كتاب عربي 21

من المسؤول عن مأساة مخيم اليرموك؟

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600
بينما كانت أصوات الندب تتعالى من قبل أبواق السلطة، وتتهم فصائل الثوار بمنع قوافل الإغاثة من دخول مخيم اليرموك، فاجأهم نظام بشار يوم الخميس بدك المخيم بالبراميل المتفجرة، فقتل تسعة وجرح العشرات، الأمر الذي استفز أهالي المخيم، فكان أن توجهوا نحو أحد حواجز النظام، فرد عليهم بالرصاص وردهم إلى داخل المخيم.

لا حاجة لإيراد الكثير حول معاناة المخيم، فالتقارير تتوالى يوميا، ويكفي أن يموت أناس بسبب نقص الغذاء والدواء حتى يعلم الكون حقيقة المعاناة التي يعيشها المخيم وأهله.

على أن السؤال الأهم هو ذلك الذي تطرحه حملات الندب إياها، والتي تحيل معاناة المخيم إلى فصائل الثوار. وهنا يحق لنا أن نسأل سؤالا بريئا وبسيطا. نسأله لسادة المقاومة والممانعة، بمن فيهم فصائل تافهة تعمل تحت إمرة النظام، ونسأله لسادة الانبطاح من جماعة السلطة الذين باتوا منحازين لممانعة بشار!! لاسيما بعد أن سلّم سلاحه الكيماوي لأجل الاحتفاظ برأسه، تماما كما يحافظون همْ على أمن الاحتلال من أجل أن يحصل أبناؤهم على فرص الاستثمار وبطاقات الفي آي بي، نسأل هؤلاء جميعا السؤال التالي: لنفترض أن فصائل الثوار في مخيم اليرموك هم مجاميع من القتلة، ويرفضون الخروج من المخيم ويصرون على التمترس فيه؛ هل يحق لبشار تبعا لذلك أن يرد عليهم بقتل 50 ألف إنسان جوعا ومرضا؟!

الدول المحترمة تفاوض الخاطفين أياما وأسابيع، وتبعث لهم بكل ما يحتاجونه من طعام لأجل الحفاظ على حياة بضعة أشخاص (مخطوفين)، ونحن هنا نتحدث عن خاطفين قد يكونون لصوصا أو مرتزقة، وليسوا أصحاب قضية عادلة، كما هو حال ثوار سوريا، فلماذا يكون من حق بشار أن يقتل أهالي المخيم لأن المسلحين فيه يرفضون الاستسلام؟!

هذا من حيث المبدأ، لمن كان يؤمن بالمبادئ أصلا، وليس من ذلك اللون الساقط الذي يتبجح بأن المخيم وحياة أبنائه ليست أهم من الحفاظ على نظام المقاومة والممانعة (أقسم أن أحدهم قال مثل ذلك). أما من حيث نقاش المسألة، فإن القول بأن فصائل الثوار تطلق الرصاص على قوافل الإغاثة، لا يعدو أن يكون كلاما فارغا لا يمر على عقل طفل صغير، وقد تحدث كثيرون من داخل المخيم ونسفوا هذه الرواية، ليس فقط لأنها كذب وتزوير، بل أيضا لأنها تخالف المنطق، إذ أن المسلحين بحاجة للإغاثة مثل الآخرين، الأمر الذي ينطبق على ذويهم وأبنائه وعائلاتهم، ومن المستحيل أن يتورطوا في حرمانهم من العذاء والدواء.

أما حكاية تحييد المخيم، فهي أيضا تستحق الرد، مع أن وضعها موضع التنفيذ قد يكون حلا، كما دعت حماس، لكن النظام يرفض ذلك، لأنه يريد السيطرة عليه، واتخاذه مدخلا لأحياء أخرى يسيطر عليها الثوار، والمشكلة أن المخيم لم يعد جزيرة معزولة، بل يشتبك مع أحياء أخرى في ريف دمشق.

نعم، النظام لم ولن يقبل أن يبقى المخيم تحت ولاية قوة فلسطينية مسلحة لا تتدخل في الصراع، بل يريد السيطرة عليه، واتخاذه منصة نحو استعادة أحياء أخرى، ولذلك، فمن يطالب بتسليم المخيم للنظام، أو لقوى فلسطينية تعمل تحت إمرته، إنما يريد استسلاما من الثوار في عدد من المناطق، الأمر الذي لن يكون مقبولا.

خلاصة القول هي أن من يقتل الناس في مخيم اليرموك، إنما هو نفسه الذي يقتل بقية الشعب السوري بالبراميل المتفجرة، ومن لا يرحم شعبه، لن يرحم الشعب الفلسطيني، هو الذي له سيرة طويلة في قتل هذا الشعب، الأمر الذي ينساه البعض أو يتجاهله مشيرا فقط إلى السنوات الأخيرة من تاريخ النظام.

والنتيجة أن من يحيلون مسؤولة ما يجري لمخيم اليرموك وأهله على فصائل الثوار، إنما يسجلون انحيازا للنظام، وأي كلام غير هذا هو بلا قيمة له على الإطلاق. فالعار كل العار إنما يتلبس النظام، وداعميه، ومن يبررون له في آن. هل ثمة وقاحة أكثر من أن يقول وليد المعلم مساء الخميس أن نظامه على استعداد لإدخال المساعدات إلى المخيم شريطة شمان عدم إطلاق المسلحين النار عليها، ما يعني اعترافا بأنه هو يمنع دخولها.

بقي أن نطالب من يشكّون في حقيقة الموقف في المخيم أن يقرؤوا تقرير الإندبندنت الذي كان بعنوان "أبرياء وجوعى على حافة الموت: ضحية واحدة من الحصار الذي يخجل سورية". وللتذكير، الصحيفة منحازة لنظام بشار، ومع ذلك لم تتحمل وزر الجريمة التي تضيف إلى القتل بالجوع، قتلا بالقنص للنساء، وقتلا بالبراميل المتفجرة للجميع. هنا رابط تقرير عن التقرير في هذا الموقع.  https://arabi21.com/a-10/a-313/720951-a
التعليقات (0)