قضايا وآراء

الإخوان والحالة الثورية (2)

د. أحمد عبد الرحمن
1300x600
1300x600

منطلقات نحو رؤية جديدة 
 
تحدثنا في المقال السابق أن جماعة الإخوان المسلمين لابد أن تدرك بعمق متطلبات التغيير الحقيقي لهذه المرحلة، وأن تجتهد في التحرك من خلال رؤية واضحة تلبي مقتضيات هذه المتغيرات، فاللحظة الثورية الحالية تؤذن بمهمة ومرحلة جديدة؛ مرحلة يقظة ووعي واستكمال الأسباب التي يبنى عليها إن شاء الله مرحلة منعة وقوة وبناء حضاري.
 
إلا أن التحرك من خلال رؤية لابد وأن يسبقه مناخ داخلي على مستوى الأفراد والقيادات يهيئ الفرصة لإطلاق الأفكار، ويرسخ أهمية أن يسبق الفكر والتنظير الحركة والعمل، وإذا كان من المقبول في أي مؤسسة أن تكون بعض الأمور الإدارية والتنظيمية غير معلنة، فإن الأفكار لابد أن يعرفها الجميع ويشاركون في تطويرها؛ والأفكار لا تقارع إلا بالأفكار، والحوار هو الطريق الوحيد لحسم الأمور الفكرية والخطأ كل الخطأ أن يتم حسم الجدال الفكري بقرارات إدارية.
 
إن العرب في الجزيرة العربية لم يكونوا يمتلكون أية مقومات مادية لقيام حضارة إنسانية كبرى، فما أن جاء الإسلام وحرر العقول حتى انتقلت الجزيرة نقلة حضارية هائلة وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهيئ المناخ لتنطلق الأفكار، فهو صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يوحى إليه، كان الأكثر حرصا أن يستشير الصحابة، وينزل على رأي الشباب في غزوة أحد ويغير المكان في غزوة بدر بمقترحات من الجنود والقواعد ويحفر الخندق بفكرة من أحد الصحابة ويوقف صلي الله عليه وسلم إكمال المعاهدة مع غطفان في غزوة الأحزاب على ثلث ثمار المدينة لما شعر أن الصحابة لا يميلون إلى هذا الحل.
 
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه دائما ما يستشير الشباب وصغار السن ولما سئل عن ذلك قال لحدة عقولهم أي أنهم في مرحلة غنية لإنتاج الأفكار، والإمام البنا حرص أن يكون الفهم أول الأركان، بل والأعظم من ذلك أنه في الأصل الثامن عشر من الأصول العشرين يقول "الإسلام يحرر العقل ويحث على النظر في الكون ويرفع قدر العلم والعلماء ويرحب بالصالح النافع في كل شيء والحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق الناس بها".
 
استمر ذلك المنهج حتى ابتليت الأمة على مدار عصورها بمن يقيدون انطلاق الأفكار وللأسف بمبررات شرعية، حتى أنك تجد مفكرا مثل "مالك بن نبي" في الخمسينات من القرن الماضي يكتب كتابا بعنوان "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي" متحدثا فيه أن الإرادة الحضارية طوع الفكرة، وأن التلقين المستبد يؤدي إلى انهيار تلك الإرادة، مقررا أن الصراع الفكري يحتد ويتسع في البلاد المحكومة بشبكة من الإيحاءات هي التي تصنع القرارات بعيدا عن الفكر والأفكار.
 
ولقد أجريت دراسة أثناء إدارتي لإحدى المحافظات أرصد فيها العلاقة بين الأداء في وحدات المحافظة المختلفة الفني منها والإداري وبين قدرة المسئولين في هذه الوحدات على تهيئة المناخ للأفراد لكي يطلقوا الأفكار، ووجدت أن الوحدات التي يتبنى المسؤولون فيها هذا المناخ هي الأكثر إنجازا وفاعلية في الأداء، وعموما هذه الدراسة وما يستتبعها من ضرورة التطوير في الأداء قد يكون لها مكان في الحديث في مقال منفصل.
 
أعود لأعرض تجربة مكتب الخارج في وضع رؤية للعمل، وسوف أحاول عرضها بشكل مبسط، أملا أن الطرح والحوار بشكل موضوعي وجاد يساعد على الإنضاج وحسن الأداء. 
 
الرؤية قُسمت إلى عدة أجزاء، الجزء الأول بعنوان "منطلقات وتوجهات حاكمة" حاول فيها المكتب أن يجيب على توصيف الحالة العامة، ثم وضع الجماعة في ظل هذه الحالة:
 
أولا: وصفت الحالة العامة بأنها حالة ثورية، الإخوان جزء منها، تسري في شرائح مؤثرة في أبناء الأمة فتدفعهم إلى تقديم أغلى التضحيات لتحقيق الحرية وكرامة الإنسان. ولأهمية دراسة هذه الحالة بشكل عميق وحتى نساعد في دعم هذه الثورة لتتمكن من تحقيق أهدافها، حرص المكتب على التعاون والتواصل المؤسسي لدراسة الثورة من كل جوانبها المختلفة مع مختصين وخبراء ليسوا بالضرورة منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم جزء أصيل من الثورة وحالتها ممن لديهم الخبرة والاستعداد لذلك.
 
ثانيا: توصيف الصراع الذي نخوضه بأنه طويل وطاحن، ولا ينتهي بكسر الانقلاب، لأننا في أشد الحاجة إلى تثبيت مشروع ينهض ويساعد في ريادة الإنسانية. 
 
ثالثا: وضع الجماعة في ظل هذه الحالة ولكي تقوم بدورها في تأسيس المشروع الحضاري ونهضة أمتها، يتطلب مراجعات عميقة لمداخل الفكر، وآليات التنظيم والقيادة، وطرق الشراكة مع شركاء الثورة، وطرق المواجهة مع أعدائها، وبرامج وإجراءات العمل على الأرض.
 
رابعا: إن من أوضح ما تفرضه لحظة التغيير والتحدي التي تمر بها الجماعة هو الحاجة إلى إعطاء الأولوية إلى الشباب والمرأة ليس فقط في مساحات التنفيذ والحراك، إنما بالأساس في مساحات القيادة والفكر والتوجيه، هذه نقطة قوة هائلة حرمنا أنفسنا من الاستفادة المثلى منها لفترات طويلة، حتى أيقظتنا الثورة على فكر وثاب وحركة شجاعة للشباب والمرأة، الجماعة الآن أحوج ما تكون إليه. 
 
وسنستكمل لاحقا ما لم يتسع له الحديث الآن حول المستهدفات العامة المترتبة على هذه الرؤية، وبرامج العمل، والسياسات الحاكمة لعمل المكتب، وغيرها من الموضوعات الموجودة بوثيقة الرؤية.
التعليقات (8)
ابو احمد
الجمعة، 04-09-2015 07:58 م
هل هذه الرؤية خاصة بكاتب المقال ام انها تعبر عن راى الاخوان مع ملاحظة اننى لاافهم علاقة مكتب الارشاد فى مصر بمكتب الخارج
hany
الإثنين، 24-08-2015 06:13 م
لا اجد جديد فى كتابة اى شخص من الاخوان كلام هلامى لا يطبق ابدا و غير ملزم لاى منهم ثم ان وصف الوضع بالثورى يدل على الفشل التام الوضع فى مصر يا سادة رافض و كاره لاى ثورة او وقفات احتجاجية يجب على قيادات الاخوان ان يفهمو ان معظم الشعب رافض لهم و كل يوم يتجه الالاف من معسكر الاخوان الى معسكر السيسى او على الاقل يصبح على الحياد . الى متى هذا الهراء و الالقاء بالشباب فى الهاوية تحت مسمى الدفاع عن الحق انها لعبة سياسة و من الحلول المطروحة بقوة الاعتراف بالسيسى و الموافقة على الديه و الاعتراف بالفشل .
م\ زكى سليمان
الإثنين، 24-08-2015 11:04 ص
الرؤيه جيده المهم أن توضع موضع التنفيذ وأن تكون هناك آليات واضحه للتنفيذ من خلال أوعيه مؤسسيه وأن يكون هناك تقنين واضح للمفاهيم والمصطلحات وضمان نجاح
ابو حمزه
الإثنين، 24-08-2015 12:14 ص
كلام جميل
عابر سبيل
الأحد، 23-08-2015 07:47 م
الدكتور احمد عبد الرحمن بدلا من كل هذه المقالات التى لا طائل من ورائها ، الاولى بك تنشغل بمهام مكتب الاخوان بالخارج الذى اختير لمهمة معينة وترتيب احوال من ترك مصر بعد 3/7 ولم يطلب من مكتبكم ان يكونوا ممثلا للاخوان ولست حضرتك متحدثا باسم الاخوان ، الاخوان لهم ممثلهم وعلى مكتب الخارج ان لا يشق الصف وان يندرج فى عمل الجماعة كجزء منها له مهام محددة لمن هم بالخارج ، ولا دخل لكم بادارة الجماعة او شئون الداخل ، استفيموا يرحمكم الله

خبر عاجل