مقالات مختارة

الكيان الذي يسيطر على الأكراد

هلال قابلان
1300x600
1300x600
من المفرح أن نرى المتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" الإرهابي، وهم يحاولون "الإيحاء بأنهم يشكّلون خطرا على تركيا أكثر من تنظيم الدولة". هذا من البديهي، وما الذي ستتوقع من فئة لا تكنّ لك إلا البغض والكراهية. لكن من جهة ثانية، فإن علامات الاستفهام تدور حول المتأثّرين من دعاية أن تركيا هي من أنشأت ودعمت تنظيم داعش في الوقت ذاته. من هو الطرف الخطير لتركيا؟
من خلال معلومات الرصد المتعددة التي رصدت ردود الأفعال التركية تجاه الطرفين، نرى أن تركيا لا ترى حزب الاتحاد الديمقراطي”PYD”  (وهو حزب كردي يقاتل في سوريا، واستولى أخيرا على منطقة تل أبيض السورية من تنظيم داعش) أخطر من تنظيم داعش، لاسيما أن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، كان موجودا في أنقرة وللمرة الرابعة الأمس، وبشكل معلن من الجهات التركية.

إن كان حزب الاتحاد الديمقراطي يشكّل خطرا أكبر من تنظيم داعش، لماذا أرسلت تركيا أول شحنة مساعدات عسكرية إلى عين العرب كوباني في أثناء حصارها من التنظيم؟ وإن كان حزب الاتحاد الديمقراطي أكثر خطرا من تنظيم داعش، لماذا أكثر من ألف عنصر جريح من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي تم علاجهم في مستشفيات تركيا؟

إن كان حزب الاتحاد الديمقراطي يشكّل خطرا أكبر من تنظيم داعش، لماذا قال رئيس الجمهورية أردوغان بأنهم سيعملون جاهدين كي لا يقع عين العرب بأيدي تنظيم داعش؟ لماذا لم تنقطع المعونات الغذائية عن عين العرب؟

لكن مع استيلاء حزب الاتحاد الديمقراطي على مدينة تل أبيض السورية من تنظيم داعش، تغيّرت المعطيات، لاسيما أنهم يحاولون اليوم توحيد منطقة الجزيرة السورية مع باقي المناطق الكردية في الشمال السوري. وهذا يطرح لنا فكرة إنشاء دولة لنفسه في المناطق التي يسيطر عليها، خاصة وأن التصريحات الأخيرة القادمة من "اتحاد المجتمعات الكردستاني" (وهو كيان يضم معظم الأحزاب الكردية اليسارية، ومن ضمنها حزب العمال والكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، والرئيس الفخري له، عبدالله أوجلان، المسجون في إحدى جزر تركيا في بحر مرمرة. وتأسس هذا الكيان عام 2005، بحضور 213 شخصية كردية من أوربا والشرق الأوسط)، تفيد بإمكانية تنفيذ هذا المشروع.

بعد صدور نتائج الانتخابات الأخيرة في تركيا، التي جرت في السابع من حزيران/يونيو 2015، وبعد استيلاء حزب الاتحاد الديمقراطي على مدينة تل أبيض السورية، قال العضو في اللجنة الإدارية لاتحاد المجتمعات الكردستاني، دوران قالقان، إن علاقتهم بالحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق) قد انتهت. وكما صرّح قالقان من قبل أنهم بصدد مشروع لإدارة كردستان الغربية من أربيل، وهذا إعلان صريح من قالقان عن نيته بتصفية بارزاني.

وكما نذكر جميعا فقد اتَّهم صالح مسلم، بارزاني بتلقيه الأوامر من الدائرة الحربية الخاصة لجمهورية تركيا، ومنذ مدة ليست ببعيدة اتّهم موقع مقرّب من حزب العمال الكردستاني، مسعود بارزاني، بأنه "خنجر يهودي". بالإضافة إلى اتهام وحدة العلاقات الخارجية لاتحاد المجتمعات الكردستاني، لموقع  “Rudaw”التابع لإقليم كردستان العراق، أنه صناعة الاستخبارات التركية.

وبحكم أنه قبل الانتخابات التركية الأخيرة، زعموا أن نتائجها رهن أردوغان، ولكن ما إن صدرت النتائج قالوا، إنها ليست حرة، ولذلك السبب فإن أردوغان لن يستطيع أن يجبر حزب العمال الكردستاني على ترك السلاح. ومما نتج عن السياق والنتائج السابقة، دخلنا في مرحلة أن أوجلان يريد تصفية مسعود بارزاني اليوم.

يفضّل اتحاد المجتمعات الكردستاني إقامة علاقات مع إيران والنظام السوري والولايات المتحدة الأمريكية، على إقليم كردستان العراق وتركيا. ولذلك السبب لا يريد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في تركيا، تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية، حيث إنه كان يفضّل أن يشكّل ائتلافا مع حزب الشعب الجمهوري المعارض، وحزب الحركة القومية المعارض. لكن عندما رفض رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، التحالف معه، أعلن أنه سيدعم حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، وسبب إعلانه هذا، جاء بعد المعطيات التي خرجت من كيان اتحاد المجتمعات الكردستاني.

من خلال هذه النتائج، فإننا ماضون قُدُما نحو حرب أهلية بين الأحزاب الكردية، تماما كما حصل أعوام 1994-1997، إذ نشأت حرب بين حزب جلال طلباني وحزب مسعود بارزاني، راح ضحيّتها نحو 5 آلاف ضحية.

 مع هذه المجريات يمكن القول إن الطريق الذي يمشي به حزب العمال الكردستاني، ومن ورائه حزب الاتحاد الديمقراطي، لا يمكن أن يلتقي مع الخطى التي تسير عليها تركيا. ولكن إن تراجع حزب الاتحاد الديمقراطي عن تحالفه مع إيران التي لا تعطي لأكراد إيران إلا المشانق، ويكف عن معادات المعارضة السورية بحجة أنهم غير علمانيين، ساعتها تستطيع تركيا أن توفّر لهم ما هو بمستوى توحيد المناطق الكردية.

خلاصة الكلام، إن الذي سيحدّد الصفة الرسمية (صديق،تهديد،عدو إلخ) لحزب الاتحاد الديمقراطي لتركيا، هو اتحاد المجتمعات الكردستاني. والخيار الصحيح لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي في تركيا، هو التحالف مع العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية، من شأنها أن تكون الخطوة الأولى التي ستوفر الحياة الرغيدة لأكراد وأتراك تركيا.

عن  صحيفة صباح التركية/ ترجمة وتحرير  تركيا بوست خاص لـ"عربي21"
التعليقات (0)