بورتريه

الشيخ جبريل: "سحرة فرعون" و"سحرة العسكر" وما بينهم (بورتريه)

الشيخ محمد جبريل الذي أزعج نظان السيسي الانقلابي ليلة القدر - عربي21
الشيخ محمد جبريل الذي أزعج نظان السيسي الانقلابي ليلة القدر - عربي21
أشهر قارئ للقرآن الكريم  في العالم الإسلامي، صوت يقطر صفاء ونقاء وعذوبة، يقف وراءه الآلاف الذين يؤمون المسجد الذي يصلي فيه، مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة، يأتون رجالا من كل فج عميق، ومن مختلف المحافظات والمدن المصرية طمعا في "بركة الشيخ"  وأملا في أن يحالفهم القدر في ليلة القدر وأن يتقبل الله طاعاتهم ودعاءهم في الليلة التي هي خير من ألف شهر.

منذ عام 1988 وهو يؤم المصلين في صلاة التراويح، في العشر الأواخر من شهر رمضان، يدعو دعاء القنوت لما يزيد أحيانا على الساعة، يدعو نفس الدعاء تقريبا حتى اليوم، والمصلون خلفه لا يكلون ولا يملون، وفاضت أعينهم بالدمع من خشية الله يبكون تضرعا إلى ربهم.

واختلط بكاء الأطفال بالكبار، أثناء تأدية الصلاة، والأدعية الدينية، وغابت مظاهر الانتماءات السياسية عن الصلاة فوحد الدمع القلوب.

ودعا جبريل نفس الدعاء القديم/ الجديد الذي أثار غضب الحكم العسكري في مصر وأعوانه وأتباعه.

الشيخ  محمد محمد السيد حسنين جبريل، المولود في مدينة طحوريا، محافظة القليوبية، حفظ القرآن الكريم وعمره 9 سنوات، وفاز بالمركز الأول على مستوى جمهورية مصر العربية والعالم الإسلامي أكثر من مرة في مسابقات القرآن.

حصل على بكالوريوس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف، وعمل قارئا ومعدا للبرامج الدينية بالتلفزيون الأردني.

وعمل مدرسا للقرآن الكريم في الجامعة الأردنية، وألقى عدة محاضرات في المراكز الإسلامية في عدة دول تناول فيها علوم القرآن الكريم، وأشرف على إقامة المركز الإسلامي العالمي لعلوم القرآن بالقاهرة (دار أبى بن كعب) ويدرس فيه الآن أكثر من ألف طالب وطالبة.

سجل القرآن الكريم بصوته في الإذاعة والتلفزيون الأردني والإذاعات العربية والإسلامية، كما قام بتسجيل أكثر من مصحف مرتّل بصوته، وكان أول مصحف مرتل يسجله في مسجد عمرو بن العاص، وقام بتسجيل القرآن الكريم إلكترونيا أيضا في لندن .

كما سجل عدة برامج دينية في التلفزيون الأردني والمصري، وله عدة برامج دينية بالقنوات الفضائية العربية .

سافر إلى معظم بلاد العالم لإمامة المصلين في المساجد الكبرى، وألقى العديد من المحاضرات في المراكز الإسلامية في علوم القرآن الكريم.

دعاء الشيخ جبريل في ليلة القدر بمسجد عمرو بن العاص لم يكن فيه هجوما صريحا على النظام الحاكم في مصر وأعوانه تحديدا، لكنه لا يخلو من تلميحات إلى كل الأنظمة الظالمة، وكان يمكن للنظام في القاهرة أن يتجاوز الموضوع ويتجاهل ما حدث تماما، باعتبار أن الدعاء عام وليس خاصا، يقوله معظم الخطباء في المساجد، وكذلك منعا للتأويل والتهويل.

يدعو جبريل سنويا نفس الدعاء تقريبا، وبنفس المدة التي تقترب من الساعة، وتردد من خلفه الحشود كالمعتاد بالتأمين على دعائه، أمر معتاد يعرفه الغالبية العظمى من المصريين، ولم يثر يوما غضبا أو يصدر بسببه قرار من الدولة حتى أيام نظام حسني مبارك الذي كان يسمع الدعاء ويتعامل معه بوصفه موجها لغيره.

وبدا وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة غاضبا ومنفلتا من عقله ولسانه حين هاجم  جبريل وقرر وقفه عن العمل بكافة مساجد البلاد، بعد دعائه على الإعلاميين  المضللين الموالين للنظام الذين وصفهم "سحرة فرعون"، والساسة الفاسدين وشيوخ السلاطين، وعلى من اعتدى على حرمات البيوت، وعلى من طغى وتجبر، ودعا للشباب المحتجزين، وذلك  أثناء إحياء ليلة القدر الأخيرة .

وقال جمعة إن الوزارة ستتابع الشيخ جبريل قضائيا وستخاطب التلفزيون المصري لعدم إذاعة أي تسجيلات له، وستطلب من الدول العربية عدم استضافته أو السماح له بممارسة أي أعمال في مساجدها، واعتبر أنه "من أصحاب الوجوه المتلونة التي تتلاعب بعواطف الناس".

كان جبريل نجم مصر وشيخها الجليل حتى يوم الثلاثاء الذي أثار غضب العسكر، بلا منازع.

الآن الكل يتحدث عنه، المؤيدون للنظام العسكري يتهمونه بأنه "إرهابي" و" إخواني" ويطالبون بمحاسبته، واستخرجوا من الأرشيف ما ادعوا أنها تهم تمس شرف وعرض الشيخ.

والمعارضون للنظام يرون فيه شيخا نطق بالحق في وجه سلطان جائر وفضح شيوخ السلطان المتزلفين الذين غرتهم الدنيا وأعماهم الطمع. وقام هذا الفريق بنشر عدد من التسجيلات لصلوات سابقة كان الشيح جبريل إمامها ودعا فيها بنفس الدعاء.

ويقف بينهم طرف يرى في الحادثة مثالا جديدا على أن النظام الحاكم في مصر "فقد عقله"، أو أنه قرر أن يخسر كل مناصريه، مذكرين بواقعة هجوم أنصار النظام على لاعب الكرة الشهير محمد أبو تريكة وغيره من الشخصيات التي تحظى بحب واحترام المصريين والعرب.

التزم جبريل الصمت في وجه شتائم وبذاءة الذين هاجموه بعد دعائه الشهير، فرجل حفظ القرآن وكرس حياته  له لا يحسن الشتم والذم والردح. يقول جبريل في التصريح الوحيد الصادر عنه : "أنا أحب بلدي ووطني ولم أنتمِ إلى أي جهة كانت، وتاريخي يدل على ذلك، والجهة الوحيدة التي أنتمي إليها هي حب القرآن وحمل رسالته في الداخل والخارج".

لكن النظام الذي يقوده إعلام فقد أي قيمة مهنية له، يكيل التهم لمن هب ودب، ولكل من خالفهم الرأي، ويفتحون المعارك من كل حدب وصوب، لا يقيمون وزنا للحقيقة والموضوعية والقيم الأخلاقية في المجتمع.

العسكر فقدوا عقلهم وعقالهم، والشيخ جبريل لن يكون الأخير، في قائمة المغضوب عليهم، فثمة عقلية ثأرية وانتقامية تقود البلاد إلى بحر الظلمات، وإذا كان "سحرة فرعون" وقعوا ساجدين وآمنوا، فإن السحرة الجدد لا يرقبون في المصريين إلا ولا ذمة.
التعليقات (7)
yomna
الإثنين، 27-07-2015 04:21 ص
حسبنا الله و نعم الوكيل
قيس المحسيري
الأحد، 19-07-2015 09:57 ص
مقال متوازن واللعنة على الظلمة والإعلاميين الفاسدين
زكريا
الأحد، 19-07-2015 01:48 ص
يحسبون كل صيحة عليهم
عمر علي
السبت، 18-07-2015 11:51 ص
متعة القراءة حتى آخر حرف ..
hamza
السبت، 18-07-2015 01:56 ص
هم أئمة الكفر ،،ألم يقل رب العالمين وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)