صحافة عربية

"نيو لوك" لشرطة الانقلاب في الاحتفال بذكرى الثورة

الصحافة المصرية - الصحافة المصرية الجمعة
الصحافة المصرية - الصحافة المصرية الجمعة
برغم أن ثورة 25 يناير 2011 قامت على نظام مبارك الاستبدادي، وآلة القمع المجرمة التي اعتمد عليها في إرهاب الشعب المصري، وهو وزارة الداخلية، وأجهزتها الشرطية.. إلا أن الاحتفال هذا العام بالذكرى الثالثة للثورة يشهد محاولات حثيثة في الإعلام المصري من أجل صنع "نيو لوك" أو "مظهر جديد" لهذه الأجهزة يختلف عما كانت عليه قبل الثورة، ومحاولة إقناع الشعب بأنها تغيرت بالفعل، وأنها تحولت من آلة للقمع، وأداة في يد النظام الحاكم للبطش بالمعارضين، إلى مؤسسة محايدة تضع نفسها، وتؤدي دورها، في خدمة الشعب.
 
ويحاول الإعلام المصري إنتاج هذه الصورة الذهنية الجديدة للشرطة في وقت تهدد فيه هذه الشرطة ووزيرها الدموي باستخدام أشد ألوان البطش بحق المعارضين السلميين من رافضي الانقلاب الدموي، ومؤيدي الشرعية، وتهديدهم بالسحق بالأسلحة الثقيلة، إن هم تجرأوا وخرجوا في مسيرات أو مظاهرات تندد بالنظام الانقلابي القائم، أو تطالب بحقها المشروع في احترام المسار الديمقراطي، وتطبيق مبادئ الثورة.
 
هذا ما يلمسه القاريء بإمعان لعناوين ومانشيتات وتقارير ومواد الصحافة المصرية الصادرة الجمعة 24 كانون الثاني/ يناير 2014، على بعد أقل من 24 ساعة على الاحتفال بذكرى الثورة السبت.
 
ومما يزيد في "إفساد طبخة" إعلام الانقلاب أن هذا "النيو لوك" المصطنع لأجهزة الشرطة يأتي وسط "طوفان" من تقارير المؤسسات الدولية كمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية"، ومنظمات حقوقية دولية ومحلية عدة، أدانت السلوك الهمجي لهذه الأجهزة، طوال أكثر من ستة أشهر، منذ وقوع الانقلاب في الثالث من تموز/ يوليو الماضي، وعنفها، وأساليبها المميتة بحق المعارضين، فضلا عن إساءة معاملة المعتقلين، وقدرهم أكثر من 21 ألف معتقل، وهو عدد يفوق عدد المعتقلين السياسيين طوال 30 سنة من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، فضلا عن تهديد سلامتهم البدنية والمعنوية وحياتهم للخطر.
 
الأهرام: يوم الوفاء لرجال الشرطة
 
الآن إلى "مظاهر النيو لوك" الجديد للشرطة المصرية في صحافة الجمعة.. فقد أبرزت صحيفة "الأهرام" في مانشيتها على ثمانية أعمدة أقوال الرئيس المعين عدلي منصور في الاحتفال الذي أقيم أمس في الاحتفال ب"بيوم الوفاء لرجال الشرطة" -بحسب الأهرام- التي قال فيها إن "الشرطة تعلمت حدود دورها بعد القيام بمهام ما كانت تقبلها قبل 25 يناير"، وهي عبارة غامضة ومبهمة، ويحتاج القارئ إلى قاموس لفك طلاسمها.
 
في هذا الصدد، حاولت الجريدة أيضا تسييس حادث مقتل خمسة من الجنود في كمين للشرطة في بني سويف. وبالتالي جاءت مقدمة تقرير الأهرام كالتالي: "فى الوقت الذى احتفلت فيه مصر أمس بيوم الوفاء لرجال الشرطة الذين يضحون بأرواحهم لحماية أمن الوطن والمواطن، كانت يد الغدر تمتد إلى بعض هؤلاء الأوفياء، حيث استشهد خمسة من عناصر الأمن، وأصيب اثنان فى هجوم آثم على كمين أمنى فى بنى سويف.
 
وقد شهدت أكاديمية الشرطة يوم أمس احتفالية كبرى بمناسبة عيد الشرطة، حضرها الرئيس عدلى منصور رئيس الجمهورية، والفريق أول عبدالفتاح السيسى نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة والشخصيات العامة". ثم سردت الجريدة أقوال كل منهم.
 
الأخبار: دموع الرئيس في تكريم أسر شهداء الشرطة
 
في هذا الصدد ، أبرزت صحيفة "الأخبار" أيضا تصريحات السيسي في الاحتفال في مانشيتها كااتالي: "السيسي: 25 يناير ثورة شعب.. وحياة الشعوب لا يصنعها المتاجرون بالدين".
 
واستغلت كل من: الأهرام والأخبار والجمهورية عنصر الصورة الفوتوغرافية، لمحاولة إضفاء صبغة إنسانية على المشهد، واستدرار تعاطف القارئ، فأبرزت صورة الرئيس المؤقت، وهو ينحني مقدما وساما لنجل المقدم الذي اغتيل في كرداسة بظروف غامضة: "محمد مبروك".. بعنوان في "الأخبار" يقول: "دموع الرئيس في تكريم أسر شهداء الشرطة".. وإلى جواره خبر يقول:"استشهاد 5 رجال شرطة في بني سويف".. وأعلاه صورة لوالدة أحد الضحايا تنتحب في توديع جثمانه.
 
الجمهورية: مواجهة قوية لدعاة الفوضى والإرهاب
 
ولم تختلف جريدة "الجمهورية" عن قرينتيها: الأهرام والأخبار في أسلوب المعالجة، فصدرت بمانشتين الأول :"استشهاد 5 من رجال الشرطة في هجوم إرهابي ببني سويف".. والثاني يقول: "منصور في الاحتفال بثورة يناير وعيد الشرطة: "مواجهة قوية لدعاة الفوضى والإرهاب".. وتحته خبران: الأول يقول: "وزير الداخلية يطمئن على نجل جابر نصار (رئيس جامعة القاهرة).. مصرع  وإصابة طالبين بمولوتوف الإخوان في جامعة الإسكندرية".. والثاني بعنوان: "إبطال قنبلة "تي إن تي" بمجمع محاكم طهطا".
 
المصري اليوم: مصر تحتفل بكسر جدار الخوف
 
ولم تختلف "المصري اليوم" عن سابقاتها من الصحف السالفة. فجاء مانشيتها: "مصر تحتفل بكسر جدار الخوف.. الرئيس: ما ثار عليه الشعب لا مكان له في المستقبل.. والدولة البوليسية إلى غير رحعة".
 
وجاء بالمقدمة: "شهدت مصر أمس أول الاحتفالات الرسمية بالعيد الثالث لثورة الخامس والعشرين من يناير، وعيد الشرطة. وقال المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية إن يوم 25 يناير شهد بداية كسر حاجز الخوف الذي انهار خلال ال18 يوما التالية ليؤكد شعبنا حقه في رفض الاستبداد والظلم". أما الصورة فكانت للرئيس المؤقت.. لكنه هذه المرة  كان يتسلم هدية من وزير الداخلية.
 
الشعب يريد إعدام الإخوان
 
وإلى جوار هذا التقرير في "المصري اليوم" نُشر تقرير آخر يستهدف شيطنة الإخوان، وتنميطهم سلبا، واللعب على فزاعتهم لدى الجماهير، برغم كل الظلم الذي حاق بهم طوال الفترة الماضية.. العنوان يقول:" أهالي بني سويف بعد العملية الإرهابية: الشعب يريد إعدام الإخوان".. أنصار بيت المقدس يتبنى الهجوم.. والتحقيق مع قائد الكمين لترك الخدمة وقت الهجوم.. وفي الصورة: الآلآف أثناء تشييع جنازات ضحايا الغدر في بني سويف أمس".
 
ثم خبر غير بعيد يؤكد أن أجهزة الأمن في ظل الانقلاب باتت تتحكم في مفاصل الدولة.. يقول: "مصادر: جهات أمنية طلبت إيقاف قطارات قبلي لعرقلة حشد الإخوان.. استمرار عمل القطارات "النازلة" إلى الصعيد.. وزحام على منافذ الحجز لإعادة التذاكر".
 
الوطن: الشعب يحشد والإرهابية تستعد لحرق مصر
 
ومن جهتها، اختارت جريدة "الوطن" أن تلون المانشيت الخاص بها في اتجاه شيطنة تحركات المعارضة بذكرى الثورة. فجاء كالتالي: "الشعب يحشد ل 25 يناير والإرهابية تستعد لحرق مصر.. الجماعة تستهدف ماسبيرو والسفارة الأمريكية والداخلية والمخابرات ووثيقة للتنظيم الدلوي: نشر الفوضى في 18 يوما.. والقوى السياسية تحمي "التحرير".
 
وفي المقدمة قيل: "في خروج جماعي للمصريين غدا أعلنت الأحزاب المدنية والوزارات واتحادات ونقابات العمال والقوى الإسلامية والمدنية الحشد في ميادين مصر، لإحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، ومنع الإخوان من إثارة الفوضى في البلاد.. وقال حسلام الخولي.. إلخ".
 
وفي قلب التقرير نشرت صورة ملفقة تحمل تعليقا يقول: "نينجا.. حركة إخوانية جديدة تهدد بحرق مصر ظهرت على مشارف التحرير أمس الأول"!
 
وتحت التقرير نُشر تقرير ثان بعنوان: "بني سويف تشيع شهداء الكمين..  وبيت المقدس تتتبنى الهجوم.. الحكمدار: ملثمون أطلقوا الرصاص عشوائيا على الكمين فجرا". ومع هذا التقرير صورة ل"جنازة شهداء الشرطة الخمسة الذين سقطوا برصاص الإرهاب أمس"، بحسب الوطن".
 
اليوم السابع: مصر تحتفل.. والإرهابية تتآمر
 
وفي مانشيت مشابه لمانشيت كل من "المصري اليوم" و"الوطن"، جاءت "الطبخة المسمومة" نفسها في جريدة "اليوم السابع"، ألا وهي وصم المعارضين للانقلاب، وتحركاتهم السلمية بالإرهاب.. في وقت توضع فيه مصر في كفة الشرطة والجيش. وهؤلاء المعارضون يوضعون في الكفة المقابلة.
 
وهكذا جاء المانشيت في "اليوم السابع" كالتالي: "مصر تحتفل.. والإرهابية تتآمر.. منصور في الاحتفال بعيد الشرطة: الدولة البوليسية انتهت إلى غير رجعة.. وثورة يناير كسرت حاجز الخوف لدى المصريين والبعض حاول اختطافها.. ووزير الداخلية: السيسي نموذج فريد لقائد نافذ البصيرة".
 
هذا إلى جانب تقريرين آخرين -في الجريدة نفسها- كالتالي:" غرف مؤامرات إخوانية قي قطر وتركيا لإدارة مظاهرات 25 يناير.. مصادر: قيادات الجماعة بالخارج سيتواصلون على الهواء طوال اليوم مع قادة المسيرات ويرصدون تحركات الشرطة"!
 
وتقرير ثان يقول:"هجوم إرهابي جديد في بني سويف قبل يومين من الاحتفال ب 25 يناير.. استشهاد وإصابة فردي شرطة في استهداف كمين .. والطب الشرعي: الشهداء تلقوا 15 طلقة من سلاح آلي.. والمحافظ يصرف 5 آلاف جنيه لأسرة كل شهيد".
 
الشروق: الإرهاب يضرب الأبرياء في عيد الشرطة
 
وفي السياق نفسه نقلت جريدة "الدستور" -في تقرير بالصفحة الأولى- القول: "الرئيس منصور: 25 يناير ثورة شعبية اختطفتها جماعة إرهابية.. و30 يونيو أعادت الوطن لأبنائه".. فيما المانشيت -أعلى الترويسة- يقول: "مجزرة بشعة لكمين شرطة في بني سويغف.
 
بينما المانشيت أسفل الترويسة يقول: "احتفالات 25 يناير في حماية الجيش والشرطة.. الاحتفال سيتحول إلى مظاهرة لتكليف السيسي رئيسا لمصر.. 450 ألف ضابط وجندي من الجيش والشرطة لحماية المتظاهرين وتأمين الاحتفال.. 18 فرقة عمليات خاصة و32 فرقة مكافحة إرهاب للانقضاض والقتل في الحال على كل من تسول له نفسه تعكير صفو الاحتفال".
 
ولخصت "الشروق" المشهد في قراءتها الملونة للحدث المصري في إعادة تأهيل لجهاز الشرطة، ووصم المخالفين بالإرهاب إذ جاء المانشيت :"الإرهاب يضرب الأبرياء في عيد الشرطة ببني وسسويف".. مع صورة فوتوغرافية كبيرة لأهالي الواسطي، وهم يشيعون شهداء الشرطة ببني سويف.. الرئيس يتوعد : سننتصر على الإرهاب كما حدث في التسعينيات.. وإبراهيم: الإخوان يعدون المكائد، ويبثون الفتن.
 
شركاء الثورة يتصارعون على تحرير 25 يناير
 
ورسمت "الشروق" صورة سيئة لشباب الثورة فنشرت هذا التقرير: "شركاء الثورة يتصارعون على تحرير 25 يناير.. الإخوان يهددون: سنقتحم الميدان.. والدولة ترد بخطة تأمين فوق العادة.. مقتل طالب وإصابة آخر في بروفة عنف إخوانية بجامعة الإسكندرية.. وغير بعيد جاء هذا الخبر :الببلاوي من دافوس: أؤيد ترشيح السيسي للرئاسة.. رئيس الوزراء: سيكون مرشحا يمكن الاعتماد عليه والقرار النهائي للشعب".
 
وفي السياق ذاته -بالجريدة نفسها- نُشر هذا الثقرير: "الخارجية والداخلية تنتقدان تقرير العفو الدولية عن الانتهاكات.. بدر: إدعاءات مرسلة تعكس الاستخفاف بإرادة الشعب.. ومصدر أمني: تقارير تعتمد على ما تنشره الصف والفيس بوك".
 
التحرير: لا عودة إلى الدولة البوليسية
 
غير بعيد أبرزت جريدة "التحرير" في عناوينها -أعلى الترويسة- قول عدلي منصور: لا عودة إلى الدولة البوليسية.. وكل ما ثار عليه الشعب إلى زوال.. السيسي: ثورة يناير فجرتها إرادة الشعب وحمتها القوات المسلحة".
 
وهو السياق نفسه الذي "لعبت" فيه "الوفد" بعناوينها التي قالت: "منصور: مصر لكل أبنائها ولا مكان بيننا لاحتكار الدين أو الوطن.. والسيسي: حياة الشعوب لا يصنعها التجار.. ووزير الداخلية: الإخوان قفزوا على ثورة الشعب لبناء كيانهم الخائن على أنقاض الوطن.. واللواء مدحت الشناوي مدير العمليات الخاصة: الموت لمن يهاجم الأقسام أو السجون.. واستشهاد 5 في هجوم إرهابي على كمين شرطة في بني سويف.. وقتيل في اشتباكات الإرهابية بالإسكندرية والبحيرة".
 
ذلك مع موضوع في قلب الصفحة الأولى بعنوان: حقك يا شهيد في رقابنا.. أذرع الخيانة تواصل العبث والمعركة مستمرة ضد الإرهاب".
 
الوفد: دعوة لتجاوز أخطاء الشرطة
 
ولاحظت "الوفد" غياب المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق ورئيس المجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، والفريق سامى عنان رئيس أركان القوات المسلحة السابق، عن احتقالية القوات المسلحة فى الذكرى الثالثة لثورة يناير.
 
ونقلت "الوفد" -في الوقت نفسه- تصريحات لحمدى الفخرانى رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، شدد فيها على ضرورة نزول الشعب المصرى للاحتفال بذكرى 25 يناير، لافتا إلى أن الشعب المصرى قد تصالح مع الشرطة بالقول: "على المصريين تجاوز أخطاء رجال الشرطة السابقة لأنها قدمت الكثير من رجالها شهداء لحماية مصر والمصريين"!
التعليقات (0)

خبر عاجل