قضايا وآراء

ملكة جمال العالم الإسلامي بين القبول والرفض

هناء الكحلوت
1300x600
1300x600
اختلاف العادات والتقاليد وطريقة التعاطي مع الفكرة في الشرق والفهم للدين، جعلت عددا لا بأس به يرفض مسابقة ملكة جمال العالم الإسلامي، ويصفها بالمسيئة للإسلام.

الحكم السريع على ظاهر المسابقة والغيرة التي انتفضت عند رؤية المتسابقات بلباسهن الإسلامي، يعرضن أنفسهن والتعليق عليهم ونعتُهم من قبل البعض بأنهم يعكسن صورة غير مُشرّفة، وغير ذلك من الكلمات التي أطلقت بتسرّع، من دافع التحرّك من أجل الدين..

بالتأكيد في خلفية المشهد يرون صورة مسابقة ملكة جمال العالم بعريّها وإساءتها الفعلية للمرأة، ما يدفعهم أكثر لرفض المسابقة بسبب الصور المتراكمة حولها في رؤوسهم..

أقدر وأثمّن هذه الغيرة وأتوسم الخير الكثير في كل من دافع عن الإسلام وأنه ليس بهذا الشكل، وأتمنى فعلا أن يُستخدموا لنصرة الدين. ولكن لي رأي آخر في الموضوع، نعم أنا أؤيد مثل هذه المسابقة وأحببت الفكرة لأنها جديدة ومبتكرة لإيصال لمحة ولو بسيطة عن الإسلام..

في ظل الهجوم الكبير على المسلمين في العالم، وما تعكسه الجماعات المتشددة من سفك دم وتشويه، نحن بحاجة لعكس صورة حسنة وبهيّة..

لدي عدة نقاط جعلتني أرى المسابقة إيجابية، ما دفعني لتشجيعها:

-المسابقة كانت ردة فعل على مسابقة ملكة جمال العالم.
-تنظيمها كان لجذب المسلمات في العالم، والبحث بينهم عن الشخصية المميزة التي ستصبح مُلهمة لغيرها.
-عند تكريم ملكة جمال العالم الإسلامي التونسية فاطمة بن قفراش وجهت رسالة لتحرير فلسطين وسوريا، وهذا كان غاية بالأهمية، لتوجيه هذه المسابقات لدعم قضايا الأمة.
-ذكر منظمو المسابقة أنها لصالح إغاثة النساء المسلمات اللواتي يعانين جراء الحروب والصراعات والكوارث، خصوصا في سوريا والعراق..
-تقول إحدى المشاركات بالمسابقة أن هدفها محو الأفكار المسبقة عن الإسلام، وتعتقد أنه من المهم أن يظهرن كشابات عاديات، لسن زوجات لإرهابيين، وهذا الحجاب الذي يضعنه لا ينبغي أن يُخيف أحد.
-أقيمت المسابقة في معبد هندوسي مُدرج على قائمة اليونسكو للتراث البشري، في إندونيسيا، لرغبة المنظمين في إظهار "سماحة" الإسلام.
-حققت المسابقة اهتماما إعلاميا كبيرا على مستوى العالم.

بين النقد والرفض

وبالنسبة لشروط المسابقة التي كانت لا تقتصر على معايير جسدية بقدر ما ترتكز على مقومات أخرى مثل: حفظ القرآن، وعرض رؤية الشابات للإسلام في العالم المعاصر. فهناك من انتقدها بهدف التحسين مثل أن يكون مستقبلا من شروطها أيضا عدم نمص الحواجب أو وضع "المكياج".

وهناك من نقدها بكلّيتها واصفا إياها أنها لا تعكس جوهر الإسلام. وهناك من قال إنها تنسف كل ما جاء به الإسلام من حدود للمرأة. ومن ذكر أنه تؤخذ مقاسات أيدي وأرجل.. إلخ المتسابقة.

مع أني قرأت كل الأخبار المتعلقة بهذا الشأن إلا أنني لم أقرأ ما يشوّه صورة المرأة، ولم أجد ما يمنع فعليا من تنظيم مثل هذه المسابقات.

ولم أعلم بعد كيف حُكم على المرأة أنها أخلّت بما جاء في الشريعة؟ ونحن لم نر بعد سوى صور المتسابقات، لم نعلم كيف تعاملن مع الرجال، وما قلنه للجنة التحكيم، وما تم عرضه فعليا على المسرح.. لم حكمنا أن الشيء سيئ؟ لم فكرنا بالنظرة "الشهوانية"  للمرأة، كجسد فقط!

لِمَ لمْ يسأل من انتقد شكلها ونمص حواجبها، عن رؤيتها وهدفها وسبب إقدامها؟ لم يسأل عن منجزاتها وأثرها في مجتمعها، وهو أحد شروط المسابقة أيضا أن تكون فاعلة.

أرى أن هذه فكرة جيدة وقد يكون لها بُعد في إدخال عدد كبير من غير المُسلمات في الدين بعد ما يرونه من جميل أثر، وصورة حسنة، عن المحجبات. وبالتأكيد سيتم دعوتهم للقاءات وحوارات، وسيتم تبادل ثقافات، وأفكار..

إيجاد بديل

تقدم هذه المسابقة على أنها بديل لمسابقة ملكة جمال العالم، مع فارق التشبيه لأن هذه أجلّ وأرقى مقارنة بتِلك. لو كُنا نرى أنها مُسيئة ظاهريا، إذا فلنوجد نسخة مُحسّنة، فلنوجد ما يرفع قدر المرأة، وما يساعدها على إيصال ما لديها.

فكرة الغيرة على الإسلام دون تحرّك، مؤسفة جدا.

سأدعم هذه المسابقة لأنها هي الموجودة حاليا، وفي حال وجد ما هو أفضل وأرقى وملتزمة بتعاليم الإسلام 100% عندها سأدعمها بكل ما أوتيت من قوة.

الأسلوب

لإيصال دينك ورسالتك عليك قبلها أن تعلم أن الدين سمح، وجاء تدريجيا، حتى خلق السماوات والأرض كان في سبعة أيام، قد تكون المسابقة غير صحيحة من أولها لآخرها. لكن بإمكانك إقناعي دون أن تسيء لي، دون أن تتهمني بأي درجة من درجات الخروج من الملة، وأن تنتقد فكرتي لا شَخصي.

المسلم هيّن، سهل، ليّن، في قلبه رحمة، وفي عقله بصيرة ونور. مثل هؤلاء يعتبرون ممن بادر وقدّم بوجهة نظرة ما يفيد الإسلام، فهذا اجتهادهم، وهذا ما استطاعوا أن يفعلوه، وكل شيء يحتمل الصواب والخطأ.

علينا استيعاب كل المقترحات ومحاولة إيجاد النسخة المطورة والمُحسنة بما بتناسب مع ديننا، لا أن نرفض دون حلول. ولا أن نشكك في النوايا، ولا أن نحكم على المظاهر الخارجية.

أتخيّل لو أقيمت مسابقة جمال للعالم الإسلامي للرجال، هل سيتم التعاطي مع الموضوع بنفس الطريقة؟ وما شروطها ستكون برأيكم؟ أن يلبس دشداش وعمامة ويربي لحية طويلة؟ لا أهزأ، لكن أسأل جديّا..

إلى متى سنبقى نهتم بالظاهر ونغفل عن الباطن وهو أهم؟

تنويه

وبالنهاية هذه ليست دعوة للتحرر من ضوابط الإسلام، وليست تأييد لما هو خطأ، بقدر ما هو دعم واحتضان للأفكار المطروحة على الساحة وتهذيبها بما يتناسب مع الإسلام، وما جاء به الشرع.
التعليقات (0)