حضارة نص كم !

أحتار أحيانا في كيفيّة تفكيك تلك العقليّة العربيّة التي أخالها تبحث عن النّهضة أو هي كذلك، تترنّح بين حسد الغرب على أخلاقهم ونهضتهم وبين لوم أنفسهم على سباتهم والرّكون إليها.

عجبا ! ألا يبحثون في جنبات ذواتهم عن تلك الأسباب الّتي تلصقهم بحضيض الوجود، وتجلسهم على عتبات الحضارة بينما يتّخذ أولئك الغربيّون مقاعد من ذهب في قلب العولمة والتّطوّر.

لن أطيل كثيرا في الخوض في هذا الموضوع الأصم، ولكنّني حينما ألحظ أمورا بسيطة تلتصق بكوننا عربا وتصبح عادة فينا، لا تنفكّ عنّا أينما ذهبنا، يصيبني هذا الأمر باليأس وأشعر بأنّني مهما بذلت من وسع فقيرة لنفض هذا العالم النّائم وإخراجه من سباته.

لن أبتعد عن صلب ما أودّ طرحه، لكنّني أشعر بضيق حينما أجد بروفيسورا وصل من العلم ما وصل وأخذ من الشّهادات ما أخذ، أجده بعدما ينتهي من علبة عصيره يرمي بها -غير آبه- من نافذة السّيّارة. وددت لو أسأله: أهو العلم الّذي أوصلك إلى هذا الموصل؟ أهي الكتب؟ 

وذاك الذي يتباهى بلحيته، ويتظاهر بأنّه محمّدي، يلقي بأعقاب سجائره على الرّصيف، وددت لو أسأله: أين "إماطة الأذى" يا صديق؟

وشباب بروح الورود، يشعلون الكهرباء في كل ّمكان، لحاجة أو لغير حاجة، وكأنّ الأردنّ يزخر بالوقود وينتظر بأن نستهلكه لأنّه لن ينضب. 

ولن أتكلّم عن الماء الذي يسرفون فيه عند عسيلهم ووضوئهم، أهكذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلّم؟

أين الحضارة منّا ونحن ما زلنا نتشبّث بأدقّ تفاصيل التّخلف، كيف ننهض وما زلنا نعلّم أطفالنا رمي أكياس "الشيبس" من النوافذ ؟!

نحتاج كثيرا لنتحضّر، كثيرا !