ملفات وتقارير

انتقادات حادة لضعف قدرة حزب النور على حشد الناخبين

(صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي)
(صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي)
وجّه كتاب وصحف وسياسيون مصريون انتقادات حادة لحزب "النور" ذي التوجه السلفي على ما اعتبروه "ضعف قدرة الحزب على حشد الناخبين المصريين للمشاركة بالتصويت في الانتخابات الرئاسية" التي تختتم اليوم الأربعاء، بعد مدها يوما ثالثا بقرار من قِبل اللجنة  القضائية العليا المشرفة على الانتخابات.

ومن جهته، دافع الحزب عن نفسه، وحمّل حملة المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي مسؤولية هذا الإخفاق، مشددا على أن أعضاءه بذلوا أقصى جهد لديهم في الحشد، والدعم للمرشح السيسي.

فقد نقلت جريدة "المصري اليوم" عن مصادر داخل الحزب، وقيادات سلفية، تأكيدها أن قواعد الحزب في المحافظات والسلفيين قاطعوا الانتخابات الرئاسية، ولم يستجيبوا لدعوة الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، والدكتور يونس مخيون رئيس الحزب، ونادر بكار القيادي بـالنور، بالتصويت للمشير عبدالفتاح السيسي، المرشح الرئاسي.

وقالت المصادر -بحسب الجريدة: "السلفيون قاطعوا الانتخابات، وقدرة (برهامي) على التأثير فيهم وإقناعهم بالنزول معدومة"، مؤكدة أن نائب رئيس الدعوة السلفية يحاول إنقاذ موقفه أمام الدولة بعد مقاطعة السلفيين من قبل الاستفتاء على الدستور، على حد تعبير الجريدة.

"الوطن" تتهم "النور" بالخداع

من جهتها اتهمت جريدة "الوطن" الأربعاء، السلفيين بأنهم كعادتهم، خدعوا الجميع، ولم يخرج أعضاؤهم للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية، وخلت اللجان كافة من الأعضاء الذين كانوا يحشدون الآلاف في انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية السابقة لصالح (مرسي)، واكتفى حزب النور السلفي بإصدار بيانات إعلامية للمشير السيسي، وتعليق لافتات، ولم يظهر على المشهد إلا بعض القيادات الذين ظهروا أمام اللجان، ليوثقوا ذلك بالكاميرات، والصور التي راحوا يروجونها لجميع مراسلي الصحف والفضائيات". 

وأضافت الصحيفة: "في الوقت الذي احتفت فيه المواقع والصفحات السلفية بأخبار وصور توجه الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة، وعبدالمنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة، والدكتور نادر بكار، نائب رئيس حزب النور، والدكتور عبدالله بدران، أمين الحزب بالإسكندرية، والشيخ محمود عبدالحميد، رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، للتصويت في لجانهم، لم يلحظ المراقبون وجودا لأعضاء الدعوة أو الحزب على أرض الواقع، وداخل اللجان بالإسكندرية". 

ورصدت "الوطن" -كما قالت- "اكتفاء أعضاء حزب النور بالوجود أمام بعض اللجان بالإسكندرية، ونقلت تأكيد عدد من الناخبين بمدن وقرى محافظة الغربية، أنهم لم يشاهدوا أحدا من الحزب أو الدعوة السلفية يدخلون اللجان للإدلاء بأصواتهم، وأن لجان الاقتراع بأسيوط شهدت الغياب التام ?عضاء الحزب الذين اكتفوا بتصويت القيادات".

ومن جهتهم، رفع سلفيو المنيا شعار: "نعم للدعاية.. لا للتصويت"، دون أن تظهر أي دلالات تؤكد حشد أنصارهم لصالح السيسي، حتى إن هناك قرى كاملة تعد معقلا للتيار السلفي، كانت فيها نسبة المشاركة ضعيفة، إن لم تكن معدومة، بحسب "الوطن". 

وكشفت العملية الانتخابية بمحافظة القليوبية عن اختفاء قواعد السلفيين، وظهر حزب النور بالمحافظة بشكل متواضع خلال العملية، واكتفى بدعوات عدم المقاطعة، وحث المواطنين على المشاركة، باستثناء مسيرة كبرى شهدتها المدينة يوم الجمعة الماضي قبيل الصمت الانتخابي، بحسب "الوطن". 

لا يتحكم في القواعد السلفية 

في سياق متصل، هاجمت حملة السيسي حزب النور، بعد تخاذل قواعده عن المشاركة، حسب وصفهم، ومساندة قرار الحزب، الذي أعلنه خلال الفترة الماضية، بمساندة السيسي في الانتخابات.

ونقلت صحيفة "الوطن" الأربعاء عن حسام حازم، عضو لجنة الشباب بحملة السيسي، قوله: "قيادات النور تؤيد المشير في الانتخابات، لكن الحقيقة أن القواعد السلفية يتحكم بها المشايخ، لا القادة السياسيون، فهم يوجهون القواعد حسب رؤيتهم، وبالتالي فإن حزب النور لا يتحكم في القواعد السلفية، وتخاذله في عملية الدعم كان متوقعا، ولم نعول عليه".

وقال الدكتور أحمد دراج، القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، لـ"الوطن": "حزب النور خسر كثيرا من قواعده، نظرا لعدم توافقها مع قرارات قياداته على مدار الفترة الماضية، وأصبح "فاضي" من الداخل".

وقال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، المتحدث باسم جبهة "مصر بلدي" الداعمة لـلسيسي -بحسب"الوطن": "موقف النور كان متوقعا، والرهان الحقيقي لم يكن على حزب النور أو غيره من الأحزاب السياسية، فلا ننظر في دورها على الحشد"..

تأثير برهامي "متعدم"

من جهته، قال إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة السلفي، لـ"المصري اليوم"، إن تأثير برهامي على القاعدة السلفية محدود للغاية، ولا يستطيع تحريك أكثر من 100 شخص داخل «النور» و«الدعوة»، كما أنه يحاول تحقيق مكاسب شخصية ومعه «بكار» و«مخيون»، على حساب السلفيين الذين رفضوا دعوتهم للتصويت.

وأكد الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية -بحسب الجريدة- أن قواعد السلفية بالمحافظات بمن فيهم أعضاء «النور» اتخذوا قرار المقاطعة، ورفضوا تعليمات قيادات الحزب والدعوة، مشيرا إلى أن «النور» انتهى في نظر جميع أبناء التيار الإسلامي، وليس له الحق في التحدث باسم السلفيين، على حد تعبيره..

وقال الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن السلفي -طبقا لـ"المصري اليوم"- إن هناك عزوفا كاملا من السلفيين عن الانتخابات، والصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت هي لمجموعة من أتباع برهامي، وبعضهم موظفون في الدعوة ومساجدها والجمعيات الأهلية التابعة لها"..

"النور": قدمنا أفضل ما لدينا

في مقابل هذه الاتهامات، قال «برهامي» إن حزب النور هو الوحيد الذي خرج لدعم المشير في الوقت الذي شهد غياب جميع القوى والأحزاب السياسية، مؤكدا أن الحزب والدعوة السلفية قدما أفضل ما لديهما وفقا لإمكاناتهما المحدودة لتأييد السيسي، على حد قوله..

وأكد -في تصريحات صحفية- أن «النور» نجح في حشد نسائه وقواعده في مسيرات منظمة إلى مقار اللجان، كما أنه تم تنظيم حملة لطرق الأبواب.

ودافع الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب عنه بقوله: "دعمنا المشير السيسي بكل استطاعتنا، لأننا رأينا أنه الاختيار الأفضل لمصلحة البلاد، وفيه تجنيب لمصر من خطر التقسيم والانهيار، واتخذنا هذا القرار اقتناعا بأنه يحقق الصالح العام، وصالح الشعب المصري، فلا بد أن ندفع خلفه بقوة، ولا نلتفت أبدا للمخالفين، وهذا ما حدث، وبذلنا أقصى جهدنا، وعقدنا الكثير من جلسات النقاش والمؤتمرات والحملات الدعائية".

وفي السياق نفسه، قال المهندس أسامة عبدالمنصف، عضو الهيئة العليا لـ"النور": "القاعدة الصلبة للحزب تحركت لحشد الناخبين للإدلاء بأصواتهم في المحافظات، واستطعنا إقناع عدد من المتعاطفين والمحبين، وخرجوا استجابة لدعوات حزب النور والدعوة السلفية، أما الفئات غير المرنة، فهناك تأثير عليها من قبَل دعوات الإخوان وحلفائهم".

وأضاف: "المظهر فى الانتخابات لم يوجد به الملتحون، والمنتقبات بكثافة، لكن ذلك مجرد تقدير شكلي، أما الحجم الحقيقي للعمل، والتأثير في الشارع فموجود، واتهامنا بالتخاذل غير صحيح، خاصة أن هناك محافظات يوجد فيها حزب النور بشكل مكثف، وتظهر بها الحشود كالإسكندرية، والبحيرة، وهذا دليل على أن النور قادر على تحريك القواعد، ونسبة المقاطعة من أعضاء النور لا تتعدى 3% من قواعده".

وقال نادر بكار، مساعد رئيس الحزب -لصحيفة "الوطن": «قدمنا ما لم يقدمه غيرنا من القوى السياسية الأخرى، ووجودنا في الشارع ملحوظ لكل ذي عين، ويريد أن يرى الحقائق بإنصاف، وأثبتنا خلال الانتخابات الرئاسية الحالية أننا الوحيدون الذين نعمل في الشارع".

فجوة عميقة بين القول والفعل 

لكن الكاتب الصحفي سليمان جودة وجه انتقادات حادة إلى "النور".. وكتب مقالا بجريدة "المصري اليوم" الأربعاء تحت عنوان: "النور.. الذي نريد أن نصدقه"، قال فيه: "إذا امتد التصويت يوما ثالثا، فإن ما أرجوه حقا هو أن أرى إخواننا السلفيين بوضوح فى الطابور أمام اللجان، لأنهم من خلال قياداتهم كانوا قد وعدونا صراحة بأنهم مشاركون فى الانتخابات بشكل عام، وداعمون لمرشح بعينه، بشكل خاص".

وأضاف: "أعتقد أنه لا يليق بمن يتحدث معنا، طول الوقت، بما قاله الله تعالى، وبما قال به الرسول عليه الصلاة والسلام، أن يعطينا وعدا صريحا ثم يخلفه هكذا.. فليس هذا من الإسلام، ولا من قيم ديننا، ومقاصده العليا في شيء".

وتابع سليمان: "من حقنا أن نتساءل عن حجم الحضور السلفي، فى التصويت، وأن نتعرف حدود هذا الحجم بكل أمانة"..

وقال: "لقد رصدت في هذا المكان، من قبل، فجوة عميقة بين القول والفعل لدى الإخوة السلفيين، وقلت إن هذا حدث، بكل أسف، مرتين: مرة يوم إعلان خريطة الطريق، في 3 يوليو الماضي، عندما كان الأمين العام لحزب «النور» السلفي، جلال مرة، موجودا ضمن الذين صاغوها، أي أنه كان يباركها، ويعلن رضاه عنها، بينما قواعده على الأرض كانت تتصرف على نحو مختلف تماما بل مناقض".

ومضى سليمان يقول: "حدث هذا، مع أنه حزب، ومع أننا نعرف أن أي حزب يعرف بطبيعته ما يسمى بالالتزام الحزبي، كمبدأ مستقر، في داخله، بمعنى أن قيادة الحزب، أي حزب، إذا أعلنت موقفا سياسيا محددا، فإن على أعضاء الحزب جميعا أن يلتزموا به، حتى وإن كانوا غير مقتنعين بمضمونه.. فأين، إذن، مبدأ الالتزام الحزبي داخل «النور»؟! وإذا كان هذا المبدأ قد تعرض لاختبار، في أثناء وضع خريطة الطريق، ثم سقط فيه، فإن لنا أن نطلق على «النور»، والحال كذلك، أي مسمى، إلا أن يكون هذا المسمى هو مسمى الحزب بالمعنى المفهوم"!

وأضاف: "ما هو أغرب، وأدعى للحزن، أن المبدأ ذاته قد تعرض للاختبار نفسه، في أثناء الاستفتاء على الدستور، في يناير الماضي، فسقط بذات الطريقة".

واختتم مقاله بقوله: "مع انتهاء التصويت سوف يكون من حقنا أن نحكم ونقول بأن «النور» قد صدق في وعده هذه المرة، وكان مختلفا تماما في أدائه السياسي، على الأرض، عما كان في المرتين السابقتين، أو أن نقول بأن «التالتة تابتة»، كما نردد في أمثالنا العامية، بكل ما يترتب على ذلك من عدم ثقة فيه، مستقبلا، ولا في قواعده، على أي مستوى".

وكان حزب النور نظم مسيرة حاشدة بالسيارات الثلاثاء في الإسكندرية، لكن حملة حمدين صباحي أصدرت بيانا انتقدت فيه المسيرة التي انتهت بالساحة المقابلة لمسجد القائد إبراهيم، لأنها جاءت في فترة صمت انتخابي، ومثلت خرقا لهذا الصمت.
التعليقات (0)