بورتريه

بورتريه.. رصاصة الرحمة على رأس قاتل الكلاب والقطط

يعالون صاحب نظرية ما لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة - فيس بوك
يعالون صاحب نظرية ما لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة - فيس بوك
حكايتان هما المدخل المثالي للتعرف على شخصيته: أولهما أنه أطلق الرصاصة الأخيرة التي قتلت الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس.. الذي كان أول الرصاص وأول الحجارة.

والثاني ميوله السادية وكراهيته للعرب، إلى الحد الذي كان يدوس فيه على رؤؤس القطط والكلاب لقتلها وهو يشبهها بالعرب، قائلا لرفاقه: "هكذا يجب أن نفعل بالعرب".

 كان الأكثر ميلا لسفك الدماء العربية منذ أن التحق بأول وحدة عسكرية في الجيش الإسرائيلي، والأكثر رفضا لوجود الفلسطينيين والعرب في هذا العالم.

وكثيرا ما تفاخر في القاعات المغلقة قائلا: "في كل مرة يجلب فيها السياسيون إلى هنا حمامة سلام يتوجب علينا نحن في الجيش أن ننظف من ورائها"، و يعترف دون مواربة بأنه كعسكري "نظف قاذورات السلام".

موشيه يعلون المولود عام 1950 لأب من أوكرانيا، له حكاية مع الأسماء لا تقل أهمية مع حكايته مع الكراهية، إذا أن اسمه الحقيقي هو موشيه سمولينسكي، وكان يطلق عليه  لقب "بوغي" الذي حصل عليه في سن العاشرة من قبل أولاد الجيران الذي واجهوا صعوبة في مناداته "موشيك" ، كما أنه كان يدوس الكلاب والقطط فسمي "بوغي" اختصارا لـ"جسم الدبابة".

كما أنه استمد اسم يعلون في عام 1967  عندما أطلق اسم "يعلون" على الحركة التي أرسلت إلى كيبوتس "يعلون" في منطقة وادي عربة، فأراد أن يعبر عن تعاطفه مع هذه الفكرة، فغيّر اسم عائلته إلى يعلون. 

يحمل موشيه يعلون درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة حيفا، واستكمل دراساته العليا في كلية القيادة في "كمبرلي" في إنجلترا.

وانضم للجيش الإسرائيلي في عام 1968 في إطار فرقة "غرعين هناحال"، متطوعا في فرقة المظليين في كتيبة مظليي "الناحال"، وأنهى خدمته العسكرية النظامية برتبة ملازم أول في عام 1971.

مع اندلاع حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، انضم لخدمة الاحتياط في فرقة المظليين رقم 55 والتي شاركت في الحرب على الجبهة المصرية، والتي قامت بعبور قناة السويس في إطار حملة "فرسان القلب"، وفي هذه الحرب مارس كراهيته ضد العرب عندما كان يتعمد  إطلاق النار على الفلاحين المصريين الذين كانوا يقومون بفلاحة حقولهم، وقد قتل عددًا منهم جراء ذلك.

في أعقاب حرب عام 1973 عاد يعلون للخدمة الدائمة في الجيش، وشغل منصب قائد قسم في ظل قيادة رئيس الكتيبة إسحاق إيتان، وفيما بعد عين قائداً للفرقة الخاصة في المظليين. 

وفي تلك الفترة أصبح القتل حرفته الرسمية والمفضلة، فمن خلال عمله في الوحدات الخاصة عهد إليه قيادة فرق الاغتيال لعدد من قادة منظمة التحرير في أوروبا، وبعد اجتياح لبنان في عام 1982 تخصص في تنفيذ عمليات الاختطاف، حيث قام باختطاف العديد من عناصر كوادر منظمة التحرير الفلسطينية والمقاومة الإسلامية واللبنانية.

وفي أيار/ مايو 1985 أصيب خلال مطاردة قادها خلف عناصر من رجال المقاومة اللبنانية في لبنان، ونجا منها بأعجوبة.

ومن أشهر عمليات الاغتيال التي قام بها يعلون وخطط لها عملية اغتيال أبو جهاد، الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في بيته في العاصمة التونسية عام 1988.

ووصل يعلون لتونس قبل يومين من تنفيذ العملية بجواز سفر أجنبي، ورسم مخطط الاقتحام، بعد أن حصل على معلومات عن الأوضاع داخل البيت، من إحدى عميلات الموساد التي تقمصت شخصية صحافية وأجرت عدة مقابلات مع أبو جهاد في بيته.

وبعد يومين وصلت وحدة "سييرت متكال" على ظهر سفينة تابعة لسلاح البحرية الصهيوني إلى الساحل التونسي، وكان يرافقهم نائب رئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت إيهود باراك.

كان يعلون أول من أطلق النار على ثلاثة من حراس أبو جهاد من أسلحة مزودة بكاتم للصوت، وانطلق هو وجنوده إلى داخل البيت برفقة "صحافية الموساد" وقام أحد الجنود بإطلاق ثلاثة أعيرة في صدر أبو جهاد، وقام يعلون شخصيا بإطلاق ثلاث رصاصات على رأسه ورقبته للتأكد من وفاته، وقد اعترف يعلون في أكثر من مقابلة صحافية بقيادته لهذه العملية.

واصل تقدمه في الجيش  الإسرائيلي، ففي عام 1990 أصبح قائد كتيبة المظليين، وبعد عامين عين قائداً لمنطقة الضفة الغربية برتبة ميجر جنرال. 

وفي عام 1995 حصل على رتبة جنرال وشغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش. 
وفي عام 2002، عُين في منصب نائب رئيس الأركان ثم رئيس الأركان السابع عشر في الجيش الإسرائيلي خلفا لشاؤول موفاز، وانتهت فترة يعلون في رئاسة الأركان في 2005، وخلفه في منصبه نائبه، الجنرال دان حلوتس. 

ولا تختلف صورة يعلون السياسية كثيرا عن صورته العسكرية، فبعد انضمامه عام 2008 إلى حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو والتنافس في الانتخابات الداخلية لقائمة "الليكود" للكنيست، عينه نتنياهو  نائبا لرئيس الحكومة، ووزيرا للشؤون الاستراتيجية، وعضوا في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية.

ومن موقعه هذا دعم يعلون قرار المجلس الوزاري المصغر لعملية اعتراض السفن المتضامنة مع غزة والمتوجهة إليها في أيار/ مايو 2010، ودافع عن القرار بوقف أسطول السفن، ودافع عن قرار إطلاق النار على السفينة التركية "مرمرة" .

كما عارض في عام 2011 الاتفاق لإطلاق سراح الجندي الأسير لدى "حماس" جلعاد شاليط وصوت في مجلس الوزراء ضد الصفقة، وهذه المعارضة لم تمنع من تعيينه في منصب وزير الدفاع، ضمن تركيب الحكومة عقب انتخابات الكنيست في عام 2013، خلفا ليهودا باراك.

ورغم حساسية منصبه إلا أنه لم يكن يوارب في مواقفه السياسية التي كانت تختلف كثيرا عن السياسة الإسرائيلية المعلنة، ومواقفه هذه سبق له أن عبر عنها أيضا من خلال رؤيته للعلاقة مع العرب والتي وثقها في كتابه "طريق طويلة قصيرة" الذي صدر عام 2008.

فهو يرى أن خطة الانسحاب من غزة في عام 2005 هي التي أدت إلى صعود "حماس" في القطاع، بعد بضعة أشهر من تنفيذها، وبالتالي يتعين على" إسرائيل" التعلم من الدرس وألا تقوم بأي "انسحابات أخرى".

يقول يعلون: الطريق التي تؤدي إلى السلام في الوقت الراهن تسمى "الطريق القصيرة"، ويرى يعلون أن "الطريق الطويلة" التي تتجنب في هذه المرحلة أي انسحاب إضافي هي الطريقة التي ستبين للعرب مدى قوة "إسرائيل"، وهي فقط التي ستجلب "السلام".

ويوضح يعلون نظريته أكثر بأن المستوطنات ليست أصل الدافع الفلسطيني للقيام بالعمليات "الإرهابية" بل إن السبب الرئيسي لـ"الإرهاب" يكمن في "التربية الفلسطينية". 

وهكذا يسحب قناعاته على مجمل مواقفه السياسية والعسكرية من منظور أن "الثقافة العربية" ثقافة تشجع على العنف، وأن "النزاع هو جزء من حرب ثقافات تدور في الشرق الأوسط ما بين الثقافة الغربية التي تقدس الحياة، وبين الإسلام الجهادي الذي يقدس الموت، وإسرائيل هي مركز يجذب إليه النار في هذه الحرب".

ويعلون هو الذي يجذب النار إلى "إسرائيل" ويضعها في قلب الحرب، لعناده وهوسه بتدمير "حماس" بأي ثمن، وبدلا من تدمير "حماس" والمقاومة، يصب جام غضبه على الأطفال والأمهات والمدارس والمساجد في غزة.

ثم بعد فشله في تحقيق أي هدف من الأهداف التي أعلن عنها في بداية العدوان على غزة، يتحدث يعلون عن حرب استنزاف تقودها "حماس" لجر "إسرائيل" إليها. 

يعلون الذي يعلي دائما من شأن استخدام القوة، يؤكد في كتابه على نظريته الدائمة "أن ما لا يأتي بالقوة، يأتي بمزيد من القوة"، فهل أتى مزيد من القوة بـ"حماس" طائعة إلى بيت الطاعة الإسرائيلي، أم أنها ذهبت بنتنياهو ويعالون إلى التيه من جديد بعد حملة عسكرية استمرت 50 يوما على غزة انتهت بأفشل هجمة عسكرية إسرائيلية في تاريخ "الدولة العبرية"!
التعليقات (0)