قضايا وآراء

شيخ الأزهر والمفتي خِرقتان في ديكور تافه

محمود الفقي
1300x600
1300x600
في الإعدادية ذاعت ببلدتنا أخبار زيارة صاحب الفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر (لاحظْ أني اختصرت اللقب!) جاد الحق، وماجت الجموع واحتشد الناس.

أوقفتنا البلدية في طابور من التنميق والتزويق خمسة كيلومترات في قيظ يونيو، حيث أكبرنا آنذاك لم يكن قد بلغ الحلم أو حتى تَبَلَّغ بما يسد به رمقه ويُسكت صراخ جوعه!

مر الإمام بعد أكثر من ثلاث ساعات من النصب والوصب، لكنه لم يزرْنا أو حتى يؤنس الإسفلت، فقد رأى ظاهر المكان دون خافيه، وحام حول حماه ولم يقع فيه! في موكب لا يكاد البصر يحصيه من أفخر السيارات رباعية الدفع لمحته في واحدة منها (أو شُبِّه لي) ناعماً بالتكييف والكرسي الوثير في بُلَهْنِيَة العيش.. مضحكة كلمة بُلَهْنِيَة هذه مثل أحوالنا!

لم يكلف الإمام نفسه بالنزول إلى الشعب ليمسح عرقهم ويسد جوعهم ويطبب آلامهم، ولم يربط (كالنبي) حجراً على بطنه من الجوع مؤثراً الناس على نفسه، والأهم أني لم أشعر بأي فرق لوجوده؛ فمعهدي آيل للسقوط، وحال المعلمين قار وقطران، وأخلاق الجوع والزحام غيلان.

وقد خلفه طنطاوي الذي كاد يسهِل (من الإسهال) فرحاً على شاشة التلفزيون؛ إذ يكرر كلمته الرديئة التي صارت لِزاماً (إن كلمات اللغة العربية كلها تعجز عن وصف فرحتي باختيار سيادة الرئيس لي)، ثم تولي الكاميرا وجهها شطر بلدته البَؤُوس في سوهاج (ذات القرى الأفقر) لتصور الناس متحلقين حول بقرة ذبحها علية القوم فَرَحاً ومَرَحاً بتعيين فضيلته...ثم ماذا؟ ثم لا فرق ولا أثر ولا ميزة ولا نعماء إلا ما يَنعم به فضيلته، ناهيك عن مواقفه المخجلة ونفاقه للسلطة وضحالته المعرفية!

ثم خلف من بعده الطيب بنظارته الشمسية وتصريحاته في "الفاضية والمليانة"، وتأييده للانقلاب، ثم محاولته غسل يديه بعد فوات الأوان.

تذكرت هذا إذ أشاهد فيديو سيدة في هولندا تشتم المفتي الذي أتحدى أن يعرف اسمه ثلاثة أرباع طلاب الأزهر وربع مشايخه!

لم تغضبْني الشتائم، رغم تشددي في هذا الجانب؛ لأن السيدة لم تجاوز الصواب إلا في شتم أبيه.

فتوصيفها له بالنفاق والخنوع سديد وموفق، وإن كان عنيفاً، لكن وهل ثمة أعنف من ذبح شباب وبنات كالورد، ودفع من تبقى منهم إلى الإرهاب إحباطاً ويأساً، وسرقة منصب الرئيس، وتوريط مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء والجيش، وبث مكارثية وعنف وغباء سيمطر على مصر جحيماً إن لم نتدارك أنفسنا سريعاً.

يقيناً لا أقصد أن يترجل الرجل ليركب بغلة أو يجوع أو حتى يعارض الحاكم!

كل ما أتمناه أن يفهم أن دوره ليس خرقة في مطبخ الدولة أو حشو لخانة، وأن يفهم أن الدولة التي يؤكد معتز بالله عبد الفتاح -بعدما سَشْوَرَ شعره- أنها معصومة هي ذاتها خالقة الإرهاب لما دفعت بفلذات أكبادها إلى الحرب في جبال أفغانستان الوعرة، وكنت أسمع بنفسي نشرات الأخبار تصفهم بالمجاهدين، ثم لما عادوا من محاربة "الكفر والإلحاد" لصالح الولايات المتحدة سجنتهم الدولة وذبحتهم!!

اعتزل وقل للدولة إنك لا تعارضها، ولكنك مريض وتحتاج إلى الراحة، أو حتى إلى 30 كيلو من السمك الطازج كان محافظ الدقهلية سعيد صوَّان يزورنا في المنزلة ليلهفها ثم يعود أدراجه إلى زوجته مؤكداً لصحف الغرب أن العجز المائي في مصر سببه أن الناس بتستحمَّى كتير!!
التعليقات (0)