قضايا وآراء

ملاعق لتحريك الطبخة السورية

فاطمة ياسين
1300x600
1300x600
ذرف أعضاء مجلس الأمن في اجتماعهم الأخير الدموع مدرارة عند مطالعتهم لصور الأطفال والنساء المختنقين بغاز الكلور في مناطق سوريا القريبة من إدلب، وبعضُ أعضاء المجلس الذين لم يكن لديهم عِلْمٌ بأن السوريين يموتون منذ ما يزيد على الأربع سنوات قبل أن تخبرهم النجمة آنجي (أنجلينا جولي) بذلك، هبوا لمهاجمة النظام السوري بعبارات قاسية، حانقة، مستاءة.

تاريخ جديد؛ يمتد بين الخامس والخامس عشر من أيار/ مايو، بدأنا نسمع به لاجتماع جديد تعتزم الأمم المتحدة إقامته لجمع وفود من المعارضة والنظام السوريين في جنيف تحت مسمى اللقاء التشاوري الخاص بالتحضير لـ جنيف ثلاثة.

ليس من الفطنة، على ما أظن، الانسياق وراء التحليل الذي ينشره بعض المعارضين، المؤمنين بنظرية المؤامرة، على صفحاتهم والذي يقول إن مجلس الأمن يريد من جنيف ثلاثة تقديم طوق نجاة للنظام الذي يخسر، عسكريا، على جميع الجبهات، ويكاد أن يصل سياسيا إلى حافة الإفلاس، لسبب بسيط  هو أن مجلس الأمن ومن ورائه الأمم المتحدة والعالم أجمع لا يهمهم إنقاذ بلدان العالم الثالث أفراداً أو دولاً من الخسارة أو الموت بالكيماوي أو حتى  غرقا.. لكننا، في ذات الوقت، نستطيع أن نلاحظ لوحة جديدة للمنطقة تَعمل على رسمها قوى عظمى وأخرى إقليمية.. 

فحتى لو نحينا الرغبات والأحلام جانباً، فإنه لا يمكن لأي محلل سياسي النظر إلى الأحداث الأخيرة التي تشهدها كامل المنطقة على أنها عوامل منفصلة لا يرتبط أحدُها بالآخر، بدءا من تسلم سلمان بن عبد العزيز كرسي الحكم في السعودية خلفاً للملك عبد الله، وما تلا ذلك من تحولات إقليمية حقيقية كعاصفة الحزم واللقاءات المكثفة بين الأخوة الألداء في قطر والسعودية ومعهم تركيا، ومن ثم التوقيع على مسودة الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، والدعم المتزايد لقوات المعارضة السورية الذي أدى إلى تآكل جيش النظام السوري من شمال سوريا وحتى جنوبها.. البانوراما الإخبارية أعلاه تقدم الهيئة الرثة التي سيظهر بها النظام في اللقاء الأخير عندما لا يكون قادرا على حقن وجنتيه بالبوتوكس كما فعل في جنيف بنسختيه السابقتين، خصوصا وأننا لا نستطيع التغاضي عن الوفاة الغامضة لرستم غزالي الذي شيعه النظام منذ أيام وما تردد عن اعتقال منذر جميل الأسد الذي دارت قصص وحكايات حوله؛ بعضُها يتحدث عن عزمه القيام بشيء يشبه الانقلاب في الساحل، بالإضافة لعزل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية رفيق شحادة عن منصبه بعد خلاف قام بينه وبين المتوفى غزالي.. كل هذا سوف يعني دون شك أن اللقاء التشاوري الخاص بجنيف ثلاثة سيحمل رغبة حقيقية من النظام للحل، أو لتسوية وضعه على الأقل، هذا إذا فرضنا أن شيئاً قليلاً من العقل المدبر ما يزال متوفراً لديه، ومن ثم يستطيع أن يستوعب أن تحريك المحكمة الدولية لقضية مقتل رفيق الحريري في هذا التوقيت من عمر الحروب والأزمات لم يأتِ بالمصادفة، أو بقصد الاحتفال بالذكرى العاشرة لانسحاب الجيش السوري من لبنان.

على الأرض السورية سمعنا مؤخرا عن شيء اسمه غرفة عمليات تحرير حلب التي ستتولى إنهاء سيطرة النظام على  الجزء المتبقي من مدينة حلب، وبالتالي زوال أي وجود للنظام في الشمال السوري.. ولا أحد يعلم الأمر الذي دعا زهران علوش إلى مغادرة إمارته في دوما وتكبده عناء، قيل إنه كبير، حتى يصل أرض العثمانيين، ويقابل بعض مشايخ الشام ووفداً من الائتلاف هناك، لكن.. وفي الوقت نفسه يستطيع أي محلل أن يتكهن بسهولة سبب سفر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للقاء نظيره الأميركي جون كيري مع وزراء خارجية كل من الأردن ومصر في الإطار ذاته.
التعليقات (0)