قضايا وآراء

مواقع القسام المتقدمة.. ما بين الاستراتيجية والتكتيك

إبراهيم المدهون
1300x600
1300x600
كشفت "كتائب القسام" الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، النقاب عن قيامها مؤخراً ببناء عدد من المواقع العسكرية لها على حدود قطاع غزة في منطقة مطلة على عدد من المستوطنات اليهودية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ما اعتبر تطورا نوعيا في أداء وتوسع المقاومة في قطاع غزة. وأعتقد أن هذه المواقع نقطة انطلاق أولى لإظهار حجم النصر الذي حققته المقاومة في معركة العصف المأكول، وتوضح زيادة قوة الردع لديها، فمواقعها أصبحت على حدود الأراضي المحتلة عام 48، ويشاهدها قادة الاحتلال بعينهم المجردة ولا يستطيعون تحريك بنادقهم واستخدام سلاحهم ضدها، وبالتأكيد فإنها تغيظهم عمليات التدريب والإعداد والمراقبة والبناء وحفر الأنفاق على أعينهم ومرمى بصرهم.
 
والمواقع هذه دليل انتقال المقاومة من مرحلة السرية إلى العلنية، حيث لم تعد المقاومة تخفي قدراتها ومعسكراتها، وأصبحت جيشا نظاميا معلنا يقوم بتدريباته بشكل مكشوف وواضح، وهذا يعزز شرعيتها وحضورها في أي ترتيبات قادمة، فالمقاومة استطاعت حماية كوادرها وسلاحها وأماكن تطويره. ولا أحد ينكر أن قوة الردع ازدادت لصالح المقاومة في الصراع، وأن حماس نجحت في البناء التراكمي الذي من خلاله يمكن لها العمل والتمدد وفرض وقائع جديدة على الأرض، كما أنه سيؤثر على نفسية المقاومين والشعب من خلفهم، فعندما يدخل المقاومون المواقع ويشاهدون مستوطنات الاحتلال عن قرب ينزع ذلك الرهبة من نفوسهم، ويزيد شوقهم لملاقاة العدو واقتلاع مواقعه.
 
وزيارة الجمهور وفتحها للإعلام وتصويرها وإطلاع الجمهور على بعض مما وصلت إليه المقاومة عكس رؤية إيجابية على الشعب الفلسطيني الذي ارتفعت معنوياته وأصبح يدرك أن هناك قفزات جديدة وشعور بالرضا والثقة والصمود في وجه الاحتلال من خلال مقاومته. وعلينا ألا نهمل أن الاحتلال مستفز من المواقع العسكرية المتقدمة، وقدر أرسل مجموعة رسائل وتصريحات تظهر مدى قلقه من هذه المواقع وهذا التمدد العسكري، فالاحتلال اليوم يدرك أنه ليس هو المتحكم الوحيد في المعادلة، ولم يعد يفرض واقعا كليا على الأرض لوجود قوة المقاومة تستطيع أن تعزز واقعا قد لا يرضي الاحتلال عنه ويغصبه، فالاحتلال يدرك خطورة أن تصبح المخيمات علانية وبهذا الشكل وأن تتمدد وتصبح ملاصقة للحدود، فهناك حالة قلق وتوتر في دوائر الاستخبارات والإعلام لدى الاحتلال.
 
هذه المواقع شرف واعتزاز، ولها ما بعدها وترسل رسائل وجدانية للشعب الفلسطيني أن حلم التحرير قد أصبح بالإمكان واقترب، كما أنه يؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ما أدى لظهور حالة من الخوف والقلق داخل الجمهور الإسرائيلي، فالاحتلال يحاول تجنب الحديث عن المواقع والحرب، في ظل معادلات جديدة تصعب على الاحتلال ارتكاب أي عملية عسكرية أو حماقة سيكون الرد عليها مكلفا وامتدادا للمواجهات السابقة.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل