صحافة دولية

يوشكا فيشر: إيران الشيعية تواجه الدول العربية السنية

فيشر: سباق التسلح النووي في منطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار سيكون كابوسا عالميا - أرشيفية
فيشر: سباق التسلح النووي في منطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار سيكون كابوسا عالميا - أرشيفية
كتب وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر مقالا حول إيران والسعودية، نشره موقع "بروجيكت سيندكيت". 

وجاء في المقال، الذي ترجمته "عربي21"، أن الشرق الأوسط "الجديد" في حالة عرض دائم ويومي على خلاف الشرق الأوسط "القديم"، الذي قررت مصيره القوى الغربية المتسيدة "فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، والولايات المتحدة منذ الأربعينيات من القرن الماضي، وحتى وقت قريب"، ويشير فيشر إلى أن "الجديد" لا توجد لديه قوة خارجية تساعد على استقراره، وهو دون قوة إقليمية مهيمنة، وهو ما أدى إلى حدوث فراغ استراتيجي. 

ويقول الكاتب إنه من الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد أو غير قادرة على أداء الدور القديم، فبالرغم من أن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من المنطقة بشكل كامل، إلا أن التدخل العسكري المباشر لا يمكن الدفاع عنه أو تبريره في ضوء الكارثة التي نجمت عن غزو العراق.

ولهذا يرى فيشر أن الولايات المتحدة لن تكون لاعبا عسكريا مهما طالما لم تتم فيه إعادة النظر في التوازن الاستراتيجي للمنطقة، "وهذا يفسر قرار الإدارة الأمريكية ضرب تنظيم الدولة في العراق وسوريا من الجو".

ويجد الكاتب أن قرار الولايات المتحدة العمل على مستوى الدبلوماسية من أجل حل أو احتواء تهديد استراتيجي أساسي، وهو الخطر الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني، جزء من تراجع الدور الأمريكي.

ويشير التقرير إلى أن عددا من اللاعبين، بينهم دول، يقومون بمحاولة ملء الفراغ نتيجة لغياب الولايات المتحدة. وهناك دولتان بالتحديد تحاولان أداء دور، وهما إيران والسعودية. وكما يقول فيشر فهاتان الدولتان تتصارعان من أجل التفوق الإقليمي، وتديران حروبا بالوكالة في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن.

ويعتقد المسؤول السابق أن الحوثيين في اليمن يعبرون عن وجع جديد في النزاع الإقليمي الواسع. فهذا النزاع لا يحصل في جنوب شبه الجزيرة العربية وعلى حدود السعودية مباشرة فقط، بل جلب النزاع والتنافس مع إيران للعلن وبطريقة مفتوحة.

ويلفت فيشر إلى أن العوامل الإثنية والدينية تؤدي دورا في هذا التنافس في منطقة الشرق الأوسط. فقد انعكس الانقسام السني الشيعي على الوضع الجيوسياسي للمنطقة. كما أن إيران الشيعية تواجه الدول العربية السنية في غالبيتها، وهو ما يعطي للنزاع خصوصيته.

ويفيد الكاتب بأن المصالح الجيوسياسية والطائفية الدينية والخلافات العرقية تشكل في هذه الحالة الخليط الجديد الخطير للشرق الأوسط. ولأن التاريخ يظهر أن القوى الخارجية لا تحل أو تكون قادرة على احتواء نزاعات كهذه، فعلى القوى الإقليمية حلها بذاتها. وهذا يعني مرحلة طويلة من العنف الذي لا يمكن التنبؤ بنتائجه، والذي يحمل مخاطر التصعيد نحو نزاع دولي، ويؤدي إلى كوارث إنسانية على مستوى الكارثة التي تشهدها سوريا اليوم.

ويؤكد فيشر أن النزاعات ستترك أثرها على الوضع الاقتصادي العالمي، حتى لو منعنا التصعيد إلى خارج منطقة الشرق الأوسط، إن أخذنا بعين الاعتبار احتياطيات المنطقة من الطاقة وأهميتها لسوق الطاقة العالمي. ففي شبه الجزيرة العربية يتم تحديد أسعار النفط، وهو وضع لن يتغير قريبا.

ويرجح المسؤول السابق أنه عندما يتعلق الأمر بالأمن الدولي فسيترك نزاع طويل المدى، يدور حول الهيمنة الإقليمية، أثره على الخطر الإرهابي وتهديده الدولي، خاصة أن الطرفين يستخدمان جماعات متطرفة تحاول تبرير أفعالها بناء على مبررات دينية. وأكثر من هذا يحاول طرفا النزاع التسلح بالسلاح النووي، وعليه فسباق التسلح النووي في منطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار سيكون كابوسا عالميا.

ويجد فيشر أنه ليس غريبا أن تقوم الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وفي وقت تحدث فيه المواجهة العسكرية في اليمن، بمحاولة للتفاوض مع إيران حول ملفها النووي.

ويذكر التقرير أن اتفاق الإطار، الذي نتج عن هذه المفاوضات المستمرة منذ 12 عاما، يهدف إلى وضع البرنامج النووي الإيراني تحت الرقابة الدولية، وبالتالي احتواء مخاطره وأثره على الاستقرار العالمي. ومقابل هذا سيمنح المجتمع الدولي إيران محفزات منها تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

ويستدرك الكاتب بأن الأجندة الأمريكية تلقى نقدا من حلفائها المقربين في المنطقة: إسرائيل والسعودية. لكن انتقادهما قائم على أهداف وهمية. والقبول به يعني فتح مجال التصعيد مع إيران، التي لن تتخلى أبدا عن مشروعها النووي، والحل الوحيد لوقف سباق التسلح في المنطقة هو الرقابة الدولية. 

ويعتقد فيشر أن الهدف في حال تم التوصل إليه لن يرضي السعودية ولا إسرائيل. ومن هنا فقد يؤدي التوصل إلى اتفاق إلى تغير في شركاء أمريكا الإقليميين في المنطقة، وهو ما يبدو واضحا في التطورات الأخيرة في العراق، من خلال التعاون التكتيكي بين الولايات المتحدة وإيران.

ويرى الكاتب أن استراتيجية إيران لم تكن ذكية في الأحوال كلها، فتدخلها في العراق وسوريا ولبنان يحمل مخاطر استراتيجية كبيرة. وهذا يبدو واضحا من تشكيل القوة العربية المشتركة التي تهدف بوضوح لمواجهة التدخل الإيراني في المنطقة.

ويتوصل وزير الخارجية الألماني السابق إلى أن الشرق الأوسط الجديد لا يحتاج إلى سباق تسلح نووي ولا كراهية دينية أو سياسة خارجية تقوم على التدخل العسكري، بل يحتاج القوة للجلوس معا والتفاوض، وتطوير نظام أمن جماعي يخدم مصالح الأطراف المشاركة فيه. 

ويخلص فيشر إلى أنه دون دبلوماسية واستعدادية للعمل من أجل تفاهم وتعايش، كما حدث في إطار التفاهم مع إيران، فسيظل الشرق الأوسط الجديد برميل بارود للسياسة الدولية.
التعليقات (1)
mehdi riahi
الخميس، 09-04-2015 02:11 ص
????