سياسة عربية

باحثة أمريكية: محادثات التهدئة تعيد عباس كلاعب جديد

رئيس سلطة رام الله محمود عباس - أرشيفية
رئيس سلطة رام الله محمود عباس - أرشيفية
اعتبرت الباحثة الأمريكية إيزابيل كيرشنر أن رئيس سلطة رام الله محمود عباس، عاد من جديد كلاعب رئيسي في المحادثات التي ترعاها مصر في القاهرة بهدف وضع حد للحرب الأخيرة في غزة

وكتبت كيرشنر عبر مقال له نشر في صحيفة "نيويورك تايمز": "ها هو – أي عباس-  يبرز كمسمار أمان محتمل لإسرائيل ومصر وحماس، بينما يسعون إلى التوصل إلى ترتيبات جديدة ودائمة لهذا القطاع الفلسطيني المطل على البحر". 

وذكرت الباحثة الأمريكية أن إسرائيل ظلت لشهور تحث محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، على القطيعة مع حماس، المجموعة الإسلامية التي تسيطر على غزة، وعلى حل الحكومة الجديدة التي تمخضت عن اتفاقية المصالحة. 

ولفتت إلى أن هذه الاتفاقية تسببت في خرق سفينة مفاوضات الشرق الأوسط التي كانت ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليعلن مراراً وتكراراً أنه "لا ينشد السلام من يختار إرهاب حماس". 

وفي إشارة منها للتأكيد على تغير سياسة إسرائيل تجاه عباس، نوه إلى ما أخبره نتنياهو للصحفيين الأسبوع الماضي بأن التعاون مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بات مهماً من أجل إعادة إعمار غزة ومن أجل انسياب المساعدات الإنسانية، وأثنى على السلطة لما قدمته من مساعدة في ترتيب الجولة الثانية من وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، والتي استمرت دون خرق الثلاثاء لليوم الثاني على التوالي. كما أنه تخلى عن تنديداته بالحكومة الفلسطينية.  

و تابعت كيرشنر أن من الدلائل التي تؤكد تحسن العلاقة الإسرائيلية مع عباس، هو وصول زياد أبو عمرو، نائب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، إلى غزة الثلاثاء، بعد رفض إسرائيل منحه ترخيصاً للسفر من الضفة الغربية إلى غزة عدة مرات أثناء القتال.

 الأمر الذي دفع أبو عمرو للقول: "آمل أن يكون الإسرائيليون قد غيروا رأيهم ورفعوا الحظر عن حكومة الوحدة الوطنية. أعتقد أن القاهرة تلعب دوراً جاداً في هذا المجال، وستفرض على الجميع العودة إلى الواقع والتعامل مع الأمور بواقعية". 

وفي معرض استدلالها على القول بأن عباس عاد من جديد كلاعب رئيس، استشهدت كيرشنر بتصريحات يائير ليبيد، وزير المالية الإسرائيلي ورئيس ثاني أكبر أحزاب الحكومة، ييش آتيد، التي بادر فيها إلى اقتراح خطط خاصة بهدف إقامة منظومة جديدة وطموحة تتضمن إعادة السيطرة على غزة للسلطة الفلسطينية. 

ولكن الباحثة استدركت قائلة: "يبقى السيد عباس ضعيفاً سياسياً بين شعبه، ولا توجد لدى كثير من الوزراء الإسرائيليين وصفة جاهزة لتمكينه فوراً من حكم غزة، ربما فيما عدا السماح لقوات السلطة الفلسطينية بالإشراف على معبر رفح بين غزة ومصر".

لكنها عادت وقالت: "تدعم إسرائيل فكرة وجود حزمة إعادة إعمار لغزة تمول دولياً وتنفق من خلال السيد عباس لتمكينه من الرقابة ولتعزيز نفوذه وتحسين وضعه بين الفلسطينيين، كما أن إسرائيل تصر على إجراءات تكفل منع حماس من إعادة التسلح". 

ولم تنس الكاتبة الأمريكية ذكر ما تقدمت به الأسبوع الماضي  تسيبي ليفني، وزيرة العدل ومسؤولة ملف التفاوض مع الفلسطينيين نيابة عن الحكومة الإسرائيلية في مقاله، حيث رسمت المعالم التي تتصورها للمحادثات مع عباس، التي تشمل تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى غزة والسيطرة على مقاليد الأمور فيها.

وقالت ليفني: "بعض القضايا مثل الميناء البحري والمطار ينبغي أن تناقش مع منظمة التحرير الفلسطينية التابعة للسيد عباس كجزء من اتفاقية الوضع النهائي". 

بالرغم من كل ذلك أنهت كيرشنر مقالتها بما قاله البروفيسور إفراييم إنبار، مدير مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان: " لا ترى إسرائيل أن السيد عباس قوي بما يكفي ليتمكن عملياً من الهيمنة على غزة، إلا أن إسرائيل مترددة في إعادة اجتياح غزة".

وفي ما يأتي نص المقال كاملا:

 ظلت إسرائيل لشهور تحث محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، على القطيعة مع حماس، المجموعة الإسلامية التي تسيطر على غزة، وعلى حل الحكومة الجديدة التي تمخضت عن اتفاقية المصالحة. 

تسببت تلك الاتفاقية في إبريل في خرق سفينة مفاوضات الشرق الأوسط التي كانت ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليعلن مراراً وتكرارا أنه "لا ينشد السلام من يختار إرهاب حماس". 

ولكن، ها هو السيد عباس يعود من جديد كلاعب رئيس في المحادثات التي ترعاها مصر في القاهرة بهدف وضع حد للحرب الأخيرة في غزة. وها هو يبرز كمسمار أمان محتمل لإسرائيل ومصر وحماس بينما يسعون إلى التوصل إلى ترتيبات جديدة ودائمة لهذا القطاع الفلسطيني المطل على البحر. 

لا تتعامل إسرائيل بأي شكل مباشر مع حماس، التي ترفض من طرفها الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. أصبحت مصر في عهد عبد الفتاح السيسي معادية لحماس، وأخبر السيد نتنياهو الصحفيين هنا الأسبوع الماضي بأن التعاون مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بات مهماً من أجل إعادة إعمار غزة ومن أجل انسياب المساعدات الإنسانية، وأثنى على السلطة لما قدمته من مساعدة في ترتيب الجولة الثانية من وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، والتي استمرت دون خرق الثلاثاء لليوم الثاني على التوالي. كما أنه تخلى عن تنديداته بالحكومة الفلسطينية.  

"الأمور تغيرت، ألا توافقين؟". هذا ما قاله يائير ليبيد، وزير المالية الإسرائيلي ورئيس ثاني أكبر أحزاب الحكومة، ييش آتيد، في محادثة هاتفية الثلاثاء. 

ومضى السيد ليبيد ليقول: "إحدى المشاكل التي واجهتنا مع ما يسمونه الحكومة التكنوقراطية هو أن الجميع كانوا يشعرون بأن حماس كانت أقوى من اللازم وأنها كان من الممكن أن تهيمن على الحكومة. أما الآن فقد أصبحت حماس أضعف مما كانت عليه، سواء عسكرياً أو سياسيا". 

وأضاف: "إذا كانت إسرائيل قد ساورها القلق من قبل من أن حكومة المصالحة الفلسطينية التي تدعمها حماس كانت ستتحول إلى أداة تتمكن حماس من خلالها من التمدد إلى الضفة الغربية، فقد غدت الآن أداة يمكن أن تستخدم لتمكين الضفة الغربية من أن تمتد إلى غزة". 

أما أودي ديكيل، والذي كان سابقاً مفاوضاً إسرائيلياً رئيسياً في المفاوضات مع الفلسطينيين ويعمل الآن باحثاً في معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب، فقال إن معظم مكونات الحكومة الإسرائيلية تدعم فكرة "قلب المصالحة رأساً على عقب". 

وكان الدليل على حدوث تغير في السياسة الإسرائيلية هو وصول زياد أبو عمرو، نائب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، إلى غزة الثلاثاء. قال السيد أبو عمر إن الإسرائيليين رفضوا منحه ترخيصاً للسفر من الضفة الغربية إلى غزة عدة مرات أثناء القتال، ولكنه بلغه الخبر في العاشرة صباحاً بأن بإمكانه دخول غزة عبر معبر إيريز الإسرائيلي. 

في مقابلة معه، قال أبو عمرو: "آمل أن يكون الإسرائيليون قد غيروا رأيهم ورفعوا الحظر عن حكومة الوحدة الوطنية. أعتقد أن القاهرة تلعب دوراً جاداً في هذا المجال، وستفرض على الجميع العودة إلى الواقع والتعامل مع الأمور بواقعية". 

بادر السيد ليبيد وغيره من وزراء الوسط إلى اقتراح خطط خاصة بهم في الأيام الأخيرة بهدف إقامة منظومة جديدة وطموحة تتضمن إعادة السيطرة على غزة للسلطة الفلسطينية. وكانت تلك السيطرة قد انتهت عام 2007 حينما اجتثت حماس قوات السيد عباس، ما أدى إلى سبع سنوات من الانقسام والخصام بين الفصائل الفلسطينية. 

ولكن يبقى السيد عباس ضعيفاً سياسياً بين شعبه، ولا توجد لدى كثير من الوزراء الإسرائيليين وصفة جاهزة لتمكينه فوراً من حكم غزة، ربما فيما عدا السماح لقوات السلطة الفلسطينية بالإشراف على معبر رفح بين غزة ومصر. إضافة إلى ذلك، لا يزال ائتلاف الحكومة الإسرائيلية منقسماً على نفسه إزاء موضوع السلام بشكل عام، ويقول بعض النقاد إن الائتلاف تنقصه فيما يبدو الرؤية الموحدة. يقول السيد ديكيل: "حقيقة أن بعض الوزراء بادر إلى التقدم بخطط من تلقاء نفسه يعني أن الحكومة لا توجد لديها أي خطة". 

لقد طالبت حماس برفع الحصار الاقتصادي المفروض على قطاع غزة، وبتوسيع نطاق منطقة الصيد المسموح بها في البحر المتوسط، وبميناء بحري، وبإعادة بناء مطار غزة، وبالإفراج عن السجناء الفلسطينيين، ربما من خلال تبادل مع رفات الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في المعارك الأخيرة. 

تدعم إسرائيل فكرة وجود حزمة إعادة إعمار لغزة تمول دوليا وتنفق من خلال السيد عباس لتمكينه من الرقابة ولتعزيز نفوذه وتحسين وضعه بين الفلسطينيين، كما أن إسرائيل تصر على إجراءات تكفل منع حماس من إعادة التسلح. 

مبادرة السيد ليبيد الدبلوماسية تدعو إلى عقد مؤتمر دولي تستضيفه مصر وتشارك فيه كل من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل و"الدول العربية المعتدلة بما في ذلك المملكة العربية السعودية"، للعمل على نزع السلاح في قطاع غزة وعودة السلطة الفلسطينية إليه. 

قال السيد ليبيد إن مبادرته يجري التباحث بشأنها داخل الحكومة الإسرائيلية وأنه جاءت عليها "ردود مثيرة جداً للاهتمام من العالم العربي"، ومع أنه رفض الإفصاح عن المزيد من المعلومات إلا أنه قال: "يفهم الجميع إن المهم في الأمر هو ألا يكون لدينا وقف إطلاق نار في غزة ما يلبث أن ينهار خلال شهور أو بعد عام أو بعد عام ونصف في أحسن الأحوال. المطلوب هو التوصل إلى ما هو أعمق من ذلك، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إشراك العالم العربي". 

يعقوب بيري، وزير العلوم والتكنولوجيا وأحد أعضاء حزب السيد ليبيد، ذهب إلى أبعد من ذلك، حين أخبر الواشنطن بوست هذا الأسبوع بأنه يمكن توسيع نطاق المباحثات لتشمل التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين بناء على المبادرة العربية للسلام، والتي كانت قد طرحت بادئ ذي بدء عام 2002 وعرضت على إسرائيل تطبيع العلاقات معها في كل أرجاء العالم العربي. 

في الأسبوع الماضي تقدمت تسيبي ليفني، وزيرة العدل ومسؤولة ملف التفاوض مع الفلسطينيين نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، بالمعالم التي تتصورها للمحادثات، والتي تشمل تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى غزة والسيطرة على مقاليد الأمور فيها، وقالت: "بعض القضايا مثل الميناء البحري والمطار ينبغي أن تناقش مع منظمة التحرير الفلسطينية التابعة للسيد عباس كجزء من اتفاقية الوضع النهائي". وحينما سئلت عما إذا كان السيد نتنياهو قد تبنى مقترحها قالت بنبرة يغلب عليها الإبهام "هذه المبادئ تمثل معظم أصدقائي داخل الحكومة". 

في الأغلب لا يدخل ضمن أصدقائها نافتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي اليميني، الذي كان قد قال في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي يوم الاثنين إن السيد عباس "شريك في الإرهاب" وأن فكرة الدولة الفلسطينية قد انتهت إلى الأبد. وفي إشارة إلى السيد عباس باستخدام كنيته قال: "من يظن منا أن أبا مازن هو الأم تيريزا فإنه يعيش في وهم". 

أما أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل وزعيم الحزب القومي المتطرف إسرائيل بيتنا، فقد دعا إلى "نصر حاسم على حماس". 

يقول البروفيسور إفراييم إنبار، مدير مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار إيلان، لا ترى إسرائيل أن السيد عباس قوي بما يكفي ليتمكن عملياً من الهيمنة على غزة، إلا أن إسرائيل مترددة في إعادة اجتياح غزة، وأضاف: “ما تحتاج إليه غزة هو الهدوء مقابل أقل تكلفة ممكنة. في هذه الأثناء يقول المصريون فليرسل بعض الجنود إلى غزة، ونحن نرد عليهم بالقول أوكيه. لكنني لا أظن أن الأمر سيتجاوز ذلك”.
التعليقات (0)