كتاب عربي 21

الحلف الأميركي - الإيراني حقيقة؟

علي حمادة
1300x600
1300x600
منذ أن باشرت الولايات المتحدة عمليتي الانسحاب من العراق ثم من أفغانستان، بدا أن العلاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران بدأت في التحرك في اتجاه حوار استراتيجي حول محيط إيران الذي تنسحب منه الولايات المتحدة وفقا لوعود الرئيس باراك أوباما الذي جعل مسألة الانسحاب من العراق وأفغانستان وعدا انتخابيا، ونال حولها تأييدا واسعا في الساحة الداخلية الأميركية.

وأتت ازمة سوريا التي بدأت سنة 2011 على شكل تظاهرات احتجاجية سلمية ما لبث ان اغرقها النظام عن سابق تصور وتصميم في بحر من الدماء، ودفعها الى العسكرة، ثم تحولت الازمة الى حرب مفتوحة في الداخل والاقليم معا.

ومع تطور الصراع في سوريا، وانخراط ايران بالكامل فيها بدعم واسع من روسيا، لم تواجه الولايات المتحدة الحلف الايراني - الروسي الداعم لنظام بشار الاسد بالقوة والعزيمة نفسهما، بل انها لم تف بوعودها المتكررة بتسليح الثوار من "الجيش السوري الحر" بأسلحة نوعية قادرة على تحييد سلاحي الجو والدبابات التابعين للنظام، ووقفت بقوة غير اعتيادية في وجه محاولات الدول العربية الداعمة للثورة وفي مقدمها السعودية وقطر لتقديم اسلحة نوعية تعدّل موازين القوى. ومع ذلك وصل الثوار الى ابواب دمشق وحاصروها من ثلاث جهات في منتصف 2013، وتحول المناخ في العاصمة السورية الى مناخ نهاية نظام. وفي آب 2013 حصل الهجوم بالسلاح الكيميائي على الغوطة الدمشقية، وتوعّدت ادارة باراك اوباما باستخدام القوة ضد النظام بعدما كان اوباما قد رسم خطا احمر امام بشار الاسد في شأن استخدام الاسلحة الكيميائية.

وفي اللحظات الاخيرة قبل تنفيذ الضربات الاميركية، تراجع الرئيس الاميركي عن تهديده لقاء اتفاق رعته موسكو، يقضي بتسليم بشار الاسد ترسانته الكيميائية، تاركا الحلفاء الغربيين والعرب وبالاخص الثوار في موقف محرج، على قاعدة انه من الناحية العملية قايض السلاح الكيميائي ببقاء نظام بشار الاسد. ومنذ ذلك اليوم، ومع استغلال الايرانيين والروس هذه النافذة، جرى الزج بآلاف المقاتلين من "حزب الله" وميليشيات شيعية اخرى من العراق في المعركة، بالتناغم مع تسهيل حركة تنظيم "داعش" لضرب "الجيش السوري الحر" من الخلف.

في العراق جرت الانتخابات في ظل تأييد اميركي - ايراني لعودة نوري المالكي الى سدة الحكم، باعتبار انه شكل تقاطعا بين نفوذ القوتين الدولية والاقليمية، على الرغم من ادائه سياسة معادية للسنة في العراق، أدت الى تهميشهم، واستهدافهم بشكل منظم. واليوم مع انفجار الوضع في العراق، وانهيار جيش نوري المالكي في المحافظات السنية، لم تستر واشنطن وقوفها العلني بجانب المالكي، وبالتالي السياسة الايرانية في العراق، وهي تتجه الى توجيه ضربات جوية ضد الانتفاضة السنية في العراق بما يعزز من نفوذ ايران، ويعمق اكثر حلفا بدأت تتضح معالمه بين واشنطن وطهران.

(النهار اللبنانية)
التعليقات (0)