ملفات وتقارير

أبو محمود من مساعد بالجيش إلى منشد بالثورة

أبو محمود كان من المشاركين الفاعلين في المظاهرات بداية الثورة - أرشيفية
أبو محمود كان من المشاركين الفاعلين في المظاهرات بداية الثورة - أرشيفية
بات أبو محمود من الشخصيات المعروفة ذات الشهرة الواسعة في محافظة إدلب، وفي جبل الزاوية على وجه الخصوص، ولا زال العديد من الأشخاص يرددون أناشيده التي كان يطلقها أثناء المظاهرات التي عمّت محافظة إدلب وأريافها في بداية الثورة، والتي كان لها وقع كبير في تحريك مشاعر المتظاهرين، واستجابتهم وشد انتباههم. 

ولعل السبب في ذلك أن معظم الأناشيد التي كان يغنيها أبو محمود كانت من تأليفه، وكانت تحاكي الواقع، وتتابع الأحداث التي تحصل والتطورات التي تقع في الثورة، وكانت في معظمها نصائح للمتظاهرين، وللناس الذين يقفون مع النظام، إضافة إلى التغني بالأمجاد والبطولات والشهداء. وتهديد النظام ووعيده.

أبو محمود رجل من جبل الزاوية ثار على النظام، قبل أن يعلن بداية الربيع العربي، ورفض أن يصم سمعه ويغمض عينيه عن الذل والمهانة، على الرغم من معرفته التامة لما سينتج على تمرد من هذا النوع؛ الأمر الذي أدى به إلى أن يطرد بشكل تعسفي من الجيش، ويزج به في السجن، لتبدأ حياة الذل والإهانة الجسدية التي كان يتلقاها أبو محمود برأس مرفوع، ونفس فرحة، وصدر منبسط، وسن ضاحك يزيد به من غيظ جلاديه، ويثبت لهم أنه الأقوى على الرغم من كل ما يفعلوه به.
 
ويحدث أبو محمود "عربي21" عن الثورة في سوريا، والدموع لا تكاد تجف من عيونه، قائلا: "لقد خرجت من السجن في بداية اندلاع الثورة في سوريا، وكان ذلك محفزا ودافعا قويا لي لأن أكون في أول الثائرين، لما ذقته من ظلم وعذاب على أيدي هذه العصابة المجرمة، ولأني أحب العتابا، وأكتب الأشعار الشعبية، كان حقدي على النظام يدفعني لأن أعبر عن سخطي وغضبي بكل ما أستطيع".

وأضاف أبو محمود: "لم تستطع الهتافات بإسقاط النظام أن تفرغ ما بداخلي من كره وحقد على هذا النظام، حينها بدأت أكتب الأناشيد، ففي كل مظاهرة أقدم نشيدا جديدا، وأصبحت بذلك من أشهر المنشدين في الثورة، حتى أطلق علي لقب قاشوش جبل الزاوية، نسبة إلى قاشوش حماة الذي اعتقله النظام وانتزع حنجرته؛ لأنه كان ينشد للحرية، ليصبح بذلك رمزاً من رموز الثورة السلمية في سوريا".

ولعل أحزان أبي محمود لا زالت تتسع يوما بعد يوم، فربما ألم السجن وعذابه أصبح من ذكريات الماضي التي يفخر أبو محمود بها، ولكن ألم التشرد والموت المستمر الذي لم ينقطع عن مدن وقرى إدلب، والدمار الذي دفع به أبو محمود بمنزله الذي لا يملك غيره، إضافة إلى استشهاد أحد أولاده في المعارك الدائرة في جبل الأربعين.

ويضاف إلى كل هذا الألم ألم من نوع آخر ليس يعادله ألم وغصة وحرقة فؤاد بالعالم، ولا يعرف ذلك ويدركه جيدا إلا السوريون، وهو الاعتقال حيث إن ابنه البكر لا يزال في سجون النظام، ولا يزال أبو محمود يذرف الدموع عليه حتى الآن، ويقول أبو محمود إن خبرا شبه مؤكد وصله يفيد بمقتل ولده تحت التعذيب في سجون قوات النظام، ولكن ما برح يمني نفسه وعائلته المكلومة بأن معجزة من السماء قد تعيد لهم ولدهم البكر، وتطفئ شيئا من النار التي ما زالت تلتهب في قلوبهم، كلما ذكر ولدهم أو أرجعتهم الذكريات إلى شيء من سيرته.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن أبا محمود ما زال يحلم بالنصر، متأملا بالفرج القريب، ومؤمنا بأن الشعب هو وحده القادر على أن يصنع المعجزات، وما يزال يعمل بكل ما يستطيع في بناء مجتمع متعلم حر، فبعد أن تحولت الثورة إلى العمل المسلح، تفرغ أبو محمود لتعليم الأطفال في أحد معاهد تعليم القرآن، إضافة إلى تحفيظهم العديد من الأناشيد التي لا يزال يكتبها، ويوثق فيها تاريخا حافلا بالعز والنصر، على حد وصفه، ولعل أهم الأناشيد التي حفظها الجميع عن أبي محمود التي مطلعها "لا تبعت ابنك حرام يخدم في جيش النظام ... والجيش السوري خاين من أفعاله باين" وغيرها الكثير.
التعليقات (1)
ابو محمود الزعبي
الإثنين، 27-07-2015 02:17 م
بارك الله فيك اخي ابو محمود بوركتم وبوركت سواعدكم وحفضك الله من كل مكروه