كتاب عربي 21

صالح والحوثيون..نهب الثروة والدولة

ياسين التميمي
1300x600
1300x600
لم يكن أحد يتوقع أن يسمع الرقم الكبير والمهول لثروة شخصية تكونت بطرق غير مشروعة وباستغلال السلطة والنفوذ في بلد فقير ومضطرب كاليمن، وهو الرقم الذي بلغ (60) مليار دولار. تلك كانت ثروة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي يعارض حزبه بشدة انتقال الحوار من العاصمة صنعاء حيث يتحصن عسكرياً وقبلياً، إلى مكان آخر أكثر أمناً في اليمن وليس في أي بلد آخر.

يتناغم هذا الموقف مع موقف زعيم المليشيا الحوثية الطائفية المسلحة التي بدأت للتو حملة جمع هستيرية للمال من المؤسسات العامة باسم اللجان الثورية وقادتها ورموزها، وتجييراً للمقدرات
لحساب حركة تخطط للاستيلاء على اليمن باسم الحق الإلهي.

الرئيس المخلوع وزعيم الحركة  الطائفية المتمردة، يرفضان نقل المفاوضات التي لا داعي لها بعد أن استعاد الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي مهامه الرئاسية وأفلت من سطوة ونفوذ هذه المجاميع الطائفية التي صادرت الدولة لعدة عقود من العهد الجمهوري وحولته إلى بلد فاشل.

الممانعة تجاه طلب الرئيس نقل الحوار الذي يفترض أن يرمم ما هدمته المليشيا خلال المرحلة الماضية ويعيد قطار التسوية السياسية إلى مساره الصحيح، ليس لها من تفسير سوى أن هذه العصابة السياسية والجهوية، ترى في صنعاء حصناً منيعاً لممارساتها الفاسدة، وغطاء لاستمرارها في مصادرة الدولة ومؤسساتها ومقدراتها، ومواصلة نهب الموارد وبناء ثروات جديدة، من خلال استغلال رمزية صنعاء كمدينة ينظر إليها اليمنيون على أنها العاصمة التاريخية، وهي ليست كذلك بل مدينة تاريخية قديمة من مدن القيعان التي تأسست على هامش خط البخور التجاري الذي كان يمر على التخوم الغربية لصحراء الربع الخالي، حيث تأسست وازدهرت أهم المدن اليمنية عبر التاريخ في شبوة ومأرب والجوف.

يتوفر في المذهب الزيدي وإرث أئمته عبر مئات السنين على غطاء فقهي يبرر حالة النهب والسلب التي باتت جزءا من الممارسات المعتادة والمقبولة في المجتمعات العشائرية التي تعتنق هذا المذهب، إلى حد لا يمكن معه النظر إلى نهب المال العام من قبل القائمين على أمور الدولة بأنه فساد صريح.

ولا تستغربوا إذا قلت لكم إن بعض اليمنيين ممن تشربوا ثقافة النهب المسنودة فقهياً سينظر بإعجاب للرئيس المخلوع لأنه استطاع أن يكون هذه الثروة، ويتطلع إلى أن يحظى بفرصة مماثلة، كما لا تستغربوا إذا عرفتم أن فضيحة الأموال المنهوبة التي أثارتها لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، ربما تساهم في زيادة عدد المترددين على منزل الرئيس المخلوع، وربما رفعت منسوب الثقة لدى أتباعه ومؤيديه، الذين لا تحركهم عاطفة الولاء بقدر ما تحركهم نزعة الفَيْد والنهب والسلب.

في متابعة حثيثة للممارسات التي تقدم عليها الجماعة الحوثية المسلحة عبر عناصرها المفروضة على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، هناك أرقام مهولة عن المبالغ المالية التي وضعت هذه المليشيا اليد عليها منذ أن دخلت صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، عبر وصاية شديدة القسوة تمارسها على مسئولي هذه المؤسسات الذين انخرطوا بدورهم في مهمة فساد قاتلة لموارد الدولة الشحيحة عبر استرضاء الأوصياء الجدد على هذه المؤسسات.

هذا الأمر يتم بشراء المنازل والسيارات واعتماد المبالغ الشهرية الكبيرة لهم، إلى حد لم يعد بوسع وزارة المالية أن تغطي بند المستحقات الشهرية لموظفي الدولة، فقد تم التوقف عن صرف المستحقات والبدلات والحوافز، ولم يعد يصرف للموظفين سوى رواتبهم المحدودة جداً والتي لا تكاد تغطي إيجار المنازل.

لقد أخفقت هذه العصابة السياسية الجهوية والطائفية في تحييد الرئيس الشرعي وإخراجه من المشهد السياسي، ومن ثم تمرير الانقلاب بقوة السلاح، وبنفوذها وتحصيناتها المنيعة في صنعاء. 
ولهذا نجدها اليوم في مأزق حقيقي وخطير، فهي إما أن تمضي في إنجاز انقلابها عبر القوة العسكرية وهذه دونها صعوبات ونتائج وخيمة، خصوصاً وأنها لا تتوفر على أي غطاء مقبول، وإما أن تقبل بالانخراط في الشراكة المتكافئة مع بقية الأطراف السياسية الأخرى في البلاد، وهذا سيفقدها الميزة الوحيدة التي كانت تتمتع بها وهي التحصن بالعاصمة بجيش وأمن يجمعهم الانتماء الجهوي والمذهبي الواحد، والاستئثار بالثروة والموارد التي تستطيع من خلالها فرض النفوذ إلى أبعد نقطة من التراب الوطني.
التعليقات (3)
سبأ
الأحد، 01-03-2015 07:00 م
سمعنا ان عدد زائري صالح فعلا ازداد بصورة كبيرة ، لعل وعسى ينالوا نصيبا مفروضا !
عبدالواسع الفاتكي
الأحد، 01-03-2015 06:46 م
خروج هادي المدلول والمأمول خروج هادي من صنعاء وإفلاته من قبضة الحوثيين لا يستطع أحد من المتابعين للتطورات الدراماتيكية في اليمن في الداخل والخارج إغفال أو نكران تأثيره الكبير في خلط الأوراق وتعقد السيناريوهات لكثير من القوى المتصارعة إن جاز التعبير في الساحة اليمنية سواء تلك التي تقف ضد الانقلاب الحوثي أو تلك المتحالفة معه من اللحظات الأولى لإعلان وصول هادي لعدن انبرت وسائل إعلام الحوثي وحليفه المؤتمر ووسائل إعلام القوى السياسية الرافضة للانقلاب في التحليل والرفض والقبول والترحيب والاستنكار كل ينطلق من موقفه من الطرف الآخر ومن مكاسبه أو خسارته ومن تداعيات ذلك على الجهد الذي بذل في التخطيط والترتيب لسيناريوهات معدة سلفا أتى خبر إفلات هادي من قبضة الحوثيين ليعيدها إلى الصفر إن لم يكن نسفها اللقاء المشترك الذي يضم أحزابا سياسية لها حضور شعبي وسياسي قوي ولها موقف رافض وبصلابة للانقلاب الحوثي كان نبأ خروج هادي بالنسبة له القشة التي قصمت ظهر البعير والورقة الرابحة التي ظل يبحث عنها لتخلصه من مطرقة قوة الحوثي يؤازره في ذلك جمال بن عمر لشرعنة اغتصاب السلطة عبر الخروج باتفاق سياسي جديد يقر ويعترف بسلطة الحوثي ويمنحه قيادة ما يمكن تسميته المرحلة الانتقالية الثانية مما يلغي المبادرة الخليجية ومخرجاتها المتمثلة بمخرجات الحوار ومسودة الدستور الجديد ولتخلصه من سندان غضب الشعب اليمني عليه ومن فقدان رصيده الجماهيري إذ أن استمرار المليشيات الحوثية في تقويض مؤسسات الدولة والاستيلاء على مقدراتها وفي قمع المظاهرات بالقتل و فتح السجون والمعتقلات للمشاركين فيها والاختطاف والتعذيب حتى الموت للمخالفين في الرأي وملاحقة الصحفيين ومداهمة المؤسسات الصحفية كمؤسسة الشموع ونهبها فضلا عن نهب وتدمير كثير من بيوت المناوئين للمليشيات الحوثية واستمرار قعود الأحزاب السياسية مع المليشيات على طاولة حوار واحدة يعطيها على طبق من ذهب براءة من جرائمها ويهبها بعدا وطنيا وسياسيا مصحوبا بمكتسبات حصلت عليها بطرق غير مشروعة لقد كانت الأحزاب السياسية في نظر كثير من اليمنيين إما ضعيفة أو متواطئة وفي كلتا الحالتين لا تستحق أن تفاوض أو تحاور باسم الشعب فكان خروج هادي هو أيضا خروج للأحزاب السياسية من المأزق الذي حشرت فيه حيث أوجد لها متنفسا لتعيد ترتيب أوراقها وتلملم مواقفها لتسحب البساط من يد المليشيات وتلتف حول هادي كممثل للشرعية الانتخابية وتتخلص من الضغوطات التي كان يفرضها الحوثيون بقوة مليشياته كان الحوثيون قبل خروج هادي يفرضون شروطهم على اللقاء المشترك أما وقد خرج هادي فإن اللقاء المشترك هو الذي سيضع شروطا أمام الحوثيين ليعود للحوار ولن يقبل إلا بتنفيذها على أرض الواقع قبل الجلوس وجها لوجه على طاولة مستديرة لقد تغيرت قواعد اللعبة وتنفست الأحزاب الصعداء لتستعد لترميم سياستها المفروضة عليها بحكم الأمر الواقع وتستعيد ما فقدته من كفاحها النضالي بلا شك أن خروج هادي كان بمثابة صفعة قوية تلقاها الحوثيون أولا وحليفه صالح وحزبه ثانيا فبقاء هادي تحت السيطرة الحوثية مع صياغة اتفاق مع الأحزاب السياسية لتكوين مجلس رئاسي ومجلس وطني هو نسف نهائي للعملية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونكوص لثورة فبراير ومكتسباتها المتجسدة بمخرجات الحوار الوطني ومشروع مسودة الدستور الجديد ولكم أن تتخيلوا ماذا لو أن هادي مكث طويلا تحت الإقامة الجبرية والأحزاب السياسة اتفقت مع الحوثي على ما ذكرته آنفا كم ستكن تكلفة مقاومة الانقلاب واستعادة الشرعية؟ بلا ريب ستكن باهظة على الشعب اليمني وستفتح الأبواب على مصراعيها لأسوأ وأخطر الاحتمالات التصريحات المتناقضة للحوثيين وردة فعلهم العنيفة من خروج هادي تنبئ بهول الصدمة التي تلقوها وحجم الكارثة التي حلت بهم وبمكاسبهم التي جنوها بفوهة البنادق لقد صعق الحوثيون لأنهم يدركون أن بقاءالشرعية الشعبية ممثلة بالرئيس المنتخب هو إلغاء لشرعية يزعمونها محمولة على ظهر الدبابة وصوت القذيفة ويعلمون أن خروج الرئيس هو بداية لتكوين تحالف وطني وخليجي يعيدهم لمساقط رؤوسهم في كهوف مران ويقضي على آمالهم في قيام دولة إمامية على الطراز الإيراني ولأن الحوثيين لا يعرفون بلغة السياسة ويفتقرون لأبجديات الدبلوماسية في اتخاذ المواقف أو الرد على الآخرين كانت مواقفهم من خروج هادي ذات عنف لفظي وخروج عن الصواب فاصدروا بيانا سموه ثوريا اتهموا فيه هادي بالخيانة العظمى وسيقدموه للمحاكمة بل إنهم غالوا في ردة فعلهم اللاعقلانية بأنهم سيحاكمون كل من يتعامل مع هادي ومؤخرا اختطفوا عضو الهيئة العليا للإصلاح محمد قحطان بتهمة تعامله مع هادي هذه المواقف الهيستيرية لا تشير إلا إلى إدراك الحوثيين لمدى الخسائر التي ستلحق بهم جراء إفلات هادي من حصارهم ولأنهم لا يمتلكون مشروعية وطنية يحتمون بها أو برنامج سياسي يلوذون به أو كفاح وطني يحتجون بتاريخه فمن الطبيعي لهكذا حركات مسلحة أن تتهم وتحاكم غيبيا لتنصب المشانق وتملأ المعتقلات بالسلميين والسياسيين المقاومين لبرنامجها التسليحي الثوري كما تراه! !! صالح وحزبه بدا مرتبكا وهذا دأبه ولعله بعد تحالفه مع الحوثي اكتسب خبرة التقية السياسية ففي الوقت الذي يعقد فيه الجندي الناطق باسمه مؤتمرا صحفيا يقول فيه أنه ليس من حق هادي الرجوع عن الاستقالة إلا بعد عرضها على مجلس النواب الذي يحوز فيه حزبه على الأغلبية المريحة يدلي صالح بتصريحات تتضمن ارتياحه لخروج هادي والحقيقة أن الموقف الحقيقي لصالح والمؤتمر هو ما قاله الجندي الذي لن يجرؤ على الإدلاء بتصريحات تمس مصلحة صالح وتخرج عن رغباته فتصريحات صالح هي فقط لتغطية موقفه وخداع دول الخليج وموقفه هو ما صرح به الجندي ليوصل رسالتين الأولى لدول الخليج وهو لها كاذب والثانية عبر الناطق الرسمي للحزب للحوثيين وهو لهم صدوق لا يفسر كلام الجندي على أنه غيور على المؤسسات الدستورية أو أنه حريص على عدم تجاوز مؤسسات الشعب فهذا غير وارد البتة في ذهن الجندي وزعيم حزبه التفسير القريب لمواقف صالح وحزبه هو أن مكتسبات صالح المأمولة والمتفق مع الحوثي عليها صارت في مهب الريح وأن تقاسم الكعكة بينه وبين الحوثيين برعاية إيرانية صارت في خبر كان فكان صالح يرمي بالعودة للحكم من نافذة الراعي عندما يقبل مجلس النواب الاستقالة أو عند مضي ثلاثة أشهر على تقديم الاستقالة وعدم رجوع الرئيس عنها أو رفضها من قبل مجلس النواب أو بتشكيل مجلس عسكري أو رئاسي يترأسه نجله سيتلكأ المؤتمر في نقل جلسات الحوار وسيقف مع الحوثيين في خندق الرفض لحوار خارج العاصمة استهلاكا للوقت وانتظارا لحدث آخر يستغله ليربك المشهد ويعقد الوضع عله ينال صفقة تضمن له إعادة ما خسره أو تعطيل أي تقدم يكبح من فرص عودة زعيمه أو نجله للحكم المواقف الخارجية متباينة بتباين المصالح فالدول الخليجية رحبت بخروج هادي وربما كانت لها اليد الطولى في ذلك وترى فيه الحل الأكثر قبولا لليمنيين في الداخل ولدى الدول الراعية للمبادرة ناهيك عن كونه رئيسا شرعيا تسعى دول الخليج تحت رايته لتكوين حلف وطني يقلع أنياب الحوثي ويقلم أظافره الدول الغربية من وجهة نظري تصدر هادي للمشهد وعودته للرئاسة بالنسبة لها من الأهمية بمكان ليس لأنها تقدس شرعية الشعوب الانتخابية بل لأنها ترى في هادي أنه الشخص الوحيد الذي سيلتف حوله اليمنيون وقواهم السياسية كونه رئيسهم الشرعي الذي انتخبوه فتريد دول الغرب استغلال هذا الالتفاف حول هادي لتشرع بعقد حوار ينتهي بصفقة تعقد بين هادي والحوثيين يحافظ على مكتسبات الحوثي على الأرض ويبقي على شرعية هادي الرئاسية ولو كانت منقوصة غالبية الشعب اليمني يرى في خروج هادي فرصة كي يصلح ما أفسده وطاقمه وأن يحزم أمره ويسجل له موقفا تاريخيا في مهمة وطنية عظيمة لاسترداد الدولة المسلوبة وكرامة الشعب المهدورة وينتظر اليمنيون من هادي بفارغ الصبر وعلى أحر من جمر أن يثورهم لا أن يثوروه وقتئذ سيعرفون أنه تعلم من أخطائه. #عبدالواسع_الفاتكي
عبدالله الوليدي
الأحد، 01-03-2015 09:04 ص
حسبنا الله ونعم الوكيل في مثل هكذا قوم ونظام