كتاب عربي 21

السياسة لا قلب لها ولا..!!

عبد العزيز آل محمود
1300x600
1300x600
باستخدام تقنية جوجل وجدت أن المسافة بين قرية عين العرب أو كوباني كما يحب الأكراد تسميتها وأقرب قرية تركية هي 600 متر، يستطيع الماشي اجتيازها في 6 دقائق أو أقل، وفيها تدور معارك شرسة بين عناصر الدولة الإسلامية ومليشيا كردية تساندها قوات التحالف الأربعيني (زادت الآن على أربعين دولة، ولكننا سنحافظ على المسمى للتوضيح فقط).

قال لي دبلوماسي آسيوي منذ سنوات قليلة هذه القصة:
كنت حديث التخرج حين تم إرسالي إلى بعثة بلادي في نيويورك، وحضرت إحدى جلسات التصويت قريبا من دبلوماسي أمريكي، وحين ارتفعت الأيادي كان أحد من رفع يده ممثل دولة إفريقية تحصل على مساعدتها من أمريكا، ولم يعجب هذا التصرف الدبلوماسي الأمريكي الذي كان جالسا بقربي، فأسر في أذني قائلا:
ستكلف رفعة اليد تلك هذه البلاد بضعة ملايين من الدولارات التي تعودت بلادي على دفعها لبلاده".
أكمل الدبلوماسي الآسيوي حديثه قائلا: عرفت حينها أن السياسة لا قلب لها.

كانت أغلب عناوين الصحافة الغريبة خلال الأسبوع الماضي تتحدث عن تردد تركيا في الدخول البري ضد داعش لمساندة التحالف الأربعيني، فقد وضعت تركيا خطوطا دفاعية من الدبابات على طول حدودها مع سوريا مقابل مدينة كوباني، معلنة موقفها بشكل صريح، لن نتدخل ما لم نشعر بتهديد مباشر، ولكن لماذا؟.

وفي الأسبوع الماضي ومتزامنا مع حملة إعلامية غربية اتهم جو بايدن تركيا بتمويلها الجماعات المتطرفة قائلا: "لقد سكبوا- يقصد الأتراك - مئات الملايين من الدولارات وآلاف الأطنان من الأسلحة لكل من يحاول إسقاط نظام الأسد، وقد حصلت النصرة والقاعدة والمتطرفون الآخرون الذين جاءوا من أصقاع الأرض على تلك المساعدات"، ثم اعتذر بايدن عن هذا الاتهام بعد عدة أيام في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي أردوغان.

لقد كانت حملة قوية تلك التي تعرضت لها ومازالت تتعرض لها تركيا للمشاركة في حملة لا ترى لها نتيجة واضحة ولا نهاية سعيدة، وهي محقة في ذلك بالتأكيد.

في لقاء مع قناة الـCNN الإخبارية أرسل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو رسائل مباشرة إلى الغرب عن الموقف التركي، وقد احتفت القناة بهذا اللقاء الذي غردت به كبيرة مراسليها كرستيان امانبور لمتابعيها على التويتر جاذبة انتباههم إلى أهميته.

كان رئيس الوزراء التركي واضحا في مطالب تركيا التي أعلنها: "نحن مستعدون إن كانت هناك إستراتيجية واضحة، نحن لا نريد منظمات إرهابية أو نظاما يدفع باللاجئين إلى حدودنا"، مما يعني أن تركيا لم تر إستراتيجية واضحة لهذا التحالف سوى ضرب داعش فقط وترك النظام السوري قائما، وقد تركت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الباب مفتوحا أمام هذه العملية سواء في جانبها المالي أو الزمني، فكل شيء ممكن، وهذا ما لم تقبله أنقرة.

ثم أضاف داود أوغلو قائلا: "مستعدون لنشر جنودنا إذا قام الآخرون بدورهم أيضا، أما إن بقي نظام الأسد الطائفي فهذا سيعطي مثالا سيئا للأنظمة الأخرى، نحن لا نريد إرضاء ناخبينا، نحن نريد حل المشكلة بشكل نهائي"، وكأن رئيس الوزراء يلمح أن كل ما يحصل عبارة عن حملات انتخابية غربية ستسدد تكاليفها من أكداس الجثث التي ستتراكم في هذه المنطقة.

لقد أصر داود أوغلو على أن المشكلة ليست داعش، ولكنه نظام الأسد الذي كان سببا في خروج داعش وخروج الجماعات المتطرفة الأخرى، وكأنه يلمح بذلك إلى حزب العمال الكردستاني الذي مازالت أنقرة تراه عدوا لم يلق سلاحه بعد.

ثم أضاف: "سبق وأن قلنا إن الكيماوي خط أحمر، ثم استخدمه النظام لقتل مواطنيه، ثم ماذا؟ هناك حوالي خمسين ألف صورة توثق هذه المجزرة، ولكن الجميع بقي صامتا".

لم يعتذر بايدن للرئيس التركي راغبا ولكنه كان مرغما، فتركيا أصبحت لاعبا رئيسا في المنطقة، لاعبا إيجابيا يعرف مصالحه وحدوده وحساسية تركيبته السكانية، والدخول في أمر كهذا يتطلب الحصول على ضمانات، لا كما فعلت بعض الدول العربية التي شاركت بكلها وكلكلها دون حتى المطالبة بسقوط النظام السوري البشع.

مازالت جملة الدبلوماسي الآسيوي ترن في أذني: "السياسة لا قلب لها"، ويمكن أن نضيف لها: "ولا عقل أيضاً".
التعليقات (4)
هاشم الطائي
الجمعة، 10-10-2014 08:44 م
سرني ان ارى وجهك الباسم . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : للتذكير فقط ! تذكر اخي الكريم عندما دعوت الأخوة في جلسة التنسيقية للحقوق والحريات في اسطنبول وقلت إذاك لا تفاوض حتى نعلم حقيقة الاستراتيجية تجاه بلادنا وخاصة امريكا !؟ وذكرت اننا كنا نفاوض الأمريكان كمن يحرث في الماء او يخبط خبط عشواء لان استراتيجيتهم تقضي بتهميشنا كسنة وصولا الى اسقاطنا !؟ كما اننا كنا نحاور الشيعة وندعو الى التعايش السلمي والحوار طريقا لحل المشاكل وان المواطنة أساس الأخوة الانسانية في بلد ذو تركيبة اجتماعية معقدة يسهل اثارتها ضد بعضها !؟ بينما كانت استراتيجية ايران ومن خلال الأحزاب الشيعية هو تصفية وجودنا بكل الوسائل جسديا وسياسيا واجتماعيا ودينيا وقد استشرى القتل فينا بشكل يدعو للحيرة من هذا الحقد الطائفي الذي لا يشبع من دمائنا بل قتلنا كسنة يعجل في عقائدهم ظهور المهدي المنتظر !؟ لذلك كان التخلف في تقييم وتحليل الأحداث عند الحكومات العربية والأحزاب العربية وهنا نحتاج مراكز بحوث نصدر عنها في مواقفنا حتى لا نخطئ فهم الأحداث فقد ذهب في ظني الزمان الذي نتأفف ونتأسف ونردد مؤامرة على الاسلام ونحوقل !؟ يقول لينين زعيم الشيوعية السياسة عهر !؟ وهي كذلك عند الدول الكبرى !؟ واقول السياسة زئبقية الحركة صعودا ونزولا بناء على المصالح الدولية والمصالح هذه تتضمنها الاستراتيجيات والله اعلم . الله اسأل ان تكون واهلك بألف خير وفي كل عام وانت الى الله اقرب وعن سخطه ابعد وفي هديه ارشد ءامين .
د. محمد نايف الحاج حسن
الجمعة، 10-10-2014 07:35 ص
طبعاً سياسة كمثل هذه لا دين لها فالقائمين عليها لا دين لهم انها الفوضى لتحقيق امران في منتهى الخطورة : الاول : الاستيلاء على ثروات هذه الامم بدون ثمن بل الانكى من ذلك نحن ندفع لهم من دمائنا واشلائنا وخراب بيوتنا وكل مقومات النهوض فينا ... ونحن لا نعي ما يفعل فينا ولا ماهويدبر لنا ... فنحن غارقون في الخوف والفزع من الفزاعات التي تصنع لنا من داعش الى القاعدة الخ فالخائف همه الوحيد ان ينجو برأسه ... فما له وما لمقرات الامة وثرواتها وتاريخها وحضارتها ... همه النجاة والنجاة بنفسه فقط ؟ الامر الثاني : ان يامن اليهود في الارض المقدسة ويحققوا الحلم الماسوني في اقامة الهيكل على انقاض الاقصى ... فقد اقترب خروج الملك المنتظر ( من نسل داود ) لتتحقق مملكة الماسون الشيطانية ... انظر كيف استباح اليهود ستر المرأة المسلمة بالامس ونزعوا عنها حجابها ... فعلها بنو قينقاع في المدينة فماذا صنع فيهم رسول الله اجلاهم من المدينة ... وفعلها علج من الروم في امرأة مسلمة فماذا صنع المعتصم ارسل جيشاً اوله في الارض المقدسة وآخره في بغداد ... ماذا صنع العرب والمسلمون اليوم يرسلوا الطائرات لتدك سوريا او العراق ... بحجة داعش والضحايا لهذا ليس داعش انما الناس البسطاء ... لا يهم المهم ان تستمر الفوضى والقتلى والذهول عن الاهداف المرجوه ....!!!!
ماجد
الجمعة، 10-10-2014 12:52 ص
لو كان للسياسه قلب لما ماتت هذه الجموع من المدنيين السوريين والغزيين والبورميين والرابعاوييت الخ الخ الخ
خالد
الخميس، 09-10-2014 11:37 م
طبعا هناك فرق بين من يملك ا?راده وبين من ?يملك ذره منها