كتاب عربي 21

" أكلك منين يا بطة"؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

"مقبولة" منك يا "صليب"، فقد ذكرتنا بسقوط الأندلس وانتصار دولة المسيحيين هناك!

"صليب" هو المستشار "نبيل صليب" رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء الدستوري، وقد ذكر سقوط الأندلس همزا وغمزاً في خطابه، وهو يعلن نتيجة الاستفتاء على دستور الانقلاب، ومن خلال خطاب سياسي تجاوز فيه حدود اختصاصه كقاض محايد، ويمثل العدالة مغمضة العينين!

الاشراف القضائي على الانتخابات كان مطلباً شعبياً بامتياز، باعتبار القضاء المصري مستقلاً عن السلطة التنفيذية، وكان مطلبنا هو قاض لكل صندوق، وقد تحقق هذا في السنوات الأخيرة في عهد مبارك إلى عهد الرئيس محمد مرسي، ولم يتحقق في الاستفتاء على الدستور، ولا أظن أن هذا أثار انتباه أحد، أو أن احداً اعتبر عدم بسط القضاء نفوذه على الاستفتاء بشكل كامل أمراً غريباً. وخطاب رئيس اللجنة القضائية المشرفة علي الاستفتاء لا يختلف عن خطابات قادة الانقلاب!

للذكرى فقد كان الاشراف القضائي منقوصاً في عهد مبارك، وهو ان كان التزم في انتخابات برلماني 2000 و2005 بسياسة قاض لكل صندوق، فإن نفوذ القاضي لم يكن يتعدى حدود اللجنة، وكان بخارجها يقع تحت نفوذ جهاز الشرطة. كما أن كشوف الناخبين كانت بقبضة السلطة التنفيذية فتعبث بها، الى أن جاءت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عهد مبارك، وكان وجود القاضي في لجنة بها العديد من اللجان، فقد عدنا في نهاية عهده إلى زمن إشراف الموظفين، وهو حدث في الاستفتاء على دستور الانقلاب عندما يقول رئيس اللجنة في خطابه أن عدد القضاة الذين انتدبوا لهذه المهمة هم 15 ألف قاضيا، في حين أن اللجان الفرعية بلغت 30 ألف لجنة غير لجان الوافدين واللجان العامة!

القضاء في مصر صار جزءاً من حالة الانقسام في المجتمع، ولم يحافظ علي حياده، ولهذا لم  يعتبر احد غيابه أمراً لافتاً. والملاحظ أن أحداً لم ينتبه إلى التخلي عن فكرة "قاض لكل صندوق". وعدم الاهتمام يبدو طبيعياً ورئيس اللجنة العليا للانتخابات يبدو جزءاً في خطابه من سلطة الانقلاب، فذكرنا بسقوط الأندلس!

القاضي، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، والذي اقترب من السبعين من عمره، جاء خطابه ركيكاً ومرتبكاً، وتم رصد 70 خطأ نحوياً في الخطاب الإنشائي الذي لا يليق بتلاميذ مراحل التعليم الأولي، لكنه مع هذه الركاكة، غمز في الإخوان ولمز، بأن أورد واقعة سقوط دولة الأحمر في الأندلس عندما بدا آخر الملوك جزعاً، وهو ابو عبد الله الصغير، وقالت له امه هذه العبارة التي حفظها التاريخ: "ابكِ كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال"، وبدت الإشارة لا تخطئ العين دلالتها، فالرسالة كانت معلومة العنوان!

إذا تعاملنا مع هذه الإشارة بحسن نية، وتجاوزنا الجانب الطائفي لـ" نبيل صليب" في خطابه عن سقوط الأندلس علي أيدي المسيحيين، فإن انحياز الرجل إلى جانب على حساب جانب هو المحرك له، على نحو يفقده شرطاً من شروط توليه مهمة الاشراف على الاستفتاء، فهو منحاز وليس محايداً أو مستقلاً، وانحيازه هنا لسلطة الانقلاب، على نحو يفقده الحياد، ويمتد ليبطل الاستفتاء ذاته.

من المستقر في وجداني، أن "نبيل صليب" وهو يذكرنا بسقوط الاندلس، لم يتحرك من قواعد الطائفية البغيضة، فما أظنه يعرف تفاصيل سقوط الأندلس، وهو الذي لم يستطع أن ينطق اسم قطز، او اسم نهر دجلة، نطقاً سليماً، ولا أدري كيف منحت له شهادة إتمام المرحلة الابتدائية؟!

ربما كان مرد المشكلة إلى أن ثقافة الرجل التاريخية هي في الأصل والفصل سماعية، وأنه يستلهم هذه الثقافة من برامج "التوك شو" في التلفزيون المصري وضواحيه.

ومقدم لبرنامج تلفزيوني على محطة تلفزيونية مصرية منحازة للانقلاب قال ان الاخوان المسلمين وراء سقوط الأندلس. ومع أن الفاصل الزمني بين سقوط الأندلس ونشأة جماعة الاخوان هو 436 عاماً، إلا أنه اقسم على صحة ما ذكر، والحمد لله أن قسمه لم يكن "بالطلاق"، إذ لصارت علاقته مع "أم العيال" في الحرام!

ربما اعتقد "نبيل صليب" أن استدعاء سقوط الأندلس في خطابه السياسي يصلح لتبكية الاخوان، باعتبارها سقطت على أيديهم، وهنا يكون قد كشف عن انحيازه، وهو انحياز كاشف عن أن الاستفتاء لم يكن بقبضة جهة مستقلة، ولكنه جرى تحت إشراف لجنة منحازة، وكل تفسير لمدلول كلام الرجل يفقده الاستقلال.

كما غنت الشحرورة في السابق: "أكلك منين يا بطة".
التعليقات (0)

خبر عاجل