سياسة عربية

إسلاميو المغرب يتطلعون لتجديد حكومتهم رغم الانتقادات

حكومة ابن كيران مع الملك المغربي - ا ف ب
حكومة ابن كيران مع الملك المغربي - ا ف ب
مع انقضاء نصف ولاية الحكومة المغربية التي يقود تحالفها الإسلاميون منذ بداية 2012، يتطلع عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، إلى فوز حزبه في الانتخابات المحلية والتشريعية، رغم الانتقادات الداخلية والظروف الإقليمية.

ويعرض عبد الإله بن كيران (60 سنة)، أمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، حصيلة سنتين ونصف السنة من عمل الحكومة، الثلاثاء (الساعة 22:00) أمام غرفتي البرلمان المغربي.

ومن المنتظر أن يتحدث عبد الإله بن كيران إلى المغاربة، عبر التلفزيون الرسمي مباشرة، ليطلعهم على ما حققته حكومته بعد سنتين ونصف السنة من فوز حزبه الإسلامي لأول مرة في تاريخ المغرب بالانتخابات نهاية 2011، بعد حراك شعبي عرفه المغرب بداية السنة نفسها.

ورغم الانتقادات الكثيرة التي تتعرض لها الحكومة المغربية يراهن ابن كيران على فوز حزبه بمحطتين انتخابيتين مقبلتين، وقيادته من جديد للحكومة، التي تعد آخر حكومة إسلامية باقية في الحكم من بين الحكومات التي قاد الربيع العربي الإسلاميين لقيادتها في المنطقة.

وستكون الانتخابات المحلية المنتظرة سنة 2015، أول امتحان أمام الإسلاميين لاختبار قوتهم من جديد في الساحة السياسية، قبل إجراء الانتخابات التشريعية عام 2016، والتي يوجد خلاف كبير حول طريقة إجرائها بين الأحزاب ووزارة الداخلية.

وبموازاة التفاوض حول طريقة تنظيم الانتخابات المحلية والنيابية المقبلة، تلقى رئيس الحكومة انتقادات لاذعة نهاية حزيران/ يونيو، من أوساط الحركات النسائية بسبب تصريحاته في البرلمان حول جدوى خروج المرأة إلى العمل، واتهم بمحاولة استمالة الأوساط المحافظة في حملة انتخابية سابقة لأوانها.

وسبق للصحافة المغربية أن تحدثت عن دعم الفصائل الإسلامية المحافظة لحزب ابن كيران للفوز خلال انتخابات 2011 البرلمانية باستعمال خطاب أخلاقي، لكن جماعة العدل والإحسان المحظورة، وهي أكبر حركة إسلامية في المغرب، قالت الأسبوع الماضي إنها لم ولن تدعم رئيس حكومة مغلوبا على أمره أمام سلطات الملك محمد السادس.

من جانبه، أبدى جزء كبير من التيار السلفي المغربي خيبتهم من عدم قدرة حكومة ابن كيران على تحقيق وعود انتخابات 2011، بحل ملف السلفيين المعتقلين في السجون على خلفية مكافحة الإرهاب منذ 11 أيلول/ سبتمبر 2001، وتفجيرات الدار البيضاء في 16 أيار/ مايو 2003.

ورغم الانتقادات وتراجع ثقة المتعاطفين نسبيا مع الحزب الإسلامي، يفتخر عبد الإله بن كيران بكون حكومته أطلقت إصلاحات اجتماعية حساسة مع الحفاظ على الاستقرار في الوقت نفسه، كإصلاح صندوق المقاصة الذي يدعم المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع.

وبفضل هذا الإصلاح كما تقول الحكومة، انخفضت نسبة العجز مقارنة مع الناتج الإجمالي الخام من 7% في سنة 2012، إلى 5% مع نهاية 2014.

أما فيما يخص إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالعجز عن دفع معاشات المتقاعدين المغاربة واستهلاك احتياطاتها ابتداء من نهاية 2014، فقد وضعت الحكومة مقترحاتها الإصلاحية للتفاوض مع كبرى النقابات الخمس.

ومن المنتظر أن ترد النقابات على مقترحات الحكومة في 18 تموز/ يوليو الجاري، لكنها صرحت بعد لقاء الحكومة بأن المقترحات المقدمة من طرف ابن كيران مرفوضة باعتبار أن فيها إجهازا على مكاسب المغاربة.

إضافة إلى الإصلاح الجزئي لنظام دعم المواد الأساسية الذي نتج عنه ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، وإصرار الحكومة على بدء إصلاح أنظمة التقاعد هذه السنة، فإن ارتفاع نسبة البطالة وسط الشباب المغاربة إلى 30%، يشكل تحديا آخر للإسلاميين، سبق للبنك الدولي أن حذر الرباط من التغافل عنه.

وتعتبر العاصمة الرباط مسرح التظاهر شبه اليومي لآلاف العاطلين عن العمل المطالبين بوظيفة في القطاع العام، مقابل الاختفاء شبه النهائي لحركة 20 فبراير الاحتجاجية التي قادت الحراك الشعبي في المغرب بداية 2011 في سياق الربيع العربي.

ولطالما افتخر عبد الإله بن كيران بكون حزبه وحكومته حققا الاستقرار للمغرب مقارنة مع باقي دول الربيع العربي، معللا ذلك باختفاء حركة 20 فبراير من الشارع المغربي، وإطلاق حكومته لإصلاحات اجتماعية مهمة.

لكن توفيق بوعشرين مدير تحرير يومية "أخبار اليوم" المستقلة، اعتبر في افتتاحية له بمناسبة مرور سنتين ونصف سنة من عهدة ابن كيران أنه صحيح أن "المغرب ربح الاستقرار، لكن مقابل إصلاحات كبيرة كانت جد مكلفة على المستوى الاجتماعي".

ورغم التكلفة الاجتماعية للإصلاحات التي تقودها الحكومة في سباق مع الزمن، قبل حلول الانتخابات، يصرح عبد الإله بن كيران باستمرار أن "مهمتي هي الإصلاح بأي تكلفة، وليس هدفي هو الحفاظ على شعبيتي أو التحضير للانتخابات".

وأمام ابن كيران الذي كشف آخر استطلاع للرأي تآكلا نسبيا في شعبيته مع توقع فوز حزبه من جديد في الانتخابات، لا يظهر أي زعيم قادر على منافسته بالوزن نفسه، كما يقول عضو في التحالف الحكومي المكون من أربعة أحزاب.

ومع ذلك، فإنه لا يبدو فوز العدالة والتنمية الإسلامي بالانتخابات من جديد أمرا محسوما، خاصة بعد أن خروج الحليف الأساسي من الحكومة الخريف الماضي إلى المعارضة، ما اضطر ابن كيران إلى التفاوض مع أعدائه ممثلين في حزب التجمع الوطني للأحرار المصنف كحزب إداري، لتشكيل أغلبية جديدة.

وبالنسبة ليومية "ليكونوميست" المقربة من أوساط رجال الأعمال، فإنه بمجرد الحديث عن خفض نسبة العجز فإننا "نسعى عبثا لإيجاد مبادرات أخرى ناجحة للحكومة".

وتعد مكافحة الفساد، التي كانت حصان طروادة الذي خاض به حزب العدالة والتنمية انتخابات 2011، من بين الأمثلة التي لم تحقق فيها الحكومة شيئا يذكر بحسب المعارضة والصحافة.

وحتى من الناحية الاقتصادية كما يقول نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي المقرب من اليسار، "فإذا أردنا الحديث عن الحصيلة فإن وتيرة النمو ضعيفة والإصلاحات غير مكتملة"، حيث إن "ابن كيران اعتمد وصفات إصلاحية نيوليبرالية قديمة، مبنية على منطق الأسعار".
التعليقات (0)