مقالات مختارة

من أوكرانيا إلى سوريا... مع الدم!

راجح الخوري
1300x600
1300x600
الزمن ليس زمن "ربيع براغ" الذي سحقته الدبابات السوفياتية عام 1968 ولا زمن ارسال المدرعات لتأديب جورجيا عام 2008، ولكن ما ارتعد منه الكرملين في تلك الايام، يتكرر اليوم في اوكرانيا التي تستعيد فصول الثورة البرتقالية التي حملت المعارضة الى السلطة عام 2004.

 ليس سراً ان فلاديمير بوتين الذي يدعم الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش ويحضّه على سحق المعارضة، يعتبر ان كييف هي خط دفاع متقدم عن موسكو، وان رياح الغرب التي تعصف في جورجيا واوكرانيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا، يمكن ان تهب داخل روسيا التي خرجت من الشيوعية لكنها تحاول ان تحافظ على قبضة نفوذ اقليمية.

 لهذا لم يكن غريباً ان يعد بوتين حكومة يانوكوفيتش بدعم يصل الى 15 مليار دولار في وجه المعارضة وفي رفض تطبيق الاتفاق بين اوكرانيا ودول المجموعة الاوروبية، وفي المقابل لم يكن غريباً ان تلقى المعارضة دعماً سياسياً ومعنوياً من اميركا والاوروبيين في تمسكها بالاتجاه غرباً، ولهذا تبدو اوكرانيا كما بدت جورجيا من قبل وكأنها اشبه بصفحة تكاد تتمزق بين الشرق والغرب، فلم يكن قليلاً ان تؤدي الاشتباكات بين المعارضة ورجال الامن في وسط كييف الى سقوط 70 قتيلاً وجرح اكثر من 285 شخصاً وهو ما يضع البلاد على حافة حرب أهلية.

 كان من المثير ان يشاهد المرء على شاشات التلفزيون صور الاصطدامات والحرائق في اوكرانيا، الى جانب صور الشرطة الروسية وهي تنهال بالضرب على فتيات فرقة "بوسي رايوت" اللواتي حاولن التظاهر ضد السلطة في سوتشي، فثمة ما يذكّر هنا بالتظاهرات التي اشتعلت في أيار من العام الماضي مطالبة باستقالة بوتين عشية ادائه اليمين لولاية ثالثة، حيث رفعت شعارات تقول "بوتين عار على روسيا... روسيا من دون بوتين"، وثمة ما يقود الى فهم اسباب خوف الكرملين المزمن من الرياح الغربية التي تعصف داخل دول او شظايا الاتحاد السوفياتي المنهار!

 تتهم المعارضة الاوكرانية يانوكوفيتش بالسعي لبيع اوكرانيا الى روسيا عبر اتفاقات تضمها الى الاتحاد الجمركي للجمهوريات السوفياتية السابقة ومن شأنها ان تسقط اتفاقاً سابقاً للتجارة والتعاون بين كييف والاتحاد الاوروبي، لهذا ليس مستغرباً ان تشتعل الاتهامات بين موسكو والعواصم الغربية على خلفية الازمة المتفاقمة في اوكرانيا.

 يقول جون كيري إن اوكرانيا يجب ان تكون حرة، وان لا تشعر بأنها مكرهة على ما لا تريده من جار أقوى منها هو روسيا الاتحادية. موسكو اعتبرت هذا الكلام لعباً في حدائقها الخلفية، تماماً كلعب روسيا القبيح جداً في حدائق الاميركيين في منطقة الشرق الاوسط، وخصوصاً عندما تقوم بحراسة المذبحة السورية دعماً للنظام ضد الشعب!

(النهار اللبنانية)
التعليقات (0)