صحافة دولية

ساينس مونيتور: أبراج مراقبة بريطانية للبنان "ضد داعش"

ساينس مونيتور: أبراج مراقبة بريطانية لحماية لبنان من تنظيم الدولة - أرشيفية
ساينس مونيتور: أبراج مراقبة بريطانية لحماية لبنان من تنظيم الدولة - أرشيفية
نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا لمراسلها نيكولاس بلانفورد عن ظاهرة انتشار أبراج المراقبة، التي أنشأتها بريطانيا في لبنان على الحدود مع سوريا؛ لرصد تحركات مقاتلي تنظيم الدولة ولمنعهم من التغلغل في لبنان. 

ويصف الكاتب أحد هذه الأبراج في شمال شرق لبنان، وهو برج مصنوع من حاويات الشحن المكدسة، التي يعلوها كشك محصن ضد الرصاص والشظايا والهجمات بحائط ارتفاعه 18 قدما من الحواجز المملوءة بالحجارة، وتجد هذه التحصينات منتشرة على الحدود الغربية لمنع تمدد الدولة الإسلامية.    

ويقول بلانفورد إنه على بعد ميلين من رأس بعلبك يقوم 100 جندي لبناني بواجب الحراسة في البرج رقم 10، ويراقبون الجبال العالية التي كستها الثلوج على الحدود السورية اللبنانية. ففي هذه الجبال ينتشر حوالي 3000 مسلح سوري، بما في ذلك أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المحسوبة على القاعدة.

ويشير التقرير إلى أنه تم انشاء هذا البرج (برج رقم 10)، والأبراج التي انتشرت على الحدود الجبلية؛ لحماية المناطق الحدودية المأهولة في لبنان من هجمات المسلحين.

وتنقل المجلة عن العميد مارون حتي، نائب رئيس الأركان لشؤون التخطيط، قوله: "إن عدة كيلومترات فقط داخل لبنان تعادل ألف ميل داخل روسيا، فما يفصل القرى اللبنانية عن الحدود مع سوريا هو كيلومترات معدودة فقط".

ويلفت التقرير إلى أنه تم تجريب خط الدفاع يوم الثلاثاء، حيث قام مسلحون بنصب كمين لدورية من الجيش اللبناني بالقرب من البرج رقم 10، فقتل ستة جنود على الأقل وجرح اثنان، وسمع دوي انفجارات في رأس بعلبك عندما تم قصف المنطقة بالمدفعية.

ويجد الكاتب أن مقتل الجنود اللبنانيين يؤكد أهمية التحصينات الحدودية التي أقيمت على طول الحدود الشمالية الشرقية المضطربة.

وتبين المجلة أن أبراج المراقبة هي جزء من مشروع تموله بريطانيا لتحسين الأمن الحدودي اللبناني، وبدأ المشروع في أواخر عام 2011، عندما بدأت تتحول الثورة السلمية ضد بشار الأسد في سوريا إلى حرب أهلية، فانزلاق سوريا والعراق إلى حالة من الفوضى استدعى من المجتمع الدولي أن يساعد هذا البلد المتوسطي الصغير، ومنعه من الانزلاق إلى الفوضى التي تعصف بجيرانه.

ويذكر التقرير أن الولايات المتحدة تتصدر الدول التي تساعد الجيش اللبناني، فخلال العام الماضي وحده قدمت أكثر من 120 مليونا لدعم التدريب والتسليح والإمداد بالذخيرة.

ويرى الكاتب أن أميركا، وإن تصدرت المشهد في المنطقة، إلا أن بريطانيا تبقى ذات علاقات متشابكة مع المنطقة، التي كنت يوما ما تتنافس مع القوى الأوروبية الأخرى للسيطرة على مساحات شاسعة منها، كما أنها قامت برسم الحدود التي عرفت بعد انتهاء الحكم العثماني. هذه الحدود ذاتها مهددة الآن سواء من الحروب الأهلية، أو من متطرفي الدولة الإسلامية. 

ويذهب بلانفورد إلى أنه رغم أن نفوذ بريطانيا التاريخي قد ذبل، إلا أن خبرتها في ضبط الحدود في شمال إيرلندا ومناطق أخرى، تسمح لها بتقديم الدعم المهم للبنان.

وينقل التقرير عن السفير البريطاني لدى بيروت توم فليتشر، قوله: "استطعنا أن نرى قبل ثلاث سنوات أن ما يحصل في سوريا ستصل آثاره إلى لبنان؛ ولذلك كان مهما حماية الحدود في هذه المرحلة.. ورمزية أن يستطيع تنظيم الدولة اختراق حدود أخرى ستكون مؤثرة جدا".

وقد أقيم أول برج مراقبة على الحدود السورية اللبنانية قبل عامين تقريبا، ومنذ ذلك الوقت تم إنشاء 11 برجا آخر على طول الحدود في شمال شرق لبنان، وهي المنطقة التي استخدمها المسلحون السوريون في مهاجمة الجيش السوري، بحسب المجلة.

الأبراج تثبت أهميتها

ويفيد التقرير أنه في بدايات آب/ أغسطس قام 700 متطرف بالهجوم من الجبال على بلدة عرسال الحدودية السنية، ولم تكن كتيبة من الجيش اللبناني، أرسلت حديثا لحماية البلدة، مجهزة للمواجهة، فقتل عدد من الجنود، بينهم قائد الكتيبة ونائبه، وتم اجتياح مواقع الجيش، التي لم تكن محمية بشكل جيد. 

ويوضح الكاتب أنه في وقت الهجوم، لم تكن الأبراج المحصنة مبنية بعد في عرسال، ولكن على بعد أميال قليلة كان البرج رقم 10 انتهى العمل به قبل أيام قليلة، وعندما وقع هجوم من المتطرفين كاد أن يؤدي إلى هجوم على بلدة رأس بعلبك المسيحية على بعد ميلين من البرج، لولا اصطدام المتطرفين بالبرج، الذي غالبا لم يكونوا على علم بوجوده، ففضلوا الانسحاب على المواجهة.

ويذكر الكاتب أنه وبالرغم من تكثيف الجيش اللبناني لوجوده في المنطقة إلا أن الهجمات لم تتوقف. حيث يقوم المتطرفون بفحص جاهزية الجيش عن طريق إطلاق النار ليلا من مدافع رشاشة محمولة على السيارات، أو نصب كمائن له على جانب الطريق. وتم العثور يوم السبت على قنبلة تزن 44 رطلا على طريق البرج رقم 12، الذي هو قيد الإنشاء إلى الجنوب من عرسال.

ويبرز التقرير قول العميد علي مراد، قائد فرقة حرس الحدود البرية الثانية: "لدينا مشاكل معهم كل يوم، فعندما يأتون إلينا نطلق النار عليهم".

ويؤكد الكاتب أنه مع قدوم الشتاء البارد فإن المسؤولين اللبنانيين قلقون من محاولة المتطرفين شن هجوم من مواقعهم العالية في الجبال لمحاولة الوصول إلى المناطق السنية على الساحل، التي لا تبعد سوى 30 ميلا باتجاه الغرب.

ويشير التقرير أنه لحماية البرج رقم 10 يستخدم الجيش دبابة (إم 60) الأميركية ومصفحات تحمل مدافع رشاشة ثقيلة ومدافع مورتر عيار 81 ملم، وبينما يأخذ بعض الجنود مواقعهم خلف الأسلحة، يقوم آخرون بمراقبة الحدود بمناظير وكاميرات متقدمة.

ويختم الكاتب تقريره بالإشارة إلى قول الجنرال مراد: "إذا أراد أي إرهابي القدوم هنا مع أعداد كبيرة فإننا نستطيع دفعهم".
التعليقات (0)