صحافة دولية

فايننشال تايمز: فوضى مرعبة بليبيا بعد صعود تنظيم الدولة

فايننشال تايمز: الانقسام في ليبيا يغذي وجود التطرف واستمرار نموه - أرشيفية
فايننشال تايمز: الانقسام في ليبيا يغذي وجود التطرف واستمرار نموه - أرشيفية
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريراً لبورزو دارغاهي وجيمز بوليتي وألكس بيكر، حول الانقسام في ليبيا وكيف يغذي الوجود المتطرف النزاع، يقولون فيه إن الهجوم هذه المرة كان على حقل غاز تديره شركة نمساوية في الجنوب الغربي من ليبيا، وأظهرت الصور المنشورة في 8 آذار/ مارس على مواقع التواصل الاجتماعي حراساً مقطوعة رؤوسهم، وقبل ذلك بعدة أسابيع كان إعدام المصريين الأقباط في سرت، وقبلها بشهر كان الهجوم على فندق كورينثيا في طرابلس. 

ويشير التقرير إلى أن الرسالة واضحة، وهي أن تنظيم الدولة لم يكن فقط وصل إلى ليبيا، بل انتشر في أرجاء هذا البلد المتحارب.

ويتساءل مسؤول إيطالي كبير: "ماذا يجب أن يحصل حتى نشعر بالخطر؟.. فالدلائل كلها تتقارب، وعلينا أن نتجنب ما حصل في سوريا، فنحن لم نفهم الطبيعة المأساوية للمشكلة، وصحونا فوجدنا الطاولات قد قلبت"، بحسب الصحيفة.

وتبين الصحيفة أن ظهور تنظيم الدولة في ليبيا تسبب بعرقلة الإجماع الهش للدول الغربية حول كيفية إنهاء الحرب الأهلية الدائرة هناك، كما أنها شابت الإطاحة بالقذافي بمعاونة الدول الغربية، وقد ترك حجم المشكلة شعوراً بالعجز، بدأ التعامل معه حديثاً، وأصبحت ليبيا في أعلى أجندة زعماء العالم.  

ويلفت التقرير إلى أن القوى الغربية وجيران ليبيا يؤيدون علنياً استمرار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، التي تهدف إلى التقريب بين "الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في طبرق، وتحالف الميليشيات الإسلامية ومصراتة، والمجموعات السياسية التي سيطرت على العاصمة في آب/ أغسطس الماضي". 

وتوضح الصحيفة أن الخطة هي ترقيع حكومة وحدة وطنية فعالة يمكن أن تركز على إعادة النظام، ولكن ظهور تنظيم الدولة تسبب بالذعر لدى البعض بسبب السيناريو المرعب من ظهور حركة جهادية في بلد نفطي ثري، يعد حلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي. 

ويذكر التقرير أن خلف الإجماع على المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، هناك خلافات عميقة على ما الذي يجب فعله إذا فشلت المفاوضات. وفي الوقت ذاته فإن هناك حرباً بالنيابة تتم في المنطقة، فمصر والإمارات تدعمان حكومة طبرق عسكرياً، وتركيا وقطر تحاولان إبقاء منافستها في طرابلس موجودة، وفي الوقت ذاته يستفيد تنظيم الدولة من الفراغ ليستمر في النمو.

وتفيد الصحيفة بأن هجوم جهاديين متطرفين على متحف في تونس هذا الأسبوع، أكد المخاطر المحتملة للمنطقة من نمو تنظيم الدولة، حيث قتل 19 شخصاً في الهجوم. 

ويورد التقرير وصف منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغوريني للوضع على بعد 250 ميلاً من شواطئ أوروبا، ومع وجود حركة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، "بالمزيج المتفجر"، ولكن يبقى الإجماع في الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع الأزمة غائباً.

وتوضح الصحيفة أنه بعد أربع سنوات من الفوضى، وعشرة شهور من الحرب الأهلية، أصبحت ليبيا عبارة عن تركيبة هشة من المجموعات المسلحة، وفيها برلمانان متنافسان، وعلى أراضيها جهاديون متجولون، وقد تراجع إنتاج النفط فيها من 1.4 مليون برميل في اليوم في 2012، إلى 200 ألف برميل في اليوم في أدنى مستوياته، قبل أن يعود إلى 500 ألف برميل في اليوم في منتصف شهر آذار/ مارس.

ويبين التقرير أنه في الغرب هناك قوات "فجر ليبيا"، وهي تحالف بين قوى إسلامية مختلفة، يشك الدبلوماسيون بأنها تدعم ميليشيا أنصار الشريعة وجهاديين آخرين يتحولون في المحصلة إلى تنظيم الدولة. وفي شرق البلاد في طبرق حكومة منتخبة يعترف بها معظم المجتمع الدولي، وعمودها الفقري ما بقي من قوات الأمن وزعماء القبائل، الذين تحالفوا مع الليبراليين ومؤيدي رئيس الوزراء السابق محمود جبريل. 

وتشير الصحيفة إلى أن تلك المجموعة قد كسبت ثلاثة انتخابات، ولكنها اضطرت إلى اللجوء إلى سفينة شحن سيارات يونانية في طبرق، ويساعدها الجنرال خليفة حفتر، أحد قيادات القذافي العسكريين سابقاً، بدعم من مصر وروسيا والإمارات.

ويؤكد التقرير أن ما يقلق منتقدي حفتر حرصه على القضاء على خصومه السياسيين الإسلاميين، أكثر من حرصه على محاربة المتطرفين الجهاديين.

وترى "فايننشال تايمز" أن مأساة ليبيا تعود إلى ما قبل الإطاحة بالقذافي، بمساعدة طيران الناتو، وفشل الدول الغربية بفهم الطبيعة المعقدة للبلاد، فبحسب الدبلوماسي البريطاني جوزيف والكر، الذي خدم في بنغازي، فإن الغرب لم يعرف طبيعة ليبيا، وإن الليبيين في المنفى، ومعظمهم يميل للأفكار الإسلامية، أعطوا الغرب انطباعاً غير صحيح عن ليبيا. 

وينقل التقرير عن والكر قوله: "قيل لنا إن الجيش ذهب، والقبائل ليست لها أهمية، والثوريون سيقومون ببناء دولة جديدة .. وأول ما رأيناه هو أن الجيش ثار ضد القذافي، وأصبحت القبائل هي أهم تركيبة للحفاظ على النظام الاجتماعي، وعاد معظم الناس إلى بيوتهم بعد انتهاء الثورة، معتبرين أنهم حققوا ما قاموا لأجله بسقوط الديكتاتور، ومن بقي متابعاً هم الإسلاميون في الغالب، الذين لم يكن هدفهم المشاركة في المجتمع فقط، بل السيطرة على الدولة".

وتجد الصحيفة أن الشخص المكلف بتوحيد ليببا، وهو المبعوث الأممي برنارديو ليون، لا يحسد على هذه المهمة، فلم تثمر المفاوضات شيئاً إلى الآن، وأضاف تهديد تنظيم الدولة أهمية لمهمة ليون، الذي لا يزال يعتقد أن التوصل إلى صفقة أمر ممكن، من خلال المفاوضات التي تدعمها واشنطن ولندن.

وينقل التقرير عن المبعوث البريطاني الخاص لليبيا جوناثان باول، قوله إن الحرب الأهلية تقود الوضع إلى الفوضى، وهذا يعطي مجالاً للإرهابيين مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، ويضيف أن "هناك طريقتين للتعامل مع المسألة، والحل الأمثل هو حكومة وحدة وطنية تستطيع فرض إرادتها في أنحاء البلاد، أو على الأقل تحالف بين القوى لمحاربة تنظيم الدولة"، وهذا ما تؤيده موغوريني.

وتستدرك الصحيفة بأن القوى الخارجية تعد خطط طوارئ في حالة فشل ليون، فالمسؤولون في مصر والإمارات يعتقدون أن فرص نجاح المفاوضات هي 50%، وهم قلقون من عدم وجود خطة بديلة، ويهيئون أنفسهم للأسوأ، وكذلك الأمر في تركيا وقطر.

ويذكر التقرير أن الجنرال حفتر يحض القوى العالمية على رفع حظر الأسلحة المفروض؛ لمساعدته على فرض النظام، وقال إنه طلب من رئيس الوزراء الإيطالي إقناع المجتمع الدولي برفع الحظر، وقال أيضاً في حديثه لوكالة الأنباء الإيطالية: "إنه أمر مصيري لإيطاليا، فإن كسب تنظيم الدولة فإن أمنكم يصبح مهدداً".

وتورد الصحيفة أن باول يعتقد أن محاولة التلاعب بميزان القوى أمر خطير، ويقول: "يبدو لي أن اختيار جانب على الآخر هو فكرة سيئة، والناس الذين يحملون مثل هذه الأفكار لا يفعلون ذلك لمدة طويلة.. وإن دعمت جانباً ضد آخر فلن توقف الحرب الأهلية، إلا إذا تدخلت وكنت مستعداً لوضع جنود على الأرض، وأنا لا أشعر أن هناك رغبة بذلك، وإلا فستستمر الحرب الأهلية، وننتهي بصومال آخر على البحر الأبيض المتوسط".

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مصر تمارس إلى الآن ضبط النفس، أملاً في نجاح مفاوضات الأمم المتحدة، ولكن فرنسا، التي تخشى على جنودها في مالي من تنظيم الدولة، وإيطاليا، التي تقع حدودها على بعد 250 ميلاً من ليبيا، تتجهان للتقارب من موقف مصر الداعي إلى الغارات الجوية. 
التعليقات (1)
Tahayassin
السبت، 21-03-2015 12:46 م
كل دولا مسلمين عربي فاشلا