ملفات وتقارير

أطفال يقودون التكسي لإعالة أسرهم في الأنبار العراقية

بقايا الرمادي تحاول البقاء على قيد الحياة
بقايا الرمادي تحاول البقاء على قيد الحياة

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الحرب المشتعلة في الأنبار، وأدت إلى قلة الأعمال، وقطع بعض رواتب الموظفين، وتعطل الحياة، لم يبق لسكان مدينة الرمادي مصدر لكسب رزقهم إلا العمل على سيارات الأجرة (التكسي)، التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة شائعة بين الأهالي لتحسين الدخل، مع نفاد المدخرات لدى أغلب العائلات، بالرغم من المخاطر.

يستيقظ الطفل عبد الله محمد الذيابي، الذي لم يبلغ بعد الثالثة عشرة من عمره، منذ الصباح الباكر، ويقود سيارة والده، ساعيا إلى طلب الزرق. يذهب إلى نهاية قريته في البوذياب برحلة بحث يومية عمن يشير بيده لكي يركب معه، مقابل آلاف معدودة من الدنانير العراقية، تضمن له قوت يومه وأهله، وتمكنه من شراء بعض المواد الغذائية والخضروات لهم.

وسعيد الحظ هو من يوفق في الحصول على المال وسط استمرار القصف والاشتباكات، وفرض حظر التجوال المستمر، وخلو المدينة من السكان.
 
ويقول الذيابي في حديث مع "عربي21": "أنا الأخ الثاني في تسلسل العائلة من مجموع الإخوة والأخوات. والدي كان يعمل قبل بداية الأحداث في الرمادي مع أحد الأصدقاء في تجارة السيارات الحديثة، دخلنا المالي حينها كان ممتازا، ولم أكن أنا وأخي الكبير عبد الرحمن بحاجة إلى التكفل بمصاريف المعيشة.

أما اليوم فالوضع اختلف كليّا، فما جمعه والدي خلال السنين الماضية ذهب هدرا بين دفع إيجار البيوت تارة في بغداد، وتارة أخرى داخل مدن الأنبار، متنقلين بين أحيائها الآمنة، وبعدما نفد كل ما عندنا من أموال، قررنا العودة إلى منزلنا في جزيرة الرمادي، متحدين القصف والمعارك".
 
وأضاف أنه يقوم الآن في توفير احتياجات عائلته، بالرغم من المتاعب التي ترافق عمله، لكنه يجد نفسه حاليا مضطرا للعمل.

ويتابع الذيابي حديثه لـ"عربي21"، بروح مرحة متبسماً: "ولو كان لدينا مال لما عرّضت نفسي للخطر في السير في شوارع مدينة الرمادي المفخخة بالعبوات الناسفة".

أما غزاون حميد الفراجي (14 عام)، الذي من المفترض أن يكون على مقعد الدراسة، فيروي لـ"عربي21" أنه ينهض من فراشه بعد سماعه أذان الفجر، ويستعد مع شروق الشمس للخروج برفقة مجموعة من شباب القرية إلى مكان مخصص تتجمع فيه السيارات، بانتظار من يطلبون إيصالهم إلى جسر "بزيبز"، وهو المنفذ الوحيد أمام سكان الأنبار باتجاه العاصمة بغداد.

ويضيف الفراجي: "أهلي لا يمتلكون أي مصدر دخل آخر يساعدهم على تأمين المعيشة، ويُمنعون من العمل. هذا هو الواقع أتمنى أن يعود الأمن والاستقرار إلى محافظة الأنبار لترك مهنة التكسي الشاقة، وأعود إلى مدرستي لأكمل تعليمي"، حسب قوله.
التعليقات (0)