مقالات مختارة

عن الولد والفتوى !

محمد الرطيان
1300x600
1300x600
هنالك حملة شرسة على ما يُسمى (شيوخ الجهاد) لا أفهم دوافعها، ولا توقيتها، ولن أدخل في تفاصيلها.. تريد أن تقول لنا باختصار مخل: أن آلاف الشباب غررت بهم (فتوى) الشيخ فذهبوا إلى الساحات المضطربة وأصبحوا وقودا لحروب لا يفهمون تفاصيلها، ولا يعرفون أسباب اشتعالها.
حسناً، لنفترض أن "فتوى شيخ" هي السبب فيما يحدث..
- لماذا ذهب هذا "الولد" -من هذا البيت تحديدا- ولم يذهب بقية الشباب في الحيّ؟
ألا تنظرون إلى تفاصيل حياة هذا "الولد" وطريقة تربيته، في البيت والمدرسة، وتفاصيل حياته الاجتماعية، ومستوى دخله، وكيف تشكّل ثقافياً، حتى أصبح جاهزاً لـ(فتوى) تنشر عبر الانترنت: تحركه كما تشاء؟
- هذا الولد "غررت" به فتوى.. إذاً، ماذا ستقولون عن رجل تجاوز عمره الأربعين قرر أن يجاهد؟!
نحن عندما نركز على (الفتوى) نهرب من المشكلة، وننقذ أنفسنا من الصداع الذي يجلبه التفكير، والمشاكل التي تجلبها الأسباب المختلفة.. نراوغ، ونعلق المشكلة -بكل حمولتها وأسبابها- على شماعة واحدة: "فتوى الشيخ" !
هذا الولد -في البيت، في المدرسة، في المجتمع، في وسائل الإعلام - تشكّل بهذا الشكل..
الكثير من السنوات، والآلاف من المطويات والأشرطة، ومواقع الانترنت، والمناهج.. حوّلته من إنسان إلى قنبلة موقوتة.
هذا "الولد" ابن ثقافة عامة جميعنا شاركنا بإنتاجها، وصنعته بهذا الشكل.
ما هو النشاط العام الذي يستطيع أن يشارك به هذا " الولد" دون أن ينظر له على أنه خارج عن القانون؟
هل هنالك مساحات حرة من الفرح والبهجة والابتكار يستطيع أن يشارك بها هذا "الولد" ؟
هذا "الولد" ابن (الخطاب) الذي روّجناه طويلاً وصفقنا له كثيراً..
هذا "الولد" ضحية الخطاب الذي نحاول إعادة صياغته، دون أن نفكر بخطاب مختلف!
هذا الولد "ولدنا".. فإذا فشل، فالمؤسسات كافة فشلت في تربيته والمحافظة عليه.
وفي الختام أريد أن أسألكم:
لماذا يثق هذا الولد بفتوى الشيخ الجهادي، ويصدقها، ويتبعها.. وهناك عشرات الفتاوى على النقيض تحرضه على عدم الذهاب؟!!
ستشعر لحظتها أن علاقة هذا الولد مع أي شئ رسمي -حتى في الدين- مهزوزة!

[email protected]

*نقلاً عن صحيفة المدينة السعودية 10/2/2014
التعليقات (0)