اقتصاد عربي

تراشق بين مؤسسات حكومية أردنية حول شحنة قمح

قمح
قمح
تسببت شحنة قمح بولندية (52 ألف طن) بتراشق تصريحات و تشكيك بين  مؤسسات حكومية أردنية، بعد أن أظهرت فحوصات مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية ومؤسسة المواصفات والمقاييس (جهات رقابية) أن الشحنة تحتوي على 45 طنا من القمح المصبوغ الذي يستعمل في الدول الأوربية كعلف حيواني.
 
بينما شككت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية و مديرية الصوامع التابعة لها بفحوصات الجهات الرقابية مطالبة بتشكيل لجنة فنية محايدة لتحديد مصير الشحنة التي يقوم باستيرادها تاجر من القطاع الخاص بقيمة 15 مليون دولار.
 
"عربي21" حصلت على معلومة من مصدر في وسط القطاع التجاري الأردني تؤكد أن "مورد الشحنة المخالفة يدعى "مارتن هوفنسيان" وهو أرمني الجنسية كان قد أدخل عام 2013 شحنة قمح مخالفة تحتوي على فئران ميتة؛ مما دفع هيئة مكافحة الفساد الأردنية حينها بفتح تحقيق في سبب سماح الجهات الرقابية بإدخال محتويات ثلاثة عنابر منها من أصل خمسة.
 
ويملك مارتن خمسة شركات استيراد مسجلة تحت اسمه في سجل الشركات الأردنية، جميعها متخصص بالاستيراد والتصدير، منها ما هو متخصص باستيراد الحبوب.

 واستغرب المصدر في حديث لـ "عربي21" "إصرار وزارة الصناعة والتجارة على إدخال الشحنة رغم مخالفتها القاعدة الفنية الخاصة بالقمح رقم 1200/1998 الواردة في القانون".
 
رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية في مجلس النواب الأردني رائد حجازين يروي لـ "عربي21" قصة الشحنة المخالفة ويقول إن "مصدرها بولندا وتبلغ 52 ألف طنا و500 كيلو، حيث لاحظ الفنيون أثناء التنزيل وجود قمح ملون يرى بالعين المجردة حيث تم تبليغ الجهات الرسمية لفحصها".
 
يتابع حجازين "قامت مؤسسة الغذاء والدواء بفحص عينة من الشحنة في مختبر معتمد في مدينة العقبة، كما  فحصت عينة أخرى في مختبر مؤسسة الغذاء والدواء في عمان، لتتطابق النتائج بأن الشحنة تحتوي على كميات كبيرة من القمح المصبوغ والذي يستخدم عادة في أوروبا كعلف حيواني".
 
يقول النائب: "عقدنا كلجنة نيابية اجتماعا مطولا مع مدير مؤسسة الغذاء والدواء ووزير الصحة ووزير الصناعة والتجارة ومدير االمواصفات، وقام فنيون بحساب كميات للشحنة ليتبين أن الشحنة تحتوي على 45 طن قمح ملون و 85 طن قمح "مقرمش" أي مسحوب منه الماء وهذا دفعنا  للشك بتاريخ إنتاج الشحنة".
 
واستغرب النائب "دفاع وزارة الصناعة ومديرية الصوامع عن الشحنة المخالفة للمواصفة الفنية" ، مؤكدا أن الجهات الرقابية مازالت تتحفظ على الشحنة في ميناء العقبة، رافضا تشكيل لجنة محايدة دعت لها وزارة الصناعة والتجارة لإعادة فحص عينات من الشحنة بعد أن شكك بفحوصات مؤسسة الغذاء والدواء.

ودعت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية على لسان أمينها العام بالوكالة رمزي أمين، لتشكيل لجنة من كافة الجهات بما فيها المورد.

 ويقول أمين لـ "عربي21": "شكلنا لجنة من قبل الوزارة  ومديرية صوامع الحبوب، وتبين أن كميات القمح المصبوغ بسيطة جدا، كما طلبنا من وزير الصحة تشكيل لجنة ثانية للتأكد، حيث نرغب بأن نخرج برقم ونتيجة عليمة دقيقة لا يطعن بها من أي جهة، فما يهمني أن يكون قرارنا سليما، ويتوافق مع أي لجنة دولية، و لا نريد أن نجبر أمام القضاء بقبول الشحنة كما لا نريد ظلم المورد أيضا".

إلا أن مدير مؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات وصف طلب تشكيل لجنة لإعادة فحوصات مؤسسته لشحنة القمح بـ "القفز على الحقيقة".
 
يقول: "لدينا حساباتنا و فحوصاتنا وتقاريرنا، والكميات التي فحصناها مخالفة للقاعدة الفنية التي تشدد بأن الشحنة يجب أن تخلو من اللون، وبعد الفحص تبين أن الكمية الملونة تفوق الـ50 طنا وهذا غش للمواطن ومخالف للشروط والقواعد الفنية".
 
وما زالت الشحنة بانتظار قرار الحسم حول مصيرها، وفي حال أصرت مؤسسة الغذاء والدواء على ردها لن تدخل الشحنة إلى المملكة الأردنية؛ كونها الجهة الوحيدة المخولة بإدخالها حسب القانون، ومن المتوقع أن يلجأ المورد إلى القضاء الدولي للتحكيم في حال رد الشحنة.
 
وتبلغ  كميات القمح التي تتحوط  عليها وزارة الصناعة والتجارة الأردنية 963 ألف طن تغطي استهلاك المملكة لمدة تصل إلى عام كامل في ظل استهلاك شهري يبلغ 80 ألف طن، وتكفي السعة التخزينية لصوامع القمح الحكومية لاستهلاك ستة أشهر في حين أن السعة التخزينية للشعير تغطي استهلاكا يصل إلى 4 أشهر.
 
هذا وكانت المملكة شهدت حالة مماثلة من الجدل بعد أن نشب خلاف بين مصفاة البترول الأردنية ومؤسسة المواصفات والمقاييس حول شحنة أسطوانات غاز قالت المؤسسة إنها مخالفة للمواصفات وقد تكون عرضة للانفجار، ورفضت المؤسسة الشحنة البالغة 250 ألف أسطوانة غاز منزلي في نهاية شهر تشرين الأول من العام الماضي ليعيد للأردنيين بعض الثقة بالمؤسسات الرقابية المسؤولة عن صحة المواطن. 
التعليقات (0)