ملفات وتقارير

في الموصل العراقية: البخاخ الحراري لإرشاد طائرات التحالف

تمثل الموصل مركز ثقل تنظيم الدولة في العراق - أرشيفية
تمثل الموصل مركز ثقل تنظيم الدولة في العراق - أرشيفية
في العاشر من حزيران/ يونيو 2014، وبعد أربعة أيام من المعارك الشرسة، سيطر تنظيم الدولة على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى العراقية، التي تُعدّ الآن المعقل الرئيس لتنظيم الدولة، التي أعلن منها "دولة الخلافة".

أدى انهيار القوات الأمنية في الموصل إلى انهيارات مماثلة في محافظات أخرى، كمحافظتي صلاح الدين وكركوك، وأجزاء من حزام العاصمة بغداد، ومنذ ذلك الوقت تسعى الحكومة المركزية لاستعادة المدينة، مستعينة بتحالف دولي واسع تقوده الولايات المتحدة، بشن غارات مكثّفة على مواقع التنظيم بإرشاد من متعاونين مع التحالف يعملون من داخل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، ويطلق عليهم السكان المحليون اسم "الجواسيس".

اتخذ تنظيم الدولة إجراءات أمنية لحماية مواقعه، منها تحصينات دفاعية حول المدينة، وإعادة نشر مقاتلين داخل المدينة بشكل مستمر تحسبا لرصدها من قبل المتعاونين مع القوات الأمنية العراقية والتحالف الدولي.

وبالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية والمعلومات التي ترسلها طائرات الاستطلاع المسيرة التي لا تفارق أجواء الموصل على مدار الساعة، كما أفاد سكانٌ محليون لـ"عربي21"، فإن العامل الأكثر موثوقية يتمثل في المعلومات التي يقدمها "الجواسيس" الذين يقومون "بزرع شرائح الكترونية عند مقرات وتجمعات التنظيم، وتقوم هذه الشرائح ببث إشارات ترشد صواريخ الطائرات إلى أهدافها"، كما يقول مصدرٌ مقرّبٌ من تنظيم الدولة، في حديث خاص لـ"عربي21".

وعن مدى تأثير مثل هذه النشاطات التي يقوم بها المتعاونون مع التحالف الدولي، يقول المصدر المقرّب من التنظيم: "لا شك أنّ لها تأثيرا مهما على مواقع تمركز مقاتلي الدولة، لكنّ هذا لا يعني أنّ الأهداف التي يقوم الجواسيس بزرع الشرائح الإلكترونية (قربها)، هي دائما أهداف تخصّ الدولة الإسلامية".

وتابع: "الجواسيس عادة يمارسون نشاطاتهم في أجواء من الرعب والارتباك، لذا يقومون بزرع معظمها قرب بنايات عامة، كالمستشفيات ومحطات الكهرباء التي تعرضت لعدّة ضربات خلال هذا الأسبوع"، مضيفا: "الجاسوس الذي يعمل مقابل ثمن لا يهمه سوى زرع هذه الشريحة في أيّ مكان كي يقبض ثمن جريمته التي عادة ما يروح ضحيتها مدنيون أبرياء"، حسب تعبير المصدر.

وسبق للقوات الأمريكية أن اعتمدت على مثل هذه الأساليب منذ غزوها العراق في العام 2003. وقد مرّ تنظيم الدولة بتجارب مماثلة في الرمادي والفلوجة، حيث "شكّل فرقا أمنية خاصة تقوم بمتابعة المتعاونين مع قوات الاحتلال، عبر حكومتي بغداد وأربيل، وتمّ القبض على العديد منهم وإعدامهم في الساحات العامة وسط رضا شعبي كبير"، كما قال لـ "عربي21"، عبد الله الجميلي، أحد سكان الفلوجة ويقيم حاليا في السليمانية.

ويرى المصدر المقرّب من تنظيم الدولة في حديثه لـ"عربي21"، "أن الجواسيس هم رأس الحربة في الحملة على الدولة الإسلامية، وقد قامت المفارز الأمنية بتصفية العشرات منهم، وكشف العديد من الشبكات التجسسية".

ويقول المصدر ذاته، إن "الجهد الأمني الذي يقوم به الجهاز المختص (التابع للتنظيم) تغلب في المعركة الاستخباراتية مع الجهات المعادية للدولة، رغم بعض الخروقات"، متحدثا عن "متابعة الجواسيس على مدار 24 ساعة من خلال مراقبة المقرات ومحيطها، وإنشاء مقرات وهمية لاستدراج الجواسيس، وأساليب متطورة أخرى لن نتطرق لها لدواع أمنية"، على حدّ قوله.

ويعتمد المتعاونون مع التحالف أساليب عدّة في الدلالة على مواقع تنظيم الدولة، فبالإضافة إلى زرع الشرائح الإلكترونية، يستخدم المتعاونون أجهزة تحديد المواقع عبر الهواتف النقالة، أو عن طريق إجراء مكالمة هاتفية مع جهات فنية متخصصة بتحديد المواقع، أو إرسال رسالة نصية من مكان قريب من الموقع المستهدف.

وردا على سؤال توجهت به "عربي21" عن أخطر الوسائل التي يتبعها المتعاونون وأكثرها فاعلية، يقول المصدر المقرب من التنظيم: "المفارز الأمنية للدولة الإسلامية، لم تستطع تحديد كلّ الوسائل المستخدمة في هذه الضربة الجوية أو تلك، لكنّ متخصصين وجدوا أنّ بعض الجواسيس يستخدمون بخاخات ترش مواد معينة تحوي موجات حرارية بترددات معينة على الموقع المستهدف، وهي آخر ما تَمّ التوصل إليه من وسائل يستخدمها الجواسيس بعد فشل وسائل أخرى بفضل تعاون السكان معنا، وقد تَمّ القبض بالأمس على خلية تجسسية قيد التشكيل، بفضل هذا التعاون"، وفق قول المصدر.
التعليقات (0)