مقالات مختارة

إسرائيل الرابح الأكبر

رندة حيدر
1300x600
1300x600
كانت للحرب الاهلية السورية الدموية حتى الآن تأثيرات ايجابية على الوضع الامني الإسرائيلي. فهي في الدرجة الاولى قضت على الخطر الذي كان يشكله الجيش السوري النظامي عليها، وساهمت في تخليص إسرائيل من خطر ترسانة الاسلحة الكيميائية التي هي في حوزة هذا الجيش، وأضعفت الى حد كبير المكانة السياسية لنظام بشار الأسد أكبر حليف لإيران في المنطقة.

من جهة اخرى، ساهمت هذه الحرب بصورة غير مباشرة في اضعاف حركة "حماس" التي اضطرت الى اخلاء مكاتبها في دمشق بسبب مواقفها المؤيدة للمعارضة السورية، الامر الذي جعلها تخسر تأييد طهران ودعمها المالي والعسكري. وقد ترافق هذا مع الخسارة الاساسية التي منيت بها "حماس" من جراء سقوط حكم "الإخوان المسلمين" في مصر، ومجيء الحكم العسكري الذي يناصب "حماس" العداء الشديد ويعتبرها الذراع العسكرية لـ"الإخوان" في غزة والمحرض على العمليات الارهابية ضد القوات المصرية في سيناء.

ولكن من أهم النتائج التي أسفرت عنها الحرب والتي صبت في مصلحة إسرائيل، الضائقة التي يمر بها "حزب الله" في الفترة الاخيرة نتيجة تورطه في القتال الى جانب نظام الأسد في الحرب في سوريا، واستهدافه بعمليات انتحارية من جانب المجموعات الجهادية السنية داخل معقله في الضاحية الجنوبية.

في رأي المسؤولين الإسرائيليين ان "حزب الله" يواجه في المرحلة الحالية أكبر ازمة عرفها منذ تأسيسه في الثمانينات بسبب تورطه في القتال الى جانب الأسد ضد ما يصفه بالمجموعات "الارهابية" التكفيرية، الامر الذي زعزع صدقيته وصورته كحزب مقاوم وسط الشارع العربي، وداخل لبنان، والصق به طابعاً طائفياً بغيضاً.

لا يهم إسرائيل كثيراً الضرر المعنوي الذي لحق بصورة الحزب، بل الضرر العسكري والتنظيمي والشعبي. فوجود ما يقدر بنحو 4000 مقاتل من الحزب اليوم في سوريا لا بد ان تكون له انعكاساته على عديد قواته المنتشرة في جنوب لبنان. وترجح تقارير استخبارية غربية ان نحو 10 الآف مقاتل من الحزب شاركوا حتى الآن وفي فترات متقطعة في القتال في سوريا. وقد حولت الحرب السورية الجناح العسكري للحزب الى نوع من جيش نظامي يخوض معارك كر وفر شبيهة بتلك التي كان يخوضها هو نفسه ضد الجيش الإسرائيلي في الجنوب قبل انسحابه من لبنان. واذا كان ذلك يعزز تجربته القتالية، الا انه ايضاً يستنزف قدراته البشرية.

والاخطر من هذا كله أن تورط "حزب الله" في الحرب السورية اضعف كثيراً خطره على إسرائيل. ويبدو انه كلما طال أمد الحرب السورية، اصبح دور الحزب في مقاومة إسرائيل ذكرى من الماضي.

(النهار اللبنانية)
التعليقات (0)