صحافة دولية

واشنطن بوست: سلمان من وسيط في خلافات العائلة إلى ملك

واشنطن بوست: الملك سلمان يعاني من مشاكل صحية قد تعيق عمله - أرشيفية
واشنطن بوست: الملك سلمان يعاني من مشاكل صحية قد تعيق عمله - أرشيفية
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً لمراسلها كيفين سوليفان، حول الملك سلمان بن عبدالعزيز، يتطرق فيه إلى شخصيته وحالته الصحية والأوضاع الصعبة، التي تمر فيها بلاده، ومستقبل الحكم في السعودية بعد أن ينتهي حكم أبناء عبدالعزيز، ويمرر إلى جيل أحفاده.

أول ما يذكره سوليفان هو أن الملك كان لديه سجن خاص في قصره، خلال الثمانية والأربعين عاماً التي كان فيها حاكما للرياض، من عام 1962 وحتى عام 2011، حيث كان يسجن فيه المذنبين من العائلة المالكة. 

ويشير التقرير إلى تعليق المؤلف روبرت ليسي، الذي كتب الكثير عن العائلة المالكة السعودية، حيث قال: "من غيره يستطيع تأديب أمير؟ فسلمان له سلطة داخل العائلة، فهو محبوب ومرهوب. إنه ابن الصحراء المستقيم، طويل القامة".

وتذكر الصحيفة أن هناك تساؤلات حول صحة وإمكانيات الملك سلمان، الذي بدأ عهده بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويعتقد أن سلمان البالغ من العمر 79 عاماً لديه العديد من المشاكل الصحية، ويقال إنه يعاني من الخرف.

وينقل التقرير عن سايمون هندرسون من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يعد خبيراً في قضايا الخلافة في السعودية، قوله: "يستطيع (الملك) سلمان أن يؤدي أداء جيداً لعدة دقائق، ولكنه يتشوش بعد ذلك ويخرج عن الموضوع".

ويبين الكاتب أن هناك تضارباً في الروايات حول مشاكل سلمان الصحية، حيث قال أحد الدبلوماسيين الغربيين في الرياض إنه تحدث قريباً مع سلمان، وقال: "بدا لي متفاعلاً مع النقاش".

وتجد الصحيفة أن الروايات المتعلقة بالصحة الملكية لا يمكن الاعتماد عليها، ولكن التساؤلات حول صحة سلمان تلقي بظلالها على حكمه، في وقت تواجه فيه المملكة تحديات جمة، بما في ذلك أسعار النفط المتدهورة، وازدياد عنف تنظيم الدولة في جارتها العراق على الحدود الشمالية، والفوضى العارمة في اليمن على حدودها الجنوبية، بالإضافة إلى حكومة تفرض وجودها بحزم وقوة في إيران، التي تعد المنافس الرئيس للمملكة في المنطقة. 

ويلفت سوليفان إلى أن الكثير من المحللين ينظرون إلى ما بعد فترة حكم سلمان، والمتوقع أن تكون قصيرة، وما بعد أخيه ولي العهد الأمير مقرن وما بعده، إلى تعيين أول ملك من الجيل الجديد من الأمراء السعوديين. 

ويورد التقرير أنه قبل مشاكله الصحية يتفق المحللون أن سلمان كان زعيماً يعتد به وقائداً يحظى بالإعجاب لعقود، فيقول استشاري الأعمال الذي يعيش في مكة، نسيم تشوداري: "كان يعرف بالوسيط في خلافات العائلة المالكة، التي كانت تحصل في العادة بين الجناح المحافظ والجناح الليبرالي في العائلة. إنه أحد أعضاء العائلة المالكة الأكثر شعبية، الذي يستطيع الناس الشعور بالقرب منهم".

ويفيد الكاتب بأنه عادة ما يرتبط اسم سلمان بالرياض، التي لم تزد على كونها بلدة صحراوية بسيطة  قبل تسلمه نائب رئيس بلديتها عام 1954، حيث أشرف على تحويلها إلى مدينة نابضة بالحياة، تنتشر فيها الفنادق الراقية والبونك والأسواق الحديثة والمتاجر العالمية. 

يقول ليسي: "إنه قام بعمل رائع في جعل الرياض مركزاً للسلطة ومدينة تعمل بشكل جيد. إنه مواظب جيد، وكان الناس يضبطون ساعاتهم الساعة الثامنة صباحاً عندما كان يمر موكبه في طريقه إلى مكتبه"، بحسب الصحيفة.

كما أن سلطته في العائلة المالكة تنبع جزئياً من كونه أحد "السديريين السبعة"، وهو من الأجنحة المرموقة والمؤثرة من العائلة المالكة.

وتوضح الصحيفة أن السبعة كانوا أبناء مؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن سعود وحصة السديري، وهي امرأة من قبيلة مهمة في وسط نجد، حيث تقع الرياض، فعندما كان عبدالعزيز يبسط سيطرته على ما أصبح بعدها الممكلة العربية السعودية، كان يتزوج من القبائل المهمة لتعزيز سلطته.

ويذكر التقرير أنه كان من بين السبعة ملكان، وهما سلمان وأخوه الملك فهد، الذي مات عام 2005، ووليان للعهد، هما سلطان ونايف، الذي توفي قبل أن يصبح ملكاً.

ويضيف الكاتب أن عدداً من أبناء سلمان كانوا ناجحين، مثل ابنه فيصل أمير منطقة المدينة المنورة، وعبدالعزيز نائب وزير النفط، وسلطان الذي صار أول واحد من العائلة المالكة، وأول عربي يذهب إلى الفضاء عندما شارك في رحلة المكوك ديسكفري عام 1985. 

وتشير الصحيفة إلى أنه توفي ولدان لسلمان، بسبب مشاكل في القلب، أحدهما عام 2001 والثاني عام 2002، وهو الحدث الذي يقول ليسي إنه "أثر عليه كثيراً" وترك أثراً، كما أن سلمان عانى من مشاكل في ظهره أدت إلى أن يخضع لعملية جراحية في الولايات المتحدة عام 2010.

ويبين الكاتب أنه في عام 2011 تم تعيين سلمان وزيراً للدفاع، وبحسب هندرسون فإن عمله في هذه الوزارة لم يكن متميزاً؛ وذلك بسبب تردي حالته الصحية. كما أن لسلمان نشاطاً تجارياً خاصاً، حيث يملك مجموعة الأبحاث والتسويق السعودية، التي تنشر عدداً من الصحف المؤثرة، ويدير ابنه تركي شركات النشر.

ويعتقد المحللون بأن سلمان، الذي يعد معتدلاً وعلى شاكلة عبدالله، أن يستمر في سياسات سابقه نفسها، الذي عرف عنه أنه كان يحب التحديث، ولكنه أدار نظاماً منتقداً لسجله في مجال حقوق الإنسان.

ويورد التقرير أنه في العامين الماضيين قامت الحكومة السعودية بقمع أي معارضة، وسجنت محامي حقوق الإنسان والناشطين أحياناً؛ بسبب تغريدة تنتقد قيادات سياسية أو دينية في البلاد على تويتر.

ويتابع بأنه كان هناك انتقاد عالمي واسع لجلد المدون رائف بدوي في مدينة جدة، وقام الملك باتخاذ خطوة غير معهودة بتحويل قضيته إلى المحكمة العليا لإعادة النظر فيها.

ويختم سوليفان تقريره بالإشارة إلى قول ليسي إن سلمان معروف بكونه مؤرخاً غير رسمي للعائلة المالكة: "فهو شخصية رئيسية في العائلة، وقد أخبرني كثير من الناس أنه كان الأكثر شبهاً بأبيه، من حيث المظهر والمكانة، وإنه عندما يذهب لن يكون في العائلة أي شخص شبيه به".
التعليقات (0)