صحافة دولية

ميدل إيست آي: كيف سيشكل نداء تونس الحكومة المقبلة؟

نداء تونس يتصدر انتخابات البرلمان وفق نتائج أولية غير رسمية - الأناضول
نداء تونس يتصدر انتخابات البرلمان وفق نتائج أولية غير رسمية - الأناضول
بعد النتائج الأولية التي أشارت إلى فوز نداء تونس، والمكالمة الهاتفية التي هنأ عبرها زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي، السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستبدو حكومة الوحدة التي سيشكلها نداء تونس؟ هذا ما حاول موقع "ميدل إيست آي" الإجابة عنه في تقرير نشره الثلاثاء.

لم يتم بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات، لكن تظهر آخر الأرقام أن نداء تونس، وهو حزب علماني شُكل عام 2012، قد تصدر الانتخابات بفوزه بـ84 مقعدا أو 38? من الأصوات، بينما فاز حزب النهضة الإسلامي بـ69 مقعدا، أي ما يعادل 31? من الأصوات.
 
وقال "ميدل إيست آي" في تقريره إن الغنوشي كان قد أعلن قبيل الانتخابات أن حزبه سيكون على استعداد لتشكيل حكومة ائتلاف مع الخصوم العلمانيين، بما في ذلك المسؤولين السابقين في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وأكد مسؤولون في النهضة تلك التصريحات في وقت لاحق.
 
لكن تضمنت تصريحات أكثر من مسؤول في حزب نداء تونس، الثلاثاء، إشارات إلى أن النهضة لن تكون في التشكيل الوزاري القادم.
 
وقال عضو بارز بنداء تونس، أيمن البجاوي، للصحفيين إنه "إذا اضطررنا للدخول في تحالفات، فسيكون ذلك مع الأحزاب الديمقراطية مثل الجبهة الشعبية، وآفاق تونس، والتيار الديمقراطي".
 
قد يقول البعض إن تصريح البجاوي يخلق انطباعا خاطئا، بالنظر إلى التجربة الديمقراطية للنهضة وهياكلها الداخلية التي غالبا ما تكون أكثر شفافية من تلك التي يملكها منافسوها، وفقا لتقرير نشره مركز "بروكنغز" للأبحاث في فبراير الماضي. ومع ذلك، يبدو أن النداء يبتعد عن التحالف مع النهضة.
 
هل هي معركة بين الإسلام والعلمانية؟
 
انتقد التقرير الذي أعده نوري فرغاس تفسير العديد من وسائل الإعلام الدولية، وخاصة الفرنسية، للنتائج باعتبارها استفتاء على التيار الإسلامي، وفوز للعلمانية في مهد الربيع العربي. لكن محللين قالوا إن ذلك الاستقطاب ليس دقيقا.
 
"هناك مبالغة في الحديث عن الصراع الإسلامي العلماني" كما تقول كورينا مولينز، وهي الأستاذة الزائرة بجامعة تونس، مؤكدة أن هناك العديدين ممن صوتوا للنهضة في 2011، تراجعوا عن التصويت للحزب هذه المرة، بسبب ما رأوه الفشل في تحقيق أهداف الثورة.
 
من جانبه، يقول رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، رضوان المصمودي، إن النهضة لا تزال ثاني أكبر الأحزاب تمثيلا، وهذا يعني أنهم سيلعبون دورا قويا في البرلمان وفي نتائج الانتخابات الرئاسية كذلك.
 
هناك أيضا إشارات بانخفاض كبير في الدعم الشعبي لحزبين علمانيين هما المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل، وكلاهما شارك النهضة في "الترويكا" الحاكمة عقب انتخابات عام 2011، وهو ما يعني أن انخفاض الدعم الشعبي للنهضة له علاقة بالسياسات وليس بالإيديولوجيا. وهو ما وصفته مولينز بأنه "تصويت احتجاجي".
 
ويشير التقرير إلى آمال التونسيين بعد الثورة، والتي تمثلت في رؤية نجاحات سريعة وتحسن فوري في الحياة اليومية، وهو ما لم يحدث. بل إن زيادة العنف من قبل بعض المجموعات السلفية في تونس، قد يكون السبب الذي نفور أعداد من الناخبين من التصويت للنهضة، في نوع من الاحتجاج على تدهور الحالة الأمنية.
 
وحاول التقرير الإجابة على التساؤل المبهم حول تشكيلة الحكومة المقبلة، خاصة في ظل الدستور التونسي الذي يشترط "موافقة أكثر من نصف أعضاء البرلمان على الأقل (109 من 217 عضوا) على التشريعات، وعلى منح الثقة للحكومة".

 ولذلك، فإن هناك احتمالات قوية بأن كتلة الأقلية التي تتزعمها النهضة قد تعرقل العديد من التشريعات في البرلمان الجديد، لا سيما إذا كانت الأحزاب الممثلة في البرلمان غير ممثلة في الائتلاف الحاكم، وهو ما يعني انحيازها لكتلة النهضة البرلمانية.
 
وأوضح تقرير "ميدل إيست آي" أن أحزاب آفاق تونس، والاتحاد الوطني الحر، والجبهة الشعبية، قد يلعبون دورا حاسما إذ أن مجموع مقاعدهم 37 مقعدا، وهو ما قد يعطي أغلبية مريحة لنداء تونس اذا استطاع تشكيل الحكومة من تلك الأحزاب.

 
لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فالاتحاد الوطني الحر يقوده سليم الرياحي، وهو رجل أعمال ثري أنفق بسخاء على حملته الانتخابية في 2011، آفاق تونس يتبنى نفس السياسة الاقتصادية التي تدعم السوق الحر، لكن هذا سيضع أي ائتلاف من ذلك النوع في خلاف حقيقي مع تحالف الجبهة الشعبية، التي تتألف من 12 حزبا يساريا من الشيوعيين والماركسيين والقوميين العرب.

 وحول ذلك، يؤكد المصمودي أن تكوين ائتلاف يحمل هذا القدر من اختلاف المصالح سيكون أمرا شديد الصعوبة، مشيرا أنه لا يتوقع أن يقوم نداء تونس بتشكيل حكومة تستثني النهضة.
 
وقال التقرير إن عدم التجانس داخل نداء تونس لا يقل أهمية عن مثيله في الجبهة الشعبية. إذ أن الكثير من أعضاء نداء تونس انضموا معا فقط كنوع من المعارضة للنهضة.

 وينقل "ميدل إيست آي" عن حسن الزرقوني، الذي يرأس مركز استطلاعات الرأي سيغما، قوله "لا توجد إيديولوجيا في النداء، كل الأعضاء يتبعون ما تقوله القيادة"، وخطورة هذا الأمر تكمن في احتمالية عدم استطاعة السبسي الفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل، وهذا ما سيفقده احترام أعضاء الحزب بحسب الزرقوني.

 وأشار التقرير إلى قلق المجتمع المدني التونسي في حالة فوز نداء تونس بانتخابات البرلمان والرئاسة، وهو ما سينطوي على تركز السلطة في أيدي حفنة من الأشخاص المرتبطين بالنظام القديم.

 وتوقع التقرير أن تلقي النهضة بثقلها خلف رئيس تونس الحالي المنصف المرزوقي، بعد قرارها عدم تقديم مرشح.
 
وكانت تقارير صحفية قد تضاربت بشأن نسب المشاركة في الانتخابات، إلا أن هيئة الانتخابات المستقلة أعلنت الثلاثاء أن نسبة المشاركة كانت نحو 60?، وهي تقريبا نفس النسبة في انتخابات 2011.
التعليقات (0)