مقالات مختارة

جحيم سوري في اليمن؟

علي بردى
1300x600
1300x600
فتحت التطورات الأخيرة أبواب اليمن على الجحيم. يجد أعضاء مجلس الأمن أنفسهم، شيئاً فشيئاً، أمام انقسامات تشبه إلى حد بعيد خلافاتهم المستحكمة على سوريا. هذه هي الجحيم. تبيّن أخيراً أن "تغييب" إيران يمنياً أحبط العملية السياسية التي قادتها السعودية عبر المبادرة الخليجية، وما تلاها.

يواجه العرب تحديات جديدة إذ تبدو إيران أيضاً في خلفية مؤشرات لافتراق بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى على طريقة التعامل مع الأزمة اليمنية أيضاً.

مثلت تجربة المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون في اليمن جمال بن عمر قصة نجاح حتى الأشهر الاخيرة. عرف كيف يسوّق عناصر المبادرة الخليجية لنيسان 2011 ليس فقط بين أعضاء مجلس الأمن الذين أجمعوا على دعمها بالقرار 2014، بل أيضاً بين التشكيلات السياسية والقبلية كلها في اليمن. وجد الرئيس السابق علي عبد الله صالح نفسه أمام خيار وحيد: تسليم السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي. تمكن من رعاية عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ووصل في نهاية المطاف إلى توافق واسع على إقامة دولة فيديرالية. ترك الاتفاق هامش عزف لإيران على وتر الافتئات على الحوثيين الإماميين بمنفذ حيوي على البحر وبثروة طبيعية كامنة في بطن اليمن. وجد علي عبد الله صالح - وهو زيدي أيضاً - أن الحصانة التي حصل عليها قبل تنحيه ليست جائزة مجزية. ما أكثر الذين يلعنون "الربيع العربي" الذي أقصاه.

ثمة من يجادل بأن مجلس الأمن تأخر في زجر الحوثيين والرئيس السابق، لم تجد كثيراً بنود القرارين 2051 و2140 وغيرهما من البيانات ولجنة العقوبات في تغيير المجريات.

في المشهد من بعيد: إيران. هذه تسعى إلى حضور مشهود في المنطقة كلها، ليس بـ"القوة الناعمة" ولا بـ"حملة الاستلطاف" التي جاد بها الرئيس حسن روحاني، بل بالحرس الثوري "الباسداران" و"حزب الله" و"أنصار الله"، هؤلاء هم التعبير الأفصح عن حضور الجمهورية الإسلامية في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وربما في أماكن أخرى.

ما عدا ذلك "تغييب"، ثمنه الظاهر يمنياً الآن أن هذا البلد يواجه ثلاثة أخطار كبرى: هي حرب أهلية يمكن أن تتخذ بعداً طائفياً بين الزيديين، الذين ارتدى الحوثيون منهم العباءة الشيعية، والشافعيين الذين تدفعهم التطورات عن وسطيتهم المشهودة، ثم الانقسام مجدداً بين يمن شمالي وآخر جنوبي ما دام لا مكان للفيديرالية التي تنشدها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبنود مسودة دستور، لا تزال كلها حبراً على ورق، وإرهاب متصاعد تزداد أرضه خصباً، ليس في المناطق التي ترعرع فيها الجيل الأول من تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، بل أيضاً في الأجيال الجديدة الظاهرة في "الدولة الإسلامية - داعش".



(نقلاً عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)