مقالات مختارة

أثر الحرب السورية على مخيم عين الحلوة

باتريك سايكس
1300x600
1300x600
كتب باتريك سايكس: قتل يوم أمس شخص كان يعمل حارسا لأحد مسؤولي تنظيم فتح الإسلام البارزين، في آخر حادث من سلسلة اغتيالات فجرتها الحرب الأهلية السورية التي هزت أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وقتل علي خليل الذي كان مطلوبا من السلطات اللبنانية برصاص أصاب رأسه في حي الصفصاف في عين الحلوة، الواقع جنوب شرق ميناء صيدا. وتوفي خليل عندما حاول مسؤولون نقله من المخيم إلى مركز لبيب الطبي القريب.

عمل خليل حارسا شخصيا لبلال بدر، وهو مسؤول بارز في فتح الإسلام تلاحقه السلطات اللبنانية، وخليل هو ابن أخ أحد كبار مسؤولي حركة "جند الشام" العاملة في عين الحلوة.

ويعتبر مقتل خليل آخر عمل في سلسلة من الهجمات التي حدثت داخل المخيم الذي كان موضوعا لفيلم وثائقي حظي باحتفاء نقدي "عالم ليس لنا"، حيث قسمت الحرب في الجارة سوريا الفصائل المتعددة فيه حول الموقف من الرئيس السوري بشار الأسد. 

ويأتي مقتل خليل بعد أقل من أسبوع من اغتيال الشيخ عرسان سليمان، الذي كان يترأس جمعية خيرية مرتبطة بالنظام السوري، فيما تم إطلاق النار على كل من العميد جميل زيدان ووسام أبو الكيل، وكلاهما عضو في حركة فتح، وقتلا في هذا العام.

وخلال الاثني عشر شهرا الماضية، تم ربط المخيم بأكثر من حادث عنف ضرب مناطق أخرى في لبنان. فمنفذ هجوم تشرين الثاني/ نوفمبر، على السفارة الإيرانية في الضاحية الجنوبية في بيروت الذي خلف وراءه 25 قتيلا كان من سكان المخيم سابقا، وكذا نعيم عباس، العضو البارز في كتائب الشيخ عبدالله عزام الذي اعتقل على خلفية مشاركته في الهجوم المزدوج، ويعتقد أنه من أخطر "الإرهابيين" في لبنان.

ويعتقد أن فضل شاكر المغني الفلسطيني اللبناني السابق الذي اعتزل الغناء كي ينضم لجماعة سنية راديكالية تقف وراء الهجوم على 17 جنديا لبنانيا، كان قد اختفى داخل المخيم. 

وسيؤثر حادث أمس (الثلاثاء) على مذكرة التفاهم التي قصد منها الحد من انتشار العنف في مخيم عين الحلوة والتي وقعت في شهر آذار/ مارس من هذا العام. وبحسب الاتفاق، فقد وافقت كل من جند الشام وفتح الإسلام على وقف موجة الاغتيالات ضد حركة فتح. وعبر الموقعون عن أملهم في الحفاظ على الاستقرار وحفظ سكان المخيم من العنف الجاري في كل من لبنان وسوريا، وتعزيز التعاون مع السلطات اللبنانية. وتزامنت الخطة مع "حملة مسح الأضرار" التي قامت بها حركة حماس في المخيم، حيث امتلأت شوارع المخيمات الفلسطينية في لبنان بالأعلام والملصقات الداعية للوحدة الوطنية.

وجاء في البيان الذي أرفق مع الاتفاق: "نحن، في مخيم عين الحلوة، نجد أنفسنا مستهدفين في ديننا وقضيتنا التي تعتبر من أعدل القضايا في العالم، وتم حبك المؤامرات ضدنا على كل المستويات".

ولا يتمتع الجيش اللبناني إلا بسلطة محدودة على المخيم، ومثل بقية المخميات الفلسطينية الأحد عشر (المعترف بها رسميا)، فالمخيم يدار من قبل الفصائل الفلسطينية المحلية ومنذ نهاية الستينيات من القرن الماضي. وأدى هذا الوضع شبه المستقل، إضافة لانتشار السلاح والإشارات المستمرة عن النشاطات المتطرفة إلى أن ينال المخيم سمعته كمحور اللاقانون حيث يهرب إليه المطلوبون لتجنب الملاحقة.

وقد تعززت هذه المخاوف في الأشهر الأخيرة، حيث تحول المخيم إلى مقصد للجهاديين الهاربين من الجارة سوريا خاصة بعد قيام الجيش السوري المدعوم من حزب الله اللبناني باستعادة بلدة يبرود التي كانت تحت سيطرة المقاتلين، وذلك في  آذار/ مارس. وهناك الكثيرون يخشون من محاولة هؤلاء المتشددين جلب الحرب السورية للبنان، إما للانتقام من مشاركة حزب الله  في الحرب أو لنشر أيديولوجيتهم الخاصة بهم، وللاستفادة من وضع المخيم الفقير لإثارة الفتنة.

وبحسب تقرير لقوات الأمن اللبنانية، سرب في شهر شباط/ فبراير، فإن عين الحلوة قد شهد تدفقا لجماعات أصولية عليه، حيث جاء مقاتلون شيشان ومصريون وتونسيون وسوريون للانضمام لجند الشام والكتائب المرتبطة بالقاعدة، كتائب الشيخ عبدالله عزام. وانتشرت تقارير فيما بعد عن وجود مؤامرات لضرب الجيش اللبناني الذي يرى الكثير من السنة في لبنان أنه منحاز إلى جانب الشيعة، بعد ذلك مباشرة.

ويُخشى من تعرض سكان المخيم لتأثير المتشددين، خاصة بعد ظهور التوتر بينهم وسط التنافس المتزايد على المصادر المحدودة المتوفرة في المخيم. فهو يعيش حالة من الازدحام الكبيرة ويعاني من مستويات عالية من الفقر والبطالة، وتفاقمت مشاكله أكثر مع تدفق أعداد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.

وكان مخيم عين الحلوة قد بني عام 1948 لاستيعاب 20 ألف فلسطيني. ويقدر مسؤولون الآن عدد سكانه بحوالي 120 ألف نسمة، يعيش في كل بيت من بيوته التي لا تزيد مساحة كل منها على 1500 متر مربع، أربع أو ست عائلات.


(عن مركز رصد الشرق الأوسط "ميمو")
0
التعليقات (0)