سياسة عربية

والدة الطبيب البريطاني عباس خان تطارد وفد الأسد بجنيف

فاطمة خان تتحدث للصحفيين أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف الأربعاء (أ ف ب)
فاطمة خان تتحدث للصحفيين أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف الأربعاء (أ ف ب)

استمرت والدة الطبيب البريطاني الذي قتل في سجون نظام السوري، عباس خان، بمطارد وفد النظام السوري إلى مؤتمر "جنيف2"، على مدى أيام المؤتمر، حيث كررت عليهم سؤالا واحدا على مرأى من الصحفيين الذين يتواجدون بكثافة: لماذا قتلتم ولدي.

ويظهر أحد التسجيلات الذي بثته محطة "سكاي نيوز" البريطانية فاطمة خان وهي تواجه أعضاء في وفد النظام السوري بعد خروجهم من المبنى، في حين بدا عناصر الوفد وهم يهرعون بسرعة إلى سياراتهم.

وكانت السلطات السورية قد أعلنت في 16 كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن وفاة الطبيب خان، وادعت أنه شنق نفسه في السجن، لكن عائلته تكذّب هذه الرواية وتتهم النظام السوري بإعدامه قبل أربعة أيام من الموعد المفترض لإطلاق سراحه.

وعقدت والدة الطبيب البريطاني من أصل هندي؛ مؤتمرا صحفيا في مقر الأمم المتحدة في جنيف. كما تلاسنت مع المرافقين الإعلاميين لوفد النظام السوري. وبدت في إحدى الصور وهي توجه سؤالها إلى إحدى المرافقات للوفد، في حين حاول مرافقون لوالدة عباس خان تهدئتها.

وفي مقابلة أخرى نشرت على يوتيوب، كررت فاطمة خان تأكيدها بأن متحدثا باسم بثينة شعبان قال لها عندما اتصلت به: "نعم نحن قتلنا ابنك"، مشيرة إلى أنه كان بحوزتها الرقم الخاص لهذا المتحدث، إضافة إلى مسؤولين آخرين حسب قولها.

وكانت خان قد قالت لتلفزيون "بي بي سي" في وقت سابق إن متحدثا باسم شعبان قال لها: "نعم قتلنا ابنك.. اذهبي إلى بريطانيا وقولي لهم أننا قتلناه وإذا كان لديهم ما يريدون السؤال عنه فليأتوا إلينا".

وفي المقابلة الجديدة المنشورة على يوتيوب، ذكرت خان أنها التقت بثينة شعبان شخصيا في سورية، لكنها لم تساعدها في رحلة البحث عن ابنها. وقالت خان وهي تمسك بثوبها: "كنت أرتدي هذا الثوب نفسه عندما التقيتها، ولذلك ارتديته اليوم لكي تتذكرني.. لقد سلمتها رسالة من (النائب البريطاني) جورج غالوي.. إنها كاذبة"، وذلك ردا على نفي شعبان عبر وسائل الإعلام أنها التقت بها. وقالت خان إن شعبان "حطمتني.. لقد قالت لي عندما التقيتها لماذا دخل ابنك سورية بشكل غير شرعي".

كما أكدت أنها التقت مسؤولين آخرين بينهم جودت علي، مدير مكتب نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، الذي قالها أيضا في وزارة الخارجية: "نعم نحن قتلنا ابنك غير لأنك لم تربيتك له كانت خاطئة"، وتابعت باستنكار: "تربيتي كانت خاطئة لأني جعلته يعمل في المساعدة الإنسانية.. جعلته يذهب لمساعدة النساء والأطفال".

وقالت خان إنها التقت أعضاء آخرين في وفد النظام السوري في جنيف، بينهم سفير النظام السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري.

وتابعت بغضب: "قالوا لي لقد ارتكب ابنك مخالفة قانونية لأنه دخل بطريقة غير شرعية". لكن خان أشارت إلى ابنها دخل من الحدود الشمالية التي لا تخضع للنظام السوري ولم يُطلب منه تأشيرة.

كما روت خان حوارها مع المرافقين للوفد الإعلامي للنظام السوري الذين قالت إنهم حاولوا "استفزازي"، إنها شعرت أنهم مذنبون.

 وأضافت: "قالت لي إحداهم: لماذا لم يذهب ابنك باكستان.. قلت لها أنا من الهند ولست من باكستان.. فردت علي: ولماذا ذهب إلى سورية وليس إلى الهند أو باكستان". وتابعت خان: "هناك الكثير من البريطانيين الذين ذهبوا لمساعدة المدنيين" في سورية.

وفي مشهد آخر، تبدو والدة عباس خان وهي تنتحب في حالة انهيار عند درج مقر الامم المتحدة في جنيف. تظهر شعبان لتتساءل: "من هي؟"، قبل ان تضيف: "لنبتعد" عندما أجابها أحدهم.

ووقفت فاطمة خان بحماية صحفيين سوريين مؤيدين للثورة، قبالة مرافقين للوفد الإعلامي للنظام السوري، كانوا يتوسطون المكان، فيما بدأ الطرفان بالتلاسن.

"ابتعد!"، يصرخ أحد الموالين للنظام. ويرد عليه معارض: "هنا ليست دمشق، أنت لا تملي إرادتك. هل انتحر الطبيب ولم تقتلوه؟". وتوسط عناصر أمن الامم المتحدة المشهد ورافقوا فاطمة خان بعيدا.

وأوضحت والدة الطبيب لوكالة فرانس برس: "أود ان اسالهم لماذا قتلوا ابني". وقالت الوالدة: "لقد أخذ وبيده حقيبة طبية، وليس قطعة سلاح". وأضافت ان موعد عودته كما هو وارد على تذكرة السفر كان يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.

وتابعت تقول: "طيلة خمسة اشهر بقي في سجن مدني. ثم نقل لمدة ثمانية اشهر الى سجن كانوا يعذبون فيه آلاف الأشخاص ويقتلونهم".

وقد حصلت على تأشيرة وكان بإمكانها ان تزوره في السجن في دمشق في تموز/ يوليو الماضي. "قال لي: أمي، انا طبيب، عامل انساني، وانظري ما فعلوا بي. تخيلي ماذا يفعلون بشعبهم".

وتقول فاطمة خان بأسى: "لم يكن مقاتلا، كان عاملا انسانيا. إذا كانوا لا يفهمون ما معنى مهنة الطبيب، فما كان يجدر بهم ان يكونوا في السلطة". وقالت انها "لا تمثل المعارضة".

وكان الدكتور خان قد سافر لمساعدة اللاجئين السوريين وتدريب مسعفين داخل تركيا قرب الحدود في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 مع قافلة لمنظمة "هيومان إيد" (العون الإنساني) محملة بأدوية ومعدات طبية. ثم قرر الدخول إلى سورية لمعالجة الجرحى في حلب، لكنه احتجز على إحدى نقاط التفتيش التابعة للنظام السوري في حلب في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. واحتجز بداية في فرع للمخابرات العسكرية في دمشق قبل نقله إلى سجن عدرا. وعندما تمكنت والدته من زيارته للمرة الأولى في أيلول/ سبتمبر الماضي كان في وضع سيئ جدا، حيث كان لا يقوى المشي بسبب سوء التغذية والضرب الذي تعرضه له خلال فترة احتجازه.

وقد اعيدت جثة ولدها الى بريطانيا في 22 كانون الأول/ ديسمبر وبعد تشريح الجثة دفن الطبيب في 26 من الشهر نفسه. ومن المقرر عقد جلسة قضائية في 27 شباط/ فبراير المقبل حول ملابسات وفاته التي اظهرها التشريح.

وفاطمة خان مهاجرة هندية في بريطانيا. وقالت: "عملت بكد لكي يصبح طبيبا وقتلوه. كنا فقراء للغاية، نعمل بكد، كنت أطهو وأبيع الطعام لكي أسدد كلفة دروسه الخاصة، وها قد فعلوا ما فعلوا".

وكانت فاطمة خان قد قالت في مقابلة سابقة مع صحيفة "الغارديان" الشهر الماضي إنها تعرضت للابتزاز في سورية حتى بعد مقتل ابنها في السجن، حيث اضطرت لدفع نحو 27 ألف دولار كرشاوى لكي يُسمح لها باستعادة جثته ونقلها إلى بريطانيا.

وحاول سياسيون وصحفيون بريطانيون تربطهم علاقة جيدة بالنظام السوري، مثل النائب جورج غالوي الذي قال أنه كان يستعد للذهاب إلى دمشق لاستلام الطبيب البريطاني، والصحفي روبرت فيسك، تبرئة الرئيس السوري بشار الأسد من الأمر بقتل خان، مرجحين أن جهات أمنية خارجة عن سيطرة الأسد ربما تكون مسؤولة عن مقتله، مستبعدين في الآن ذاته فرضية الانتحار.

وكان غالوي قد وعد أسرة خان بإطلاق سراحه، وقال إنه كان قد حجز تذكرة الطائرة للسفر إلى سورية لاستلامه قبل أن يتبلغ بخبر مقتله.

التعليقات (0)