ملفات وتقارير

ميديل أيست آي: وطن الفلسطيني حيث يتجه القلب

أبو صبري يحلم بالعودة ويحتفظ بمفتاح بيته - ميدل إيست أي
أبو صبري يحلم بالعودة ويحتفظ بمفتاح بيته - ميدل إيست أي
في تقرير لميدل إيست أي عن ذكرى النكبة التي حلت اليوم زارت مخيم عايدة والتقت مع الثمانيني أبو صبري حيث قالت "في بيته المكون من ثلاث غرف صغيرة في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، دائما تتركز عيني أبو صبري على الوقت. فسريره الصغير يواجه الباب ويطل على الشارع، وعلى جانبه تقف ساعة كبيرة، وساعتين لضبط الوقت، وهناك ساعة أخرى مثبتة فوق السرير. وتم ضبط الوقت في الساعات ساعة متأخرة عن الوقت الحقيقي، ولا يعرف إن كانت ساعة الزمن قد توقفت أم أن أبو صبري ينتظر كي يخرج راكضا من باب بيته متجها نحو قريته.

 وتضيف يجلس أبو صبري بجانب السرير، واضعا كوفيته حول رأسه، ويثبتها بالعقال.

 وتقول: "يلبس قميصا وسترة خضراء داكنة بأزرار مذهبة، بدأ الرجل وعمره 87 عاما بحكاية قصته". 

 ومع بداية الحكاية "يجلس أبو صبري ويحرك بين أصابعه سبحته ومفتاحا قديما لبيته، ويقول أنه مضت 66 سنة على خروجه من بلدته علار، قرب القدس والتي كان يعيش فيها 500 نسمة".

وهرب كل سكان القرية عندما سمعوا القصص قتل الناس في القرى المجاورة وتدمير بيوتهم.

في تشرين الأول/أكتوبر نصب المقاتلون اليهود معسكرا على تلة قرب القرية هرب كل سكانها ولم يبق شخص واحد فيها.

"بعد أسبوع، علمت أن القرية لم يتم مهاجمتها ولهذا عدت واختبأت في المغاور لمدة 13 يوما، وراقبت كيف دمر المسلحون اليهود القرية".

لا تزال ذاكرة أبو صبري عن علار حية كما تركها ولديه والرغبة بالعودة إليها لا تزال تعتمل في صدره. 

"رغبتي بالعودة إليها قوية، أقوى من هذه الساعات الأربع، وقلبي يريد العودة إلى هناك"، "عواطفي قوية، واشعر بالحب لبيتي".

 ويقول أبو صبري إنه عندما ينام في بيته في مخيم اللاجئين، يحلم في الأيام التي كان يحلب فيها أبقاره في علار ويحمل العنب الطازج بين يديه، "في كل ليلة أحلم أنني هناك" يقول.

ويعلق التقرير: "من الواضح أن هذا الرجل وعمره سبع وثمانون عاما لا يزال يشعر بالاقتلاع هنا في مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم، حتى وإن قضى معظم حياته هنا".

تطور رواية النكبة

يوم الخميس تمر ذكرى الـ 66 على النكبة والتي خسر فيها 750.000 بيوتهم في الحرب التي أدت لولادة دولة إسرائيل.

وبحسب عضو الكنيست العربية حنين الزعبي التي التقاها الموقع فالنكبة ليست مجرد ذكرى "إنها عملية". 

 وتضيف "فقد سيطرت إسرائيل على خمسة ملايين دونم من الأراضي التي تمت إلى اللاجئين وكل أرصدتهم ولكن لم يكفها هذا".

 وكانت الزعبي أول امرأة عربية تنتخب للكنيست الإسرائيلي على قائمة الأحزاب العربية واستخدمت موقعها للحديث عن الظلم الذي تشعر أنه لا يزال يلاحق الفلسطينيين.

 وتواصل "ما قامت به واستمرت بعمله إسرائيل بعد 1948 هو تهويد المنطقة"، "فلا أستطيع الدراسة عن هويتي في المدرسة، فالعملية ليست فقط مصادرة الأراضي بل هي عن مصادرة هويتي وخلق واحدة جديدة لي بدلا عنها".

وتشرح الزعبي قائلة إن الإسرائيليين بمن فيهم عرب إسرائيل يمنعون من الدراسة عن النكبة. 

"ليس فقط تاريخي، بل وتاريخ إسرائيل، يجب أن يحتوي على النكبة". و "نطالب بأن يسمح لنا النظام التعليمي الإسرائيلي دراسة تاريخنا".

 ويرى التقرير أنه بسبب عدم تدريس النكبة في إسرائيل فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة عنها، ومع ذلك وفي نهاية الثمانينات من القرن الماضي، قام المؤرخون بالدخول لأرشيف الدولة الذي كان مغلقا عليهم لعقود وبدأوا بمراجعة الفترة المثيرة للجدل.

وأكدت الوثائق الرسمية ما ظل الفلسطينيون يقولونه وهو أنهم أجبروا على الرحيل من بيوتهم بالقوة.

وتقول الزعبي "نعيش في دولة تمييز عنصري، ولم تكن أبدا دولة ديمقراطية".

و "في إسرائيل هناك 50 قانونا تميز ضدي، 13 منها تتعلق بمصادرة الأراضي التي يمكنهم مصادرتها في أي وقت".

 وعندما تتحدث زعبي عن عقلية النكبة التي لا تزال قائمة فهي تشير إلى المشروع الحالي الذي أطلق عليه "خطة بروفر" والتي تناقشها الحكومة الإسرائيلية، وفي حالة صادقت عليها فسيكون بإمكانها تهجير البدو ومصادرة أراضيهم.

وتقول الزعبي "في إسرائيل هناك 42 قرية غير معترف بها، في أي مكان في العالم تسمع هذا المصطلح؟".

وتحدث التقرير عن المشروع الجديد الذي أعاد فلسطين للخارطة الافتراضية "فقط قبل شهر، قامت منظمة يديرها عرب وإسرائيل "زوخروت" التي تعني الذاكرة، قامت بتقديم رواية عن النكبة مستخدمة تكنولوجيا "أبس" لوضع فلسطين مرة أخرى على الخارطة".

 وأصدرت "زوخروت" تطبيق تفاعلي أسمته "أرض مخفية" والتي تحتوي على خريطة عليها صور القرى التي دمرت بعلامات افتراضية. وفي الوقت الذي تبدو فيه العلامات مثيرة للكآبة إلا أن الشهادات والصور تقدم اعترافا بالمأساة التي حلت باللاجئين.

وتسمح الخريطة بالعربية والعبرية والإنكليزية لكي زائر أن يحدد ويزور ويتفاعل مع 400 قرية فلسطينية دمرت منذ عام 1948.
ويوضح بروفسور التاريخ في الجامعة العبرية في القدس أليكس ياكوبسن أن الكثير من الإسرائيليين يقولون إن مسؤولية ما حصل في عام 1948 يجب أن تقع على كلا الفلسطينيين والإسرائيليين.

 ويقول ياكوبسن إن هناك حاجة للاعتراف بأن الفلسطينيين رفضوا خطة الأمم المتحدة لتقديم فلسطين الانتدابية إلى دولتين واحدة للعرب وأخرى لليهود.

"أما الموضوع الأخر الذي يجب الاعتراف به وهو أن هناك مشكلتي لاجئين اثنتين، فهناك لاجئون هربوا من العراق واليمن والمغرب وعاشوا في مخيمات كبيرة مثل القطمون في القدس".

ويقول ياكوبسن إن الكثير من الإسرائيليين يمكنهم الاعتراف بالضرر الذي سببته النكبة ولكن حتى اليسار الإسرائيلي يتوقف عن تحميل المسؤولية لطرف واحد.

ويرى التقرير أنه "حتى جسر هذه الهوة يظل صعبا، وبالعودة إلى مخيم عائدة يقول أبو صبري إنه يتذكر كيف دمرت قريته في أربع ساعات".

يقول " الكثيرون في الغرب لا يعرفون قصتنا، ولا يعرفون كيف نشعر، عدت للقرية خمس مرات وفي كل مرة كنت أبكي".

"حكيت قصتي مئات المرات، ولكنني لا أزال هناك، ولكن مثل أكل الخبز (أشار للخبز على الطاولة) فحكاية قصتي يعطيني الطاقة".

وكما تكبر أحلامه بالعودة إلى قريته كلما تقدم في العمر، ومثل المفتاح الذي يعلوه الصدأ ولا يزال يملكه، يجلس حفيده محمد أبن الأربعة أعوام يحمل مجموعة من المفاتيح لأماكن في المخيم لتذكر أن الوقت لا يقف ثابتا.
التعليقات (0)