مقالات مختارة

من هم المعتقلون السياسيون في السعودية وإيران؟

ألاستير سلون
1300x600
1300x600
كتب ألاستير سلون: تعاني كل من السعودية وإيران من سمعة سيئة في العالم الغربي، من ناحية تعاملهما مع حقوق الإنسان، وفي حين لا تزال إيران قابعة تحت العقوبات ويتم ذمها بشكل متكرر، إلا أن السعودية غالبا ما يتم تجاهل القمع السياسي الذي تمارسه، من قبل حلفائها الغربيين وشعبها على حد سواء.

يبلغ حجم الاعتقالات السياسية في السعودية 30 ضعف ما يحدث في إيران، كما أن أوضاع السجون السعودية أسوأ بكثير من إيران.

ووفقا لإحصاءات منظمة هيومان رايتس ووتش، يبلغ عدد السجناء السياسيين في إيران 1000 سجين على أكثر تقدير، منها حوالي 850 حالة مسجلة رسميا باعتبارها اعتقالات سياسية. 

وعلى الرغم من عدم وجود تعريف محدد لمصطلح "السجناء السياسيين" في القانون الدولي، أو الإيراني، يشمل المعتقلين الإيرانيين نشطاء حقوقيين وسياسيين وصحفيين.

 ولكن الحكومة الإيرانية والمسؤولون في السلطة القضائية، غالبا ما يؤكدون على عدم وجود سجناء سياسيين، حيث يقول "فاراز سانائي" الباحث في "هيومان رايتس ووتش"، في حواره مع ميدل إيست مونيتر: "الكثير من الأشخاص والمنظمات الحقوقية بما في ذلك هيومان رايتس ووتش، ينظرون إلى السجناء السياسيين باعتبارهم يحاكمون تحت مظلة قوانين الأمن القومي الغامضة والفضفاضة، "بما في ذلك التهم المتعلقة بالإرهاب"، وتعتبرهم الحكومات سجناء أمن قومي."

وتجرم إحدى مواد القانون الإيراني تشكيل جماعات "تهدد الأمن القومي."، وتعاقب أخرى بالسجن لمدة تصل إلى عام واحد، لأي شخص يقوم بالدعاية بأي شكل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو الدعاية لصالح جماعات أو مؤسسات تعارض النظام.

 كما تعاقب المادة نفسها، بالحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات على التجمعات أو التآمر على الأمن الداخلي أو الخارجي للدولة.

وكما هو متوقع من نظام ثيوقراطي تتعلق الكثير من التهم بالسلوك الذي يعتبره القانون الإيراني "غير إسلامي"، وحسب ما تقول منظمة "هيومان رايتس ووتش"، غالبا ما تعتقل السلطات الإيرانية أفرادا بتهم إهانة المقدسات الإسلامية، أو الشخصيات الإسلامية المقدسة، وفي هذا الإطار يوضح الباحث "سانائي" أن مصطلح "الإهانة" ليس له تعريف في القانون الإيراني.

كما يتم اعتقال الأفراد المنتمين إلى الأقليات العرقية والدينية.

وقد أصدرت "هيومان رايتس ووتش" طلبات عديدة للحكومة الإيرانية بخصوص التعدي على السجناء السياسيين، وتعذيبهم وعدم توفير الرعاية الصحية الملائمة لهم.

ويضيف "سانائي" أن المنظمة وثقت مقتل العديد من السجناء بسبب التعذيب داخل المعتقلات، أو بسبب سوء المعاملة، أو الإهمال.

ويروي "سانائي" حادثة وقعت في سجن إيفين الإيراني سيء السمعة في شهر إبريل، حيث قام مسئولو السجن بالضرب المبرح لعشرات السجناء في عنبر 350، وقد ادعوا أن ما حدث كان فقط عبارة عن فحص روتيني للعنابر، ولكن الحادثة أدت إلى إصابتهم بجروح بالغة، وتم إيداعهم جميعا في زنزانات انفرادية.

وقد قامت "هيومان رايتس ووتش" بالتحقيق في هذه الحادثة، الذي أكد الروايات السابق ذكرها بالرغم من نفي السلطات الإيرانية، ومن الواضح أن الاعتقالات ذات دوافع سياسية، حيث كان الكثيرين في عنبر 350 معتقلين على خلفية المظاهرات المناهضة للحكومة التي تولت مسئولية البلاد منذ انتخابات 2009.

والآن بدأ هؤلاء المعتقلون في الإضراب عن الطعام.

ولكن بشكل عام يعتبر الوضع في السجون الإيرانية، أفضل كثيرا من السعودية.

فالسعودية لديها أحد أكثر الأنظمة وحشية في العالم، كما تقول ندى انتصار الأستاذة في جامعة جنوب ألاباما: "بالطبع ليس هناك سجون تشبه الأندية الترفيهية، ولكن مقارنة بالسعودية تبدو إيران نموذجا حميدا."

وتوضح انتصار أنه بالرغم من وقوع بعض الحوادث العنيفة، إلا أن الكثير من السجناء يسمح لهم بزيارة أقاربهم، وأحيانا استخدام هواتف نقالة وأجهزة حاسب آلي.

أما في السعودية فتوضح بعض الصور المسربة، التكدس الشديد في سجن "برايمان" في جدة، حيث تمتلئ أرضية العنبر بالسجناء بشكل كامل.

 وقال أحد السجناء هناك: "كانت مساحة زنزانتي 5 في 6 أمتار وكان بها 23 سجين،" كما روى أن السجناء كانوا ينامون بالتناوب، وكان بعضهم ينام في دورات المياه.

وفي حوار مع صحيفة "الجارديان" قال أحد المواطنين السعوديين الذي اعتقل في 2009، إنه تم إيداعه في غرفة بالسجن تسع 100 سجين على الأكثر، ولكن تم حبس 500 شخص بداخلها وكان الطقس صحراوي شديد الحرارة. 

وقد شعر المعتقل الذي تم إطلاق سراحه مؤخرا بالصدمة، لدى رؤيته لعدد كبير من المغتربين، بالإضافة إلى طفل نيجيري في التاسعة من عمره.

وعلاوة على التكدس داخل السجن، وثق المعتقلون أدلة على الضرب والتعذيب، بما في ذلك لقطات فيديو تظهر أحد حراس السجن، يضرب المعتقلين على راحات أيديهما الممدودة وباطن قدم أحد السجناء، مستخدما عصا بلاستيكية فيما يظهر الاثنان وهما يتأوهان من الألم. 

ومن الجدير بالذكر أن الحكومة البريطانية، "أحد الحلفاء القريبين من الرياض"، تتجاهل الكثير من تلك الأدلة.
فالموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية البريطانية، يقول بكل سرور: "أوضاع السجون في السعودية تعتبر جيدة مقارنة بالعديد من الدول."

وفي نصائح تقدمها الحكومة البريطانية للمعتقلين البريطانيين الذين رمى بهم سوء الحظ في السجون السعودية، تقول لهم إن الرعاية الطبية والغذاء جيدان، ولكنها لا تذكر مشكلة الاكتظاظ داخل السجون، وبالرغم من ذلك تشير إلى أن الشكاوى المقدمة للمسؤولين السعوديين لا يتم الرد عليها.

يزيد عدد السجناء السياسيين في السعودية عن إيران بشكل ملحوظ، فالسعودية التي لديها أقل من نصف تعداد سكان إيران، بها حوالي 30000 معتقل سياسي.

ولكن هناك اختلاف بشأن العدد الحقيقي للمعتقلين. فالموقع الإلكتروني للحكومة يدعي أن عدد من أسماهم السجناء السياسيين 2742، ولكن النشطاء يقولون إن هذا العدد يبدو قليلا جدا، وقد قالت أحد المصادر  لـ "بي بي سي" في 2011، أن العدد الحقيقي قد يقدر بعشرات الآلاف.

وفي الحقيقة يصعب تقدير الأعداد، لأن الكثير من السجون السعودية سرية وتديرها أجهزة المخابرات.

ويقول "آدم كوجل" الباحث في منظمة "هيومان رايتس ووتش" المتخصص في الشأن السعودي: "عندما حدث تمرد في السعودية في منتصف عام 2000، قامت السلطات السعودية باعتقال ما يقارب 11000 شخص مشتبه في تورطهم في الإرهاب، والكثير منهم تم اعتقالهم بشكل تعسفي بدون تهم أو محاكمة لسنوات عديدة."

وقد أكدت مصادر في السعودية، أن الكثير من هؤلاء السجناء لم يقوموا بارتكاب جرائم متعلقة بالإرهاب، ولكن تم اعتقالهم بسبب آرائهم السياسية.

وفي 2008 أنشأت السلطات السعودية محكمة جديدة لمحاكمة هؤلاء الأشخاص، حيث يقول الباحث كوجل: "إنه في يوليو الماضي، قابل مسؤول سعودي حقوقي صرح له أن عدد المعتقلين السياسيين يقارب ،2500 وهو رقم مشابه للتقديرات الرسمية التي نشرها الموقع الحكومي "نافذة".

ومثل إيران يتم تجريم المعارضين السياسيين السلميين، والنشطاء الحقوقيين بتهم مبهمة على غرار "الخروج على الحاكم"، و"الإضرار بالنظام العام"، و"التحريض على الفتنة"، و"الإساءة لسمعة المملكة"، وتهم أخرى غامضة.

والقضايا الحديثة في هذا الإطار، تشمل قضية فاضل المناسف الذي تم الحكم عليه هذا الشهر بالسجن لمدة 15 عام، وحظر السفر لمدة 15 عام بعد انتهاء مدة الحبس، و100000 ريال غرامة بسبب نشاطه السياسي. 

وتم اعتقال ناشط حقوقي آخر يدعى وليد أبو الخير منذ أسبوعين، وهو الآن يواجه المحاكمة. 

وغالبا ما تتراوح أحكام السجن بحق السجناء السياسيين في السعودية، بين بضعة أشهر وأكثر من 10 سنوات. 

وبالنسبة لإيران، فالنظرة الدولية لها فيما يتعلق بسياستها تجاه الحريات السياسية هي نظرة سلبية، حيث تشير أحد الإحصائيات التي قام بها معهد "بيو" للأبحاث العام الماضي، أن حوالي 61 بالمائة من الدول التي تم استطلاع آرائها، تعتقد أن إيران لا تحترم الحريات الخاصة بمواطنيهم، ولكن للأسف لا تتوفر إحصاءات مشابهه حول السعودية. 

  وبالرغم مما سبق ذكره، إلا أن الرياض لا تتعرض للمستوى نفسه من الانتقادات من قبل شركائها الدوليين، مثل بريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

 وبدون هذا المستوى المرتفع من النقد، سوف يتناسى العالم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في السعودية.

نقلا عن ميدل إيست مونيتر

(ترجمة وتحرير: "عربي21")
التعليقات (0)