ملفات وتقارير

كتاب علمانيون بمصر يشنون حملة للسماح بعرض "نوح"

مشهد من فيلم نوح يظهر فيه الممثل متقمص الشخصية - من الفيلم
مشهد من فيلم نوح يظهر فيه الممثل متقمص الشخصية - من الفيلم
شن كتاب ومفكرون علمانيون مصريون حملة تطالب بالسماح بعرض الفيلم الأمريكي المثير للجدل "نوح"، بدور العرض في مصر بعد أن أصدر الأزهر بيانا أكد فيه أن عرض الفيلم "محرم شرعا، ويمثل انتهاكا صريحا لمبادئ الشريعة الإسلامية التي نص عليها الدستور والأزهر الشريف باعتباره المرجعية في الشؤون الإسلامية"، بحسب البيان.

وقال الأزهر إنه "متمثلا في إمامه الأكبر وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية يجدد رفضه عرض أي أعمال تجسد أنبياء الله، فهذه الأعمال تتنافى مع قامات الأنبياء والرسل، وتمس الجانب العقدي وثوابت الشريعة الإسلامية، وتستفز مشاعر المؤمنين".

لكن الكاتب الصحفى صلاح عيسى سخر من البيان. وقال لجريدة "التحرير" الأربعاء: "مثل هذه البيانات لها علاقة باجتهادات علماء دين، ولا علاقة لها بالدين، فلا أحد من الأزهر شاهد الفيلم، ولا يعرف هل تم تجسيد نوح فعلا أم لا".

وشدد عيسى على أن موقف الأزهر لن يمنع الناس من مشاهدة الفيلم، "فالإنترنت فضاء مفتوح لا أحد يستطيع فرض رقابة عليه. ولا يوجد ما يسمى بحكم شرعي في موضوع تجسيد الأنبياء على شاشات السينما، لأنه فى عهد الرسالة لم يكن هناك سينما أو مسرح حتى يكون هناك نص شرعي يحرم ذلك، وكل ما في الأمر اجتهادات، ويحتاج الأمر إلى إعادة النظر، لأننا أمام ظاهرة جديدة ومختلفة، والمنع لن يكون له معنى، وعلى الأزهر أن يدرك تغييرات هذا الزمن".

ومن جهته، قال الكاتب الصحفي سيد عبد المجيد: "إنه بعد ثورتين لم تعد مصر عزبة لمبارك ورجال الدين، ويقيني أننا سنشاهد نوحا، وأن الحرية ستنتصر لا محالة".
 
وأضاف: "تعامل المؤسسات الدينية أبناء الكنانة كأنهم أطفال رضع.. يحبون، ولا يعرفون مصلحتهم.. لقد وصمونا بالعار قبل سنوات.. ومن المضحكات المبكيات أن فتوى حرمت تمثيل أنتوني كوين لأي شخصية دينية إسلامية كونه يشرب الخمر، وهذا يعني من باب أولى ألا يجسد مسلم شخصية خالد بن الوليد قبل أن يعلن إسلامه، لأنه كان وثنيا يعبد اللات والعزى"، على حد تعبيره.

وتابع -في مقال له بجريدة الأهرام الأربعاء: "اليوم، جاء الدور على شريط نوح لندور في فلك العقول المتحجرة لذات الحجج البالية.. والذي يدعو إلى الأسى أن جميع الأعمال التي منعت يمكن رؤيتها بكل بساطة على الشبكة العنكبوتية".

كما هاجم الكاتب الروائي يوسف القعيد الأزهر. وقال إنه ليس جهة موافقة أو رفض بموجب القانون والدستور، بل هو جهة دعوية تحافظ على صحيح الإسلام، وبالتحديد الحفاظ على القرآن والأحاديث".

وأضاف القعيد -حسبما نشرت جريدة "التحرير" الأربعاء- أن الرقابة هي المسؤولة، برغم أن استمرار وجود الرقابة حتى وقتنا، هذا أمر مضحك.

وتابع: "لا أفهم موقف الأزهر وإصداره بيانا في قضية لا تندرج في اختصاصاته، خصوصا أن أفلاما أخرى لها علاقة بالدين عُرضت مثل فيلم (الوصايا العشر)، و(آلام المسيح)، ومسلسل (عمر)، والأزهر حينها كان موجودا، ولم يصدر عنه أي رد فعل، فالمسألة لها علاقة بلفت الأنظار فقط"، متمنيًا أن تلتزم الكنيسة الصمت، وأن لا تفعل مثل الأزهر، وتصدر هي الأخرى بيانًا حول الفيلم.

ودافعت الكاتبة الصحفية رانيا حنفي عن عرض الفيلم. وقالت إن "نوح" ليس تأريخاً لحياة سيدنا نوح عليه السلام، ولا هو وصف لحياته، فالفيلم يناقش قصة حياة رجل صالح اسمه "نوح" وتدور الرؤية من خلال سفينة يركبها من هو صالح، ومن هو غير ذلك. ولم يقل في الفيلم إطلاقاً إنه رسول كما لم تتم الإشارة لذلك، بل هو عبارة عن رؤية لعهد قديم، ولم يستوح أحداثاً أو قصصاً من القرآن أو التوراة.

وتساءلت: "إذا أردنا ان نعبر عن الأمر بشكل عملي بعيدا عن الدين أو بعيدا عن غيرتنا على تجسيد حياة الأنبياء والصالحين، لماذا لا نعتبر أن الفيلم الذي تم تصويره بتقنية عالية، وموْثرات سمعية وبصرية قد يساعد ويحفز ويثير فضول أولادنا لمعرفة قصة نبي من أنبياء الخالق عزوجل"؟

إلى ذلك، طالبت "جبهة الإبداع المصري" بعرض الفيلم بحجة أن فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية "لا تزال حتى الآن اجتهادا من الشيوخ والفقهاء، واجتهادا في التأويل".

وفي إشارة إلى مطالبة الأزهر بمنع عرض الفيلم، قالت الجبهة إن دور الأزهر الشريف هو نهي الجمهور عن مشاهدة الفيلم أو التحذير من ذلك، وهذا يدخل في نطاق "الدعوة وليس المحاكمة، ففهمنا لدور الأزهر أو الكنيسة أو المؤسسات الدينية هو الدعوة للدين لا إقامة ما يرونه صحيحا بالقوة". 

وتابع البيان أن الذي يشاهد الآن الممثل راسل كرو في الشارع، ويعتقد أنه "سيدنا نوح شخصيا" يحتاج إلى العلاج النفسي، وأن التعامل الصحيح مع الفيلم لا يكون بمنعه عن ملايين الأصحاء ذهنيا المدركين لماهية السينما.

وكانت دور العرض المصرية أعلنت موعد عرض فيلم "نوح" الأربعاء 26 آذار/ مارس الجاري، بينما سيعرض بدور العرض في الأرجنتين ولبنان وروسيا والبرتغال وصربيا وأستراليا يوم 27، وتم الإعلان عن عرضه بدور العرض الأمريكية يوم 28، ويعرض بنفس اليوم في كندا وكولومبيا والهند والمكسيك.

 ويقوم ببطولة الفيلم راسل كرو، وإيما واتسون، وجينيفر كونولى. وهو من إخراج دارين أرنوفسكى. وقد صُور في أيسلندا ونيويورك، ويشارك أرونوفسكي في تأليف الفيلم الملحمي كل من أري هاندل وجون لوجان.

ويسلط المؤلفون الثلاثة خلال القصة الضوء على "الطوفان" وإنقاذ البشرية من الفناء، وبذل المخرج ومساعدوه جهوداً كبيرة لتوفير أنواع الحيوانات كافة، التي اضطر النبي نوح عليه السلام لحملها على متن سفينته للحفاظ على جميع الأنواع من الفناء.

وكان من المقرر أن يكون الفيلم من بطولة الممثل كريستيان بيل، لكنه اعتذر بسبب جدول أعماله المزدحم هذا العام، فوقع اختيار المخرج على رسل كرو. وإلى جانبه في بطولة الفيلم هناك نجوم كبار من أمثال إيما واتسون ولوغان ليرمان وآنتوني هوبكينز.

واستخدم أرونوفسكي أحدث برامج المونتاج والغرافيك في إخراج الفيلم، لإظهار الطوفان كما تخيلته عقول البشرية عبر آلاف السنين.

وكانت شركة باراماونت المنتجة للفيلم كشفت عن أن ثلاث دول عربية حظرت عرضه قبل عرضه الأول في أنحاء العالم، وتوقعت أن تحذو دول عربية أخرى حذو هذه الدول، في وقت تشهد القاهرة هذا الجدل بين الأزهر الذي يطالب بمنعه، وعلمانيين يؤيدون عرضه.
0
التعليقات (0)