمثابة برلمان" على الأقل من حيث الشكل، وبما أن الدولة تسير في بناء مؤسسات تليق بمكانتها فلابد من الالتفات إلى بناء مقر يكون تحفة معمارية تليق بأن تكون مقرا للهيئة التشريعية في قادم الأيام أسوة بما هو كائن في الدول المتقدمة.

آخر القول: معالي رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر الثاني صاحب الإنجازات، التي أتينا على ذكرها أعلاه، عليه دور ينتظر أن يؤديه وهو إنشاء دار للقضاء ودار أخرى للهيئة التشريعية، تتناسبان وطموحات الدولة لنكون حقا جديرين بأن نحلق في معراج الدول المتقدمة شكلا ومضمونا.

(الشرق)
التعليقات (0)

خبر عاجل