ملفات وتقارير

الفلوجه تشهد الهجرة الرابعة على أيدي قوات المالكي

نازحون من مدينة الفلوجة إلى أربيل شمالا - أرشيفية
نازحون من مدينة الفلوجة إلى أربيل شمالا - أرشيفية
للمرة الرابعة، يضطر سكان مدينة الفلوجة لهجر منازلهم بسبب الحروب التي تعاقبت على المدينة في تاريخ العراق الحديث منذ الاحتلال البريطاني.

الهجرة الأولى لسكان المدينة كانت عام 1941، حين قامت القوات البريطانية المحتلة للعراق بشن غارات جوية على المدينة التي وقفت إلى جانب "جيش العراق الوطني المتمرد"، تلتها هجمتان لقوات الاحتلال الأمريكي عام 2004، تحولت الفلوجة حينها إلى أنقاض مدينة، وأخيرا الهجوم الذي يشنه جيش رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي تحت لافتة (مكافحة الإرهاب) والذي بدأ مع بداية عام 2014، ولم ينته بعد.

أم أحمد، تعمل مدرسة في مدينة الفلوجة وهاجرت مع زوجها المقاول وأولادهما الخمسة إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، حالهم كحال الكثيرين، أخلوا بيوتهم هربا من الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية على المدينة. وقالت أم أحمد في حوار لها مع "عربي 21": "أحمد الله فأنا محظوظة جدا، لأن قذيفة هاون سقطت قرب منزلي ولم تنفجر، فكانت بمثابة إنذار لي ولعائلتي، ولكوننا متمكنين ماديا قررنا الرحيل إلى شمال العراق، وسنبقى إلى أن ينتهي كل شيء مهما كلفنا البقاء".

وأضافت: "نسمع مئات القصص عن المآسي التي تصيب المدينة، ونرى الجرحى الذين يجلبون بعضهم إلى هنا، المدينة تُذبح وتدمر وما من حل في الأفق".

ولا توجد إحصائية دقيقة لأعداد النازحين من المدينة، لكن العديد من المصادر قدرت أعدادهم بنحو 700 ألف منهم من هاجر خارج المدينة، وبعضهم إلى النواحي والقرى الملحقة بقضاء الفلوجة.
 
وتتفاوت مدد نزوح المهاجرين، فبعضهم هاجر منذ بداية الأزمة في مطلع العام، ومنهم من تريث لشهر أو شهرين.

وتؤكد مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية أن الأزمة تتفاقم كل يوم بسبب استمرار القصف الحكومي على المدينة وملحقاتها، ونضوب موارد المهجرين، ما دفع بعضهم إلى العودة لمواجهة مصيره، بدلا من المجاعة والسكن المهين في المدارس والخيام.

ومن جهته، قال النازح في مدينة كركوك الشمالية، فارس الجميلي، لـ"عربي 21": "كل ما يقال عن قوة الفلوجة وصلابة مجتمعها صحيح، لكن ذلك لا يعني أن البشر لا يعانون تحت عباءة صمودهم وصبرهم. إن الذي مر ويمر بهذه المدينة هو سلسلة من الكوارث التي تجب متابعتها بسرعة لغرض تحديد وتحليل الأضرار الجسيمة التي أصابت الوضع المجتمعي".

وتابع الجميلي وهو خريج علوم اجتماعية، وموظف حكومي نزح هو وعائلته المكونة من زوجة وأربعة أطفال: "نفدت مدخراتنا بسبب غياب الدعم الحكومي والإنساني، وهذه خطيئة كبرى للعالم أجمع، ويجب أن يوضع لها حد".

والجانب الآخر من المعاناة المستمرة هو أن العوائل التي تعود بسبب نفاد المال وارتفاع بدلات الإيجار بسبب بداية موسم السياحة الصيفي في الشمال تخاطر بحياتها، فالجيش وطيرانه يقصفون أي هدف متحرك، حيث استهدفت طائرات المالكي عائلة سفيان خير الله الحلبوسي، فأودى القصف بحياة ابنتيه الصغيرتين وزوجته وابنه، أما رب الأسرة فقد إحدى عينيه.

ويقول شهود عيان إن المدينة ما زالت تتعرض للقصف بالبراميل المتفجرة "دونما تمييز لبيت أو سوق أو مسجد".

وتجاوز عدد ضحايا القصف من المدنيين 500 قتيلا نصفهم من الأطفال والنساء، وذلك بحسب إحصائية مستشفى الفلوجة التعليمي.
التعليقات (0)