قضايا وآراء

الإخوان المسلمون وثقاب الكبريت (1)

أسامة سليمان
أسامة سليمان
أسامة سليمان
ترددت كثيرا قبل أن أعاود الكتابة، بعد توقف دام عامين، أي منذ الانقلاب العسكري الدموي على الإرادة الشعبية المصرية وسحق أي محاولة لسيادة مصر ونهضتها.

وآثرت توجيه طاقتي للنضال ضد هذه الطغمة الظالمة المستبدة بالعباد، والفاسدة الناهبة للبلاد، والتي شتت وشردت المصريين وبعثرت أحلامهم في بناء مصر الجديدة بعد تنحي الطاغية المخلوع في 11 شباط/ فبراير 2011م .

لكن ما اقرأه وأشاهده يوميا من عبث عبر وسائل الإعلام تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وينال من قواعدها وقيادتها معا (كبارا وشبابا) بغير حق أو بحق أريد به باطل، ألزمني الكتابة والتوضيح حسبة لله وآملا في وعي ووهج ونباهة الشباب قبل الشيوخ، أخاطب فيهم فطرا سوية لم تعوج من طول العمر وتعب السنين.

إن من يقرأ التاريخ يعلم أن حجم المؤامرات التي مورست ضد جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها في آواخر العشرينيات من القرن الماضي لم تنقطع، وأن كم الأكاذيب والافتراءات والشائعات بحق فكرها ومنهجها وقياداتها لم يتوقف، ومع ذلك صمدت الجماعة صمودا حير استخبارات العالم ومراكزه البحثية، إذ فشلت المؤامرات وكل ممارسات التشويه في استئصالها والمذهل أنها ازدادت انتشارا في شتي أنحاء العالم وانضم إليها المزيد من كل شعوب القارات الخمس !!

فما كان من المتربصين لها إلا إصدار أوامرهم بإعمال كل صنوف التعذيب والاعتقال واغتصاب الحقوق بالمصادرة والتشريد والفصل فضلا عن الحرمان من كل الوظائف العامة، وصولا للقتل بتسخير القانون وخارج القانون، ومع كل ما سبق شاء الله لها أن تكون مكونا رئيسيا في نسيج الشعوب ويخرج منها العلماء والأدباء والوزراء والرؤساء والكثيرين غيرهم !!

فيزيد مكرهم ويعاودون البحث عن وسيلة يستأصلون بها هذه الجماعة المباركة فيجدوها فيما حذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من السقوط  فريسة للشيطان في الفتنة بين بعضهم البعض.
وهذا تحديدا ما أقصده فيما أكتب.

احذروا أيها الإخوان المسلمون مما أقروه بالفعل لاستئصال جماعتكم عبر تفجيرها من داخلها بالعمل المتواصل لتوسيع فجوة الخلاف بين الجماعة وقياداتها والشباب ورؤيته.

إن نجاح الإعلام في تشويه الصورة الذهنية للرئيس المنتخب محمد مرسي وحكمه سهل من مهمة الانقلاب العسكري عليه، وهو ما شجع المتآمرين لاستخدام الأسلوب ذاته في محاولة تفجير الجماعة من داخلها ورصدوا لذلك أموالا طائلة انشأوا بها فضائيات ومواقع وبوابات إلكترونية للضرب من تحت الحزام في الجماعة، وأغروا الشباب بالعمل معهم مهنيا وأغدقوا عليهم وأضرموا العداوة والبغضاء بينهم لتأجيج الفتنة وإشعال الصراع وترجيح طرف على حساب طرف.

لا ينكر أحد تربى على فكر الإخوان أننا نعيش لحظة تاريخية فارقة في حياة الجماعة تحتاج منا جميعا إعمال الفكر فى رؤيتنا وإستراتيجيتنا وما يستتبعها من مناهج ولوائح ..إلخ

ولا ينكر أيضا أي عاقل أن قيادة التغيير في أي جماعة ستواجه بصعوبات جمة من جمهورها الداخلي، فما بالكم والصراع بين الثورة والانقلاب عليها على أشده، والإخوان في القلب منه وتضحياتهم فاقت كل تصور وكل خيال.

هل يعقل أن نزيد الفتن إشتعالا ونلهب الظهور سياطا، ونوسع دائرة الخلاف ونسعى بأيدينا للإنقسام ثم نحسبه خيرا لنا ؟!

أم نوأد الفتن ونحمي الظهور ونلطف الأجواء ونقرب وجهات النظر دون إفراط أو تفريط في الوصول لمبتغانا، وأن نكون جميعا قادة التغيير على كل المستويات فنحن أحوج ما نكون لتطوير شامل يطال الفكرة والحركة، يمس المنهج والتخطيط، يشمل اللوائح والأدوات ..

يجب علينا أن نتحاور ولا حرج في أن نختلف ولا عيب في أن نتباين دون تجريح أو تخوين.

نؤمن أن إنضاج الرأي والفكرة يحتاج من كل منا أن يدافع عما يؤمن به دون تهويل أو تهوين، وأن يخضعها للعقل فينظر ما بين الواقع والمأمول على أن يحكم كل ذلك القواعد المعمول بها فى حسم المختلف عليه حتي نمضي قدما فى تحقيق ما اجتمعنا عليه، ولنعلم أن توحدنا على الصواب خير وأبقى من التفرق على الأصوب كما قال الإمام البنا.

لذا أجد لزاما علينا أن نحذر من ثقاب الكبريت المتمثلة في توسيع الفجوة بين المختلفين منا على حساب رأب الصدع بينهم أو نشعل حرائق بدلا من إطفائها، وهذا يستلزم منا وعيا وتنبيها وتنويها لعدة أمور منها:

أيها الشباب: أناشدكم قبل أن تقرأوا ما ينشر في وسائل الإعلام أن تعرفوا من هو الكاتب قبل أن تقرأوا له، وماذا يريد من بين السطور فالسم لا يكون إلا في العسل.. تعرفوا  مصادره ... مجهلة أم موثقة، وخصوصا إذا كان كاتبا عابثا ينال من جماعة الإخوان المسلمين سواء كان متعمدا أو مغيبا أو باحثا عن شهرة بقضم لحم الإخوان، وهم في قلب المحنة واشتداد الفتنة.

أيها الشباب النابض بالحياة أذكر نفسي وإياكم ألا تحكموا على ما قرأتموه من قضايا وآراء دون أن تستكملوا كل جوانبها وتتيقنوا من مراميها وتسمعوا من كل أطرافها وتذكروا المثل العربي الشهير إذا أتاك أحد الخصمين وقد فُقِئَتْ عينه فلا تقض له حتى يأتيك خصمه فلعله قد فُقِئَتْ عيناه.

أيها الإخوان: إن أوقاتنا هي حياتنا وهي أعز ما نملك فلا نضيعها بالانشغال بالغث عن السمين، أو في القيل والقال، أو في النيل من سمعة فلان دون دليل أو تحقيق، أو أن نقع في مستنقع الغيبة والنميمة، أو أن نسكت على من يمشي بيننا بالفتنة ودق الأسافين أو على من اعتاد أن يكون أذن سوء عند القيادة دون أن ننصحه ثم تردعه الجماعة إن لم يستجب، أو من يبرر -آثما- لنفسه تسريب بعض المعلومات عن أمورنا الداخلية للإعلام سواء كانت صحيحة أو خاطئة بهدف الانتصار لرأيه أو تحقيق مصلحة تخصه أو إيذاء طرف لا يرضى عنه أو محاولة فرض واقع لاتقبله الأغلبية.

إن استمرار ثورة المصريين والعمل على إسقاط الانقلاب عبر خيارنا الثوري يحتاج منا اغتنام جل هذه الأوقات قبل فوات الأوان، أن نجمع ولا نفرق فنكون على قلب رجل واحد، ونعلم أن وأد أي خلاف هو  إرضاء لله سبحانه وتعالي ثم إزعاج وحسرة للمتآمرين علينا وانتصار لإرادتنا فهل نحن فاعلون؟

* القيادي في جماعة الإخوان المسلمين -محافظ البحيرة في عهد الرئيس مرسي
التعليقات (9)
أبو حنين الطيب من الشرقية
الأربعاء، 23-09-2015 12:25 ص
فتح الله عليك ياأستاذ كلامك صحيح
وووو
الجمعة، 28-08-2015 07:27 ص
فتح الله عليك ولا فض فاك
متعجب جدا
الجمعة، 28-08-2015 01:30 ص
الدنيا ربيع والجو بديع قفلي علي كل المواضيع ف الاخر هيقولوا شكر الله سعيكم الثورة خلصت انتظرونا في الثورث القادمة
ابوعمار
الخميس، 27-08-2015 09:56 م
بصراحه القياده عليها المسئوليه الاكبر في مواجهه الشبهات وتوضيحها وتفنيدها داخل الصف واللي ينحرف بعد كده فاثمه علي نفسه
أبو جاسر المالكي
الخميس، 27-08-2015 11:56 ص
أيها الشباب .. أيها الشباب .. أيها الشباب .. أما عندك نصائح للشيوخ ؟؟