سياسة عربية

خطاب "برتوكولي" مكرر للزعماء العرب في قمة الكويت

رئيس الائتلاف الوطني السوري قال إن إبقاء المقعد خاليا يصب في صالح الأسد- الأناضول
رئيس الائتلاف الوطني السوري قال إن إبقاء المقعد خاليا يصب في صالح الأسد- الأناضول
سيطرت العبارات العامة المرسلة على خطابات ممثلي الدول المشاركة في القمة العربية الخامسة والعشرين المنعقدة في الكويت، بمشاركة 14 من رؤساء وقادة الدول العربية، وغياب ثمانية قادة عرب، في ظل خلافات عربية- عربية تخيم على أجواء القمة، أبرزها الأزمة الخليجية-القطرية، والخلافات القطرية المصرية.

وذهب زعماء إلى تكرار مواقفهم السابقة، متجنبين مواطن الخلافات؛ مما أعطى للاحتفالية مظهرا بروتوكوليا، يعبر بوضوح عن الانقسامات والاستقطابات التي يشهدها الوطن العربي.

وكان لافتا إدانة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور للعدوان الإسرائيلي على غزة، ومطالبته برفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في القطاع، بخلاف ما تقوم به سلطات الانقلاب في بلاده على أرض الواقع من تشديد الخناق على غزة والتحريض الاعلامي المستمر عليها.

وقال منصور في كلمته الثلاثاء أمام الجلسة المسائية للقمة، إن "القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا المحورية المركزية، متطلعا أن تسفر القمة عن "تأكيد موقفنا العربي الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية".

وتأتي مناشدات منصور برفع معاناة أهل غزة بالتزامن مع إغلاق السلطات المصرية معبر رفح الواصل بين قطاع غزة ومصر بشكل شبه كامل في وجه "المرضى وأصحاب الحالات الإنسانية" –بحسب تصريح رسمي لهيئة المعابر التابعة لوزارة داخلية في غزة- منذ انقلاب قادة الجيش على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي.

ودعا منصور من "يقفون على الجانب الخاطئ" –كما سماهم- إلى أن يراجعوا مواقفهم ويصححوا موقفهم؛ في إشارة منه إلى عدم اعتراف قطر وتونس ودول أخرى بالسلطات المصرية الحالية التي جاءت بعد 3 تموز/ يوليو الماضي، بانقلاب نفذه وزير الدفاع/ القائد العام للجيش عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب/ القائد الأعلى للجيش د.محمد مرسي.

من جانبه، دعا الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي الدول العربية إلى تأسيس اتحاد عربي على غرار الاتحادين الأوروبي والإفريقي، وإنشاء برلمان عربي حقيقي على شاكلة البرلمان الأوروبي.

وذهب المرزوقي إلى أن معالجة الإرهاب "لا تكون بالقوة، وإنما بمعالجة أسبابه بالسياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة".

وفي كلمة له نيابة عن العاهل المغربي محمد السادس، قال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، أمام الجلسة المسائية للقمة العربية الخامسة والعشرين التي تستضيفها الكويت، إن "ما يحدث في سوريا كارثة إنسانية ستظل وصمة عار على جباهنا".

وأضاف بنكيران: "شهد العالم العربي تحولات عميقة تمخضت عنها تغيرات متفاوتة، غير أن الابتعاد عن التوافق، وتنامي النزاعات المذهبية والطائفية قد أدى إلى إحباط الشعوب وتطلعاتها".

واتهم الرئيس السوداني عمر البشير في كلمته، الثلاثاء، أطرافا لم يسمها بالسعي إلى تأجيج الفتن في بلاده، موضحا أن "شعب السودان يواجه حملة مغرضة للنيل منه، وتأجيج الفتنة والحروب بين أبنائه، لفرض حصار جائر عليه".
  
انقسامات دون مناقشات 

وفي السياق نفسه، قال مشاركون في القمة إن هناك انقسامات حول موقف عدد من الدول العربية من الانقلاب على الشرعية في مصر، وكيفية التعامل مع الأزمة السورية وتعريف "الإرهاب" في المنطقة.

وتميل دول الخليج إلى إبعاد خلافاتها عن المناقشات العامة، وهو ما أضفى حساسية خاصة على قرار السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين سحب سفرائها من قطر في وقت سابق هذا الشهر.

وعرضت الكويت التي احتفظت بسفيرها في الدوحة الوساطة في النزاع، آملة إنجاح القمة التي تستضيفها دون حدوث مزيد من الانقسامات.

وقبيل افتتاح القمة وقف أمير الكويت وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة وهو يتوسط ولي عهد السعودية وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني وأمسك بيد كل منهما في مسعى لابراز روح التضامن والمصالحة.

وقالت وكالة الأنباء السعودية إن ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود غادر الكويت، الثلاثاء، بعد أن ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية. وقال مساعد إن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ظل في الكويت.

لكن مسؤولا كويتيا قال إن جدول أعمال القمة العربية لن يتضمن النزاع بين قطر وجيرانها.

وسئل خالد الجار الله وكيل وزارة الخارجية الكويتي عما إذا كان هذا الخلاف سيثار في القمة، فقال للصحفيين إن المصالحة الخليجية والقضايا الخليجية هي قضايا تبحث داخل البيت الخليجي.

وقال مسؤولون بالحكومة الكويتية إن أمير الكويت لم يقم بأي محاولات وساطة على هامش الاجتماع الرئيسي.

شغور مقعد سوريا 

ظل المقعد السوري شاغرا خلال جلسة، الثلاثاء. وقال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا إن إبقاء المقعد خاليا يصب في مصلحة بشار الأسد.

وأكد الجربا في كلمته أمام القمة "أن إبقاء مقعد سوريا بينكم فارغا يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى الأسد، الذي يترجمها على قاعدة اقتل اقتل والمقعد ينتظرك بعد أن تحسم حربك".

وطلب الجربا من الدول الغربية الضغط على القوى الخارجية لتزويد المعارضة بالأسلحة الثقيلة، وتكثيف الدعم الإنساني للسوريين المتضررين من الصراع.

من جانبه، اعتبر عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والناطق باسمه، لؤي صافي أن الموقف العربي تراجع تجاه الائتلاف، داعيا إلى إعطاء الائتلاف مقعد سوريا في الجامعة العربية".

ورأى أن سبب التراجع تجاه سوريا والائتلاف هو "الانقسام العربي ووجود دول عربية عديدة (دون تسميتها) تعارض منح الائتلاف المعارض مقعد سوريا في الجامعة"، لافتا الى أن "الموقف الدولي المنقسم أثر سلبا في الموقف العربي في هذا الشأن".

وأشار إلى أن "محامي الائتلاف هيثم المالح أكمل كل الإجراءات القانونية المطلوبة؛ من أجل حصول الائتلاف على مقعد سوريا في الجامعة العربية"، معربا عن "استغرابه" لعدم تنفيذ قرار الجامعة العربية منح المقعد السوري فيها للائتلاف.

وأشاد صافي بـ"الدور القطري المشرف والداعم للشعب السوري"، مؤكدا أن "مقر الائتلاف ما يزال في تركيا، وأن ما قيل عن إمكانية نقل مقر الائتلاف الى خارج تركيا مجرد إشاعات باطلة".

وشدد على أن الائتلاف مستمر بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، بالرغم من إدراجها جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب، مبينا أن تعميم هذا القرار على المعارضة السورية التي تضم الإخوان "يخل بإمكانية تطبيق هذا القرار وبحكمته".

وأمل ألا يتم التعامل مع الجميع في إطار واحد ضمن هذا القرار؛ "لأن سوريا لها خصوصياتها في هذا الشأن".

وكانت المملكة العربية السعودية أدرجت جماعة "الإخوان المسلمين" على لائحة الجماعات والتنظيمات الإرهابية المحظورة التي شملت أيضا "تنظيم القاعدة" وفروعه في اليمن والعراق وسوريا، إضافة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم "جبهة النصرة"، وحزب الله في السعودية، والحوثيين في اليمن.

واعتبر أن أي انتخابات في سوريا يجريها نظام الأسد ستكون "غير شرعية، وعبارة عن مسرحية في بلد فيه صراع عسكري، نصف سكانه لاجئون".

يذكر أن الانتخابات الرئاسية في سوريا ستجرى حزيران/ يونيو المقبل. ومنذ آذار/ مارس 2011 تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 40 عاما من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة.

غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف المظاهرات ضده؛ وهو ما دفع بالبلاد إلى معارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة، حصدت أرواح نحو 150 ألف شخص -بحسب إحصائيات المنظمات الحقوقية التابعة للمعارضة-.

ولسنوات طويلة ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يهيمن على القمم العربية، وكان لأغلب الدول العربية موقف مشترك من هذه القضية. لكن ثورات "الربيع العربي" التي بدأت عام 2011 أدت إلى استقطاب حاد في المنطقة.

ورفع الشيخ نواف الأحمد الصباح ولي العهد الكويتي الجلسة المسائية لأعمال الدورة الـ25 للقمة العربية العادية، مختتما اليوم الأول للقمة، على أن يستكمل القادة ورؤساء الدول اجتماعاتهم صباح الأربعاء.
التعليقات (0)