مدونات

إنّا لفراقكِ يا "ميادة" لمحزونون

الحلبي
الحلبي
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنّا لفراقكِ يا ميادة لمحزونون.. بقلوب مؤمنة وصبر جميل ينعي الوطن زهرة متفتحة ندية سقطت مضرجة في دمائها بأحداث "جمعة الخلاص"، ويا لهول الخبر المفجع الذي أرق الملايين والمشهد المفزع الذي تقطعت له نياط القلوب، وانفطرت له ألما وحسرة بعدما اغتالت الأيدي الآثمة الصحفية الشابة ميادة أشرف (الابنة الوحيدة لوالديها) لتدفع ثمن الحقيقة من دمها الزكي وحياتها البريئة.
 
الصحفية الشابة كل جريمتها أنها حملت بين يديها كاميرا صغيرة أبى القَتَلة أن تصل صورهم البشعة ووجوههم الكالحة القبيحة إلى وكالات الأنباء ليشهد العالم ما يدور على أرض مصر.. هذه الكاميرا ستظل شاهدة على القاتل، ناقمة عليه وليعلم كل حي أن دماء ميادة ستظل لعنة على قاتليها تطاردهم في كل وقت وفي كل حينٍ، ولن يفلتوا من جريمتهم النكراء في الدنيا، الدم بالدم والحُرمات قصاص، وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابا عظيما، ذلك وعد الله الذي لن يخلفه.
 
يا حسرة على العِباد أَلِحُكمٍ جائر زائف باطلٍ يُثخِنون الناس جِراحا، ويقتلون الأبرياء، ويهدمون الكعبة حجرا حجر، أيها الإعلاميون المتخاذلون، غدا تدور عليكم دائرة السوء، وتضيع دماؤكم هباء منثورا إن لم تقولوا قولة الحق عند سلطان جائر، انتفضوا لدماء ميادة وكل شهيد وشهيدة، ولا تأخذكم في الله لومه لائم، فالخنوع لا يعلو هامة ولا ينصب قامة، والرصاص لن يحصد أرواحا بقي لها من الزمن طرفة عين، أتخشون مديرا أو وزيرا، وتكتمون الحق والله أحق أن تخشوه، تبا لكم ولمناصبكم المرموقة ولِما تعبدون من دون الله.
 
أيها الصحفيون: "ميادة" ما هي إلا رمز، قتل "ميادة" عار عليكم، قتل "ميادة" وحيدة والديها في محل عملها كصحفية ميدانية سبة في جبينكم أبد الدهر إن لم تأخذوا بحقها من السفاح الذي أرداها قتيلة دون أدنى ذنب ارتكبته، لتسقط الزهرة الندية برصاص غادر وتصعد روحها لتشكو إلى ربها هول الفدح وعِظم الخطب، وسوء المنقلب في زمن الخِسة والردة والعار، قسما بالله على يقين أن هذا القناص "الخسيس" سيقتص الله من بصره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن المقبوحين.
 
"ميادة" سقطت مُسجلة للتاريخ بالأمس ملحمة بطولة في زمن النذالة، وسقطت الكاميرا موثقة دماء الشهيدة الجديدة التي سالت على الأرض وفي أقصى يمين الصورة ثوبها المعطر، وتوقف شريط الكاميرا على هذا المشهد، اللهم أرنا في عزيز قاتلها قارعة من عندك تُثلج بها القلوب وتشفِ بها الصدور، اللهم أرنا فيه الوعد وبأسك الذي لا يرد، اللهم لا تُمهله ولا تبلغه غاية وأجعله لمن خلفه آية، اللهم يا من وُكلت بفرعون وقارون وشارون، اللهم تول أمره وأطل عُمره وأجعله يطلب الموت فلا يجده.
 
اللهم تغمد "ميادة" بواسع رحمتك وجميل عفوك وغفرانك، وتقبلها من الشهداء الأخيار الأبرار الذين تُفتح لهم السماء، وألحقنا بها غير خزايا ولا مفتونين، وأرخِ اللهم على أهلها الصبر والأجر والسلوى يا رب العالمين .. وختاماً .. وداعاً ميادة .. لا نقول إلا ما يُرضي ربنا تبارك وتعالى وجهه الكريم (إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
التعليقات (1)
سمير ابراهيم
الإثنين، 31-03-2014 11:48 ص
بارك الله فيك أستاذ عادل وجزاك الله خيرا على ما قلت وكتبت حقاً انك الإعلامي الصادق وفقك الله
د. حسن مسلم
السبت، 29-03-2014 05:56 م
ما اجمل ما سطرت يدك يا استاذ عادل ياريت كل مسؤل يعرف ان له يوم ربنا هايحاسبه فيه وكما قلت لا نقول إلا ما يُرضي ربنا تبارك وتعالى وجهه الكريم (إنّا لله وإنّا إليه راجعون).