كتاب عربي 21

المواجهة المسلحة في بنغازي إلى التصعيد

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

فشلت قوات حفتر في دخول بنغازي ووقوع قتلى، يعتقد أن معظمهم من قواته، في أولى أيام المواجهات بين الفريقين، الجمعة قبل الماضية، دفع بحفتر إلى استخدام الطيران والقصف المدفعي لإضعاف خصومه. 

هذا التصعيد من قبل حفتر ما كان ليستمر لفترة طويلة، لأن أضراره تلحق المدنيين، وذات أثر محدود على المقاتلين من خصومه. من جهة ثانية، فإن خصومه يدركون أن تفوقه العسكري عبر سلاح الطيران والقصف المدفعي منذ نحو عشرة أيام الهدف منه التمهيد لهجوم على الأرض، لذا استبقت مجموعات تنتسب وتتعاطف مع أنصار الشريعة الأحداث، وقاموا بهجوم على معسكر كتيبة الـ (21) بمنطقة طابللينو، باعتبار أن الكتيبة أعلنت تأييدها لحفتر، وأنها يمكن أن تكون إحدى نقاط الانطلاق للهجوم على معقل أنصار الشريعة القريب من المعسكر. هذا بالإضافة إلى توفر المعسكر على آليات وأسلحة وذخيرة تحتاجها الحركة لقتال قد يطول. ونشبت معركة بين الطرفين أسفرت عن اقتحام المهاجمين المعسكر ثم إخلائه بعد استيلائهم على أسلحة وسيارات وذخيرة.

هذه العملية النوعية من قبل أنصار الشريعة تأذن بتصعيد كبير، فالقوات المساندة لحفتر من الصاعقة وغيرهم لن تقبل بأن تكون معسكراتها وقواتها هدفا سهلا لأنصار الشريعة، يضاف إلى ذلك الغضب من نتائج العملية، وبالتالي من المتوقع أن تشهد المدينة مواجهات حامية وذلك في حال فشل جهود الوساطة والتهدئة التي يضطلع بها أعيان ومكونات اجتماعية ومجتمعية، وهي جهود محدودة على أي حال.

على صعيد آخر، فإن بوادر الخلاف بين الكتائب المقاومة لحفتر من التيار الإسلامي المعتدل وبين أنصار الشريعة بعد بيان الأخيرة وتصريحات مسؤولها حول رفض العلمية السياسية ورفض المسار الديمقراطي قد تؤدي إلى انفراط عقد التنسيق الذي ظهر واضحا في بداية المواجهات، لكنه من غير المتوقع أن يأثر في قوة وصمود المقاومين لحفتر، لسببين هما:
- تزامنت عملية اقتحام كتيبة الـ (21) مع هجوم من قبل قوات حفتر على نقطة التماس مع خصومه في منطقة (سي فرج) جنوب غرب بنغازي، ونجح المقاومون في صد عملية الاختراق.

- تسربت معلومات عن تشكيل جبهة عسكرية تضم كتائب ومجموعات ليس من بينها أنصار الشريعة، وضمها تحت قيادة موحدة.
 
مما سبق يتأكد أن المواجهات مرشحة للاتساع، وأن الوضع باتجاه مزيد من التصعيد وليس العكس.
قلنا إنه من المؤكد أن القوات المتحالفة مع حفتر لن تقبل بنتائج عملية كتيبة الـ (21)، ومن المتوقع أن يكون هناك رد فعل، مركز ربما. ولغياب أدنى درجات المسؤولية من الطرفين فيما يتعلق باستخدام السلاح الثقيل، حيث أدى القصف المستمر منذ عشرة أيام من قبل قوات حفتر إلى وقوع أضرار بالمناطق السكنية. أيضا استخدم أنصار الشريعة ومن ساندهم في هجومهم مدافع وقاذفات أسفرت عن أضرار بالحي السكني القريب من الكتيبة، ويضاف إليه احتمال إقدامهم على استخدام الأحزمة الناسفة، والسيارات المفخخة ضد مواقع خصومهم. لهذا فإنه من المتوقع أن تترتب على المواجهات المتوقعة خسائر كبيرة في الأرواح وأضرار جسيمة في المباني ودخول المدينة في حالة فوضى ورعب كبيرين.

ما يغيب حتى الآن هو صوت العقل، ونداء الحكمة الذي يرفض اللجوء للقوة لفرض الإرادة وخطط السيطرة على مقاليد الأمور بقوة السلاح، والاحتكام للشرعية، ومواجهة خطر الإرهاب. 

ولأن الوضع حرج جدا، فإني أدعو الشخصيات الرمزية التي تحظى باحترام قطاع كبير من الليبيين بمختلف مشاربهم ومناطقهم واختلاف آرائهم وهم: الشيخ مصطفى عبدالجليل، الدكتور محمد المقريف، الدكتور محمود جبريل، الشيخ الصادق الغرياني، أدعوهم إلى الاستعلاء على خلافاتهم والانتباه إلى خطر الحرب القادمة، وضرورة أن يقودوا مبادرة لوقف الاقتتال، والدعوة إلى وفاق قائم على حلحلة أسباب التأزيم الراهن، بما في ذلك النظر في دور حفتر ومخططه، وسبيل التعامل مع أنصار الشريعة وتشددهم. فرمزية هؤلاء يمكن أن تسهل انقياد جموع الليبيين بمختلف تكويناتهم إلى دعم مبادرتهم وبالتالي تجنيب البلاد شبح حرب قد تقضي على الآمال في بناء الدولة.
التعليقات (0)