قضايا وآراء

الدور الفرنسي المصري في ليبيا

هشام الشلوي
1300x600
1300x600
كشف الهجوم المتبادل بين رئيس حكومة الأزمة التابعة لمجلس النواب عبد الله الثني، ونائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية ورجل الأعمال عبد المجيد مليقطة، عن أدوار خفية للمصريين، وأخرى علنية للفرنسيين في القضية الليبية، وذلك بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة تلك المتعلقة بحظر تزويد طرفي الصراع الدائر بالسلاح، كان آخرها في جلسة المجلس يوم الجمعة 27 آذار/مارس الماضي، التي أبقى فيهما حظر تزويد ليبيا بالأسلحة، ومدد عمل بعثة الأمم المتحدة هناك حتى سبتمبر المقبل، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

الدور الفرنسي في تزويد حكومة مجلس النواب المنحل الخاضعة لسيطرة قائد الجيش التابع لبرلمان طبرق خليفة حفتر، كشف عنه نائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية، الذي يتزعمه ويديره من دولة الإمارات العربية المتحدة محمود جبريل، حيث قال مليقطة إن عرضاً فرنسياً قُدم في أثناء اجتماع تشرين الأول / أكتوبر الماضي بالقاهرة مع الناظوري والسفير الفرنسي لدى ليبيا، يقضي بمد حكومة طبرق بعدد 12 طائرة عمودية مع 2500 صاروخ موجه لكل طائرة.

وشرح مليقطة أنه وبالرغم من تحجج الثني بعدم امتلاكه المال الكافي لشراء الطائرات والأسلحة، إلا أن الوفد الفرنسي أكد أنه لا يريد ثمن الدعم العسكري في الوقت الحالي، كما تعهدوا بإيصال الطائرات عبر البحر إلى المواقع التي تحددها الحكومة ورئاسة أركان النواب خلال 72 ساعة من تاريخ التوقيع على الاتفاق.

واكتفى الثني في الاجتماع بطلب عدد أربع طائرات مع 2500 صاروخ موجه لكل طائرة، قبل أن يرتفع سقف المطالبة إلى عدد 5000 رشاش وغيرها من الذخائ،? حسب تصريح المليقطة الإعلامي الذي جاء رداً على تصريحات سابقة للثني قال فيها: "أبناء مليقطة " يرون في أنفسهم أكبر من مؤسسات الدّولة، وأنّ ليبيا مختزلة في أشخاصهم، وأنّ كلمتهم مسموعة ومطاعة، وأنّهم عمالقة أمام باقي البشر، وأنه أي الثني رفض توقيع عقد مع الفرنسيين، اعتبره الثني مشبوهاً، خاص بتوريد أسلحة لليبيا.

وتابع المليقطة أن فرنسا أعربت عن استعدادها أيضاً لتقديم دعم إعلامي يتم خلاله التسويق لمجلس النواب المنحل، وحكومته وقواته المسلحة للرأي العام الأوروبي ولدوائر صنع القرار في أوروبا، إلا أن ردود الثني المبهمة و عدم مبالاته، كانت سبباً في استياء الناظوري والسفير الفرنسي الذي كان مستشاراً لساركوزي إبان الثورة.

وقال مليقطة إن الثني قد أخبره -بعد مغادرة الناظوري-بأنه لن يمضي في أي موضوع تسليح، يُمكّن اللواء المتقاعد خليفة حفتر والناظوري من السيطرة على الجيش، وأنه سيتركهم في مستنقع بنغازي الذي أشعلوا نيرانه.

ونوه نائب رئيس تحالف القوى الوطنية إلى أن حديثاً جمع الناظوري ورئيس مجلي النواب المنحل عقيلة صالح، طلب فيه عقيلة من الناظوري جلب العرض الفرنسي لاعتماده، بصرف النظر عن توقيع الثني عليه من عدمه، نافياً علمه بأية تفاصيل بعد هذه المحادثة.

وكشف رد نائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية حجم استشراء الفساد داخل مؤسسات الدولة، والدوائر المقربة منها، فمن ذلك ما صرح به مليقطة عن دور سفير ليبيا في دولة الإمارات العربية المتحدة عارف علي النايض من دور محوري في محاولة الاستحواذ على مؤسسة الاستثمارات الليبية، التي ظلت أصولها الداخلية والخارجية، وما تملكه من أسهم وسندات لدى الغير محل غموض، وهي أيضاً المؤسسة التي تراسها في فترة ما بعد ثورة شباط/فبراير رفيق النايض سفير ليبيا بالإمارات.

في تحليل مهم لهذا التراشق بين رئيس حكومة الأزمة عبد الله الثني ونائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية عبد المجيد مليقطة، أنها أبانت عن الدور الخفي للمخابرات المصرية في إدارة الملف الليبي.

ففي الوقت الذي تسعى فيه دولة الإمارات إلى تصدير محمود جبريل كوجه سياسي تتوقع أو تعمل جاهدة لأن يكون له دور محوري في مستقبل ليبيا السياسي والاقتصادي، يعمل فيه نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على دعم خليفة حفتر، باعتبار الخلفية العسكرية للرجلين "السيسي وحفتر" واتفاقهما على عسكرة السياسة.

ففي حديث رئيس وزراء حكومة الأزمة الثني تعرض بالنقد واتهام عديد الأطراف المحيطة برئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل" مليقطة، جمعة الأسطى، عارف النايض" وكل المقربين من دوائر دولة الإمارات، بينما استثنى حفتر من دوائر النقد والاتهام والهجوم، وهو ما يشير بزاوية ما إلى تضاد المشروعين الإماراتي والمصري في ليبيا، واختلافهما حول الشخصيات المدعومة، رغم اتفاقهما على الانقلاب على مخرجات ثورة شباط/فبراير الديمقراطية، أو السماح للعملية السياسية بأن تتفاعل في ليبيا.

كما أن هذا الهجوم المتبادل بين رفقاء وشركاء الأمس "الثني، وجبريل" جاء في الوقت الذي بدأ الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة يحرز تقدماً، وإن كان طفيفاً في اتجاه الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، والترتيبات الأمنية التالية لها، وحث هيئة الستين لكتابة مشروع الدستور على تصحيح وضعها الحالي.

أي إنها جاءت في وقت يشعر فيه رئيس الوزراء عبد الله الثني بقرب انتهاء دوره، خاصة وأن حزب جبريل الذي دعم استمرار الثني في الحكومة داخل البرلمان المنحل، بدا أنه في طريقه للاستغناء عن ورقة الثني بشكل نهائي لا رجعة فيه.

تدخل فرنسي سافر، ومخالف لإرادة المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي في عدم تسليح أي طرف من أطراف الصراع الجاري، وصراع مصري إمارتي على تصدير حفتر أو جبريل، ظهر على لسان الثني ومليقطة.
التعليقات (0)