مقالات مختارة

"داعش"وأول سيارة في الإسلام ولا يفل الاعلام إلا الاعلام

بسام بدارين
1300x600
1300x600
كتب بسام بدارين: منقول عن فضائية إلكترونية كتب على شاشتها ‘الفرقان’…سيارة ستيشن رسم على لائحتها ما يلي ‘دولة الخلافة- ولاية الشام’.. الزميل عماد دبك الذي نقل الصورة الحادثة عبر نافذته الفيسبوكية أضاف عبارة هادفة تقول ‘أول سيارة تدخل الإسلام’.

شخصيا، كنت سأحتفل بسيارة دولة الخلافة لو تمكن مسلم ما من صناعتها أصلا ومن غير اللائق أن يقتصر دورنا كمسلمين في ذيل سلم شعوب الأرض على ‘ركوب’ مثل هذه السيارة وهي مصنوعة في كوريا بلاد الكفر وبني الأصفر الممراض.

 أغلب التقدير أن الشباب في دولة الخلافة لم يساهموا في صناعة البرغي الذي يثبت أنبوب الهواء في إطار السيارة وهو برغي ثمنه في أسواق عمان لا يزيد عن ربع دينار وما يتضح من صورة سيارة دولة الخلافة التي إحتفل القوم بلوحتها الجديدة أنها مليئة بعبوات طعام ..على الأغلب هو طعام لحراس الثغور ما دامت دولة الخلافة أصبحت مجرد لوحة على سيارة مصنوعة وراء البحار.

أخبرني صديق قادم من أفغانستان يؤرخ للحرب هناك بأن المجاهدين تمكنوا من طرد قوات الإتحاد السوفياتي بوسيلتين.. صواريخ سام الأمريكية المحمولة على الكتف وسيارات تويوتا رباعية يابانية ‘بك أب’ من طراز ‘غرفتين وحوش’.

شخصيا، أنا مع الجهاد بكل أحواله، لكن أعتقد كإنسان بأن الجهاد الحقيقي يبدأ من صناعة ولو عربة صغيرة او رصاصة أو بندقية خرطوش…هكذا تجاهد الأمم قبل التفكير بقطع الرؤوس والأيدي بسكين أو ساطور تلمع عليه العبارة التي تقول باللغتين ‘صنع في الصين’.

على حد علمي كان الصحابة الذين وصلوا الصين وداسوا ترابها وفتحوا الأندلس يصنعون السيوف ويأكلون مما يزرعون ولم يضعوا على الأحصنة لافتات تتحدث عن دولة الخلافة كتبت على لوحة معدنية مستوردة من أوكرانيا مع عبوات سائل واضح انها من نوع ‘بيبسي كولا’.

هي فقط وجهة نظر أطرحها للنقاش مع الأخوة منظري التيارات السلفية لعلهم يفيدوننا أفادهم الله.

ليلة القبض على مصر

أحصيت ليلة ترشيح الجنرال عبد الفتاح السيسي 37 فضائية على الأقل قامت ببث اللقطة الفريدة التي يظهر فيها الرجل على شاشة تلفزيون الحكومة المصري وهو يعلن إستقالته وترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية بلغة وصفها متحدث اخواني على قناة ‘الجزيرة’ بأنها أقرب لإيحاءات الممثلين وأهل كار الفن.

ليلة القبض على رقبة الشعب المصري ومستقبله من قبل سلطة الإنقلاب – أقصد ليلة ترشيح السيسي وخلعه للبزة العسكرية – شغلت الدنيا والناس، رغم أنها كانت متوقعة تماما ويترقبها القوم في المحيط العربي، إضافة لإنها تشبه مقدمة مسلسل ‘ليلة القبض على فاطمة’، حيث تبدع الفنانة فردوس عبد الحميد وهي تقول في الإشارة ‘إنتم دايما بتنسوا.. ولما جيت أفكركم طلعت مجنونة’.

ما لفت نظري أكثر مذيعة ‘الجزيرة’ الزميلة غاده عويس، وهي تمارس دور ‘النمرة’ في برنامج ‘ما وراء الخبر’ فتستضيف عدة متحدثين الأول مع السيسي ويتحدث من لندن والثاني مع الاخوان المسلمين ويتحدث من إسطنبول، والثالث والرابع أحدهما تحدث من القاهرة بإسم حركة السادس من إبريل ويرفض ترشيح السيسي والرابع يتحدث بإسم حزب إسمه الدستور وموقفه على طريقة نانسي عجرم ‘نص..نص ..نص’.

راوغت عويس بكفاءة وهي تحاول الحصول على ‘جملة وحدة مفيدة’من أي من المتحدثين دون فائدة.. سألت صاحبنا اللندني عن مستقبل مصر في عهد السيسي فتدفق يندد بإرهاب الاخوان المسلمين.. سألت صاحبنا الثاني الجالس في إسطنبول عن الخطة البديلة للاخوان المسلمين فأبلغها بأنه ‘ليس مخولا’ وإندفع يستعرض مذابح السيسي بحق الشعب.

حتى المتحدث بإسم حزب الدستور طاردته عويس في كل زاوية على أمل الحصول منه على موقف يرفض الترشيح إياه فحصلت في كل المرات على إجابة تقول ‘لست ناطقا بإسم الحزب’… سؤالي بسيط لمثل هؤلاء: لماذا تخرجون للناس على الشاشات إذا كنتم لا تملكون الإجابة أو تتهربون منها؟ طبعا نفس السؤال أحيله لمعد البرنامج.

الحياة بدون شاشات

عبر صديق لي عن سروره لأنه إستطاع لمدة 24 ساعة الإسترخاء بعيدا عن شاشات الفضائيات العربية وتحديدا عن محطة ‘القاهرة والناس′ وعن مذيعها سليط اللسان إبراهيم عيسى الذي يصفه الصديق المسيس بأنه ‘خير من يلاعب الاخوان المسلمين ويستهدفهم’.

صديق آخر زارني من فلسطين وقدم لي إكتشافا في غاية الأهمية عندما وضعني بصورة الثمار التي قطفها عندما قرر هو وزوجته منع فتح التلفزيون والإحتجاب عن إدمان ‘الجزيرة’ و’العربية’ وقناة ‘فلسطين’.

النتائج كانت كالتالي: نشاط غير معتاد في المنزل…تحول العلاقة بين الرجل وعائلته إلى علاقة ثقافية نتجت عن قراءة جماعية لثلاثة من أمهات الكتب جميعها عن اليهود وفلسطين.. زراعة ثلاثة دونمات في القرية وتعزيز الروح الوطنية مع إكتشاف في غاية الأهمية وهو دراسة مشروع خاص للزراعة في الهواء بعدما تبين بأن سقف الأرض وليس بطنها فقط يمكن زراعته بمنتجات تدر دخلا كبيرا على الأسرة.

عزيزي القارىء قد يحصل معك أيضا أشياء جميلة لا تخطر في ذهنك إذا توقفت عن إدمان الفضائيات.

التسعود والإعلام العربي

لا أفهم سبب إصرار بعض الأخوة من الإعلاميين والسياسيين السعوديين أو ‘المتسعوديين’ وهم أكثر، على إغلاق قناة ‘الجزيرة’ كشرط أساسي للمصالحة السياسية مع قطر.

ببساطة شديدة: لماذا لا يصنع الأخوة في مملكة خادم الحرمين ‘جزيرة’ جديدة خاصة بهم ‘تبطح’ الجزيرة، التي نعرفها مهنيا وتتفوق عليها وتخرجها من السباق… مش معقول تكون القصة بسبب ‘ضعف الإمكانات المالية’ فأي قطروز يعمل مع امير سعودي من أي حجم يستطيع فتح فضائية عملاقة.

قد نختلف مع ‘الجزيرة’، وقد نتفق، لكن تقليدها وإنتاج محطات أكثر تأثيرا منها خيار متاح لمن لا يملك المال على الأساس المهني فما بالكم بمن يملك الكثير من المال ويحتاج فعلا لأذرع إعلامية نافذة توضح مواقفه وتشرحها، خصوصا إذا كانت غريبة وغامضة وأحيانا متقلبة – أقصد المواقف-.

الدعوة – أي دعوة لإغلاق الصحف ووسائل الإعلام تنتمي للماضي، الذي أكل عليه الدهر وشرب، والإعلام كالحديد لا يمكن الرد عليه إلا بالإعلام.. دون ذلك وعذرا من الجميع ‘كلام فارغ’ وإذا أردتم دليلا إسألوا عن تلفزيون الحكومة الأردنية الذي تعهد في ما يبدو كالفضائية السعودية وزميلتها السودانية الإلتزام الحرفي والأبدي بقاعدة ذهبية واحدة ويتيمة بعنوان ‘العرس دوما وأزلا عند الجيران’.

(القدس العربي)
التعليقات (0)