حول العالم

مهاجر سوري يدفع ثمنا باهظا مقابل رحلة "5 نجوم" لبلوغ أوروبا

تستقبل السويد الاف اللاجئين السوريين - أرشيفية
تستقبل السويد الاف اللاجئين السوريين - أرشيفية
لا تعد دولة الإمارات العربية المتحدة من نقاط الانطلاق المألوفة للسوريين الذين يفرون من الحرب لكن هكذا بدأ طارق رحلة "خمسة نجوم" الى حياة جديدة في السويد فدفع مبلغا باهظا من المال لتفادي المخاطر والصعوبات التي يواجهها معظم اللاجئين.

 وبمساعدة مجموعة من المهربين الذين تتبعهم شبكة من الوكلاء في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط وأوروبا نجح طارق (26 عاما) في السفر من إمارة دبي إلى السويد خلال ثلاثة أسابيع فقط في ظروف مريحة نسبيا.

 يسدد المهاجرون عادة نحو 700 يورو (780 دولارا) من أجل عبور البحر للوصول إلى أوروبا وهي رسوم تتيح لهم مكانا في قارب مكتظ لا يصلح لعبور البحر يديره المهربون.

 لكن العام الماضي اختار طارق رحلة تكلفتها ثلاثة آلاف يورو مولتها عائلته التي تنتمي للطبقة المتوسطة وتعيش في دمشق، تمكنت عائلته ايضا من سداد آلاف أخرى من اليورو لتغطية مصروفات مثل وثائق هوية مزورة حين اتجه إلى السويد التي تعطي الإقامة تلقائيا للاجئين السوريين.

 كانت التكلفة باهظة لكنه وصل سالما على عكس 2500 شخص لاقوا حتفهم حتى الآن هذا العام خلال محاولة عبور البحر من شمال إفريقيا إلى ايطاليا أو من تركيا إلى الجزر اليونانية.

 وتفادى وسط دمشق بعضا من أسوأ أحداث الحرب الأهلية السورية لكن الرجال مازالوا يواجهون خطر الاستدعاء للجيش. وحتى اذا لم يضطروا للقتال فإن فرص العمل شحيحة في ظل انهيار اقتصاد البلاد.

 وقال الشاب الملتحي طويل القامة عبر تطبيق سكايب من بلدة بوليدين بشمال السويد "وجدت نفسي مضطرا لأن أعيش على المساعدات من عائلتي أو خوض المجازفة على أمل أن تتاح لي الفرصة في حياة أفضل حين أعبر البحر."

 على مدى 18 شهرا تجول طارق الحاصل على شهادة في التسويق وطلب عدم نشر اسم عائلته بين مواقع التوظيف على الإنترنت وأجرى مقابلات لا حصر لها للحصول على عمل دون جدوى. ثم ذهب الى الإمارات بتأشيرة عمل عام 2012 في مرحلة مبكرة من الصراع السوري ليعمل في مشروع يديره أقاربه.

 كان واحدا من آلاف السوريين والفلسطينيين الذين يحملون وثائق سورية وانضموا لأفراد عائلاتهم وأصدقائهم المقيمين في الإمارات خلال الحرب. لكن المشروع فشل كما فشلت محاولات طارق للعثور على عمل في لبنان والجزائر فاتجه تفكيره الى أوروبا.

 ذات يوم من العام الماضي وضع سروالين من الجينز في حقيبة مع هاتفه الجوال وحاسبه المحمول وانضم للكثيرين من ابناء بلده الذين يحدوهم الأمل في العثور على ملاذ داخل الاتحاد الأوروبي.

 تكلفة باهظة لكنها أكثر أمانا

 تقول المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عدد اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط واسيا وافريقيا الذين يعبرون الى اوروبا تجاوز 300 الف هذا العام في ارتفاع عن 219 الفا في عام 2014 بالكامل.

 لكن قلة هي التي تستطيع تحمل تكاليف الرحلة التي قام بها طارق. وبعد أن فشلت عائلته في إثنائه عن الرحيل قررت تغطية نفقات سفره الى ما وصفتها بأنها حلم المهاجرين.. السويد.

 تقول ريما أم طارق التي لاتزال موجودة بالشرق الأوسط "قمنا ببعض الأبحاث ووجدنا أنك اذا دفعت اكثر قليلا فإنك يمكنك القيام برحلة 5 نجوم، أردنا أن نضمن ألا يبتل حتى إصبع قدمه."

 بدأت رحلة طارق الى دبي حين استقل طائرة الى تركيا التي يستطيع السوريون زيارتها دون الكثير من العقبات البيروقراطية. في اسطنبول عرفه سوريون الى المهربين.

 وبعد أن قضى أسبوعا في فندق محلي سافر طارق الى مدينة ازمير الساحلية حيث استقل قاربا صغيرا لكنه مريح للقيام برحلة قصيرة الى جزيرة رودس اليونانية.

 يسلك معظم المهاجرين هذا الطريق في قوارب مطاطية مكتظة تنقلب بسهولة. لكن القارب الأقوى الذي ركبه طارق لم يحمل سوى مجموعة صغيرة من الركاب ولم ينتقلوا الى القارب المطاطي سوى في الجزء الأخير من رحلتهم.

 كان أكبر هم طارق هو أن توقفه قوات خفر السواحل اليونانية. ويقول "لحسن الحظ لم يحدث أي من هذا وفي غضون بضع ساعات كنا على مسافة قريبة من شاطئ رودس سمحت للقبطان بأن يضعنا على قارب مطاطي أوصلنا الى الشاطئ."

 اتبع تعليمات المهربين واستقل سيارة أجرة الى أقرب مركز للشرطة لتسجيل اسمه كلاجئ. وهناك احتجز لمدة ليلتين قبل إطلاق سراحه بشرط الا يغادر الجزيرة.

 تجاهل طارق ذلك واتصل بالمهربين الذين نظموا رحلته التالية الى العاصمة اليونانية اثينا.

 بمساعدة أربعة آلاف دولار إضافية أرسلتها أسرة طارق الى الفندق الذي كان يقيم به في شمال اثينا تم تجهيز جواز سفر فرنسي وبطاقة هوية سلوفاكية مزورين لمساعدته على ركوب الطائرة الى فرنسا.

 متى وصل هناك أصبح بوسع طارق الوصول الى السويد بلا عقبات فهو يتحرك داخل منطقة شنجن الأوروبية التي لا توجد بها قيود على الحدود.

 ودأبت السويد على الترحيب باللاجئين. والأعمال الورقية محدودة ويخضع الوافدون الجدد لفحوص طبية قبل نقلهم الى منازل مؤقتة. كان طارق واحدا من 81 الف شخص طلبوا اللجوء للسويد العام الماضي وتحتل المركز الثاني بعد المانيا بين الدول الأوروبية من حيث استقبال العدد الأكبر من اللاجئين ويمثل السوريون المجموعة الأكبر بينهم.

 وبعد أن أمضى ليلة هادئة في منزله الجديد في بوليدين تقدم طارق بطلب للحصول على إقامة دائمة، وقال "خلال بضع سنوات سأتمكن من العودة الى الشرق الأوسط بجواز سفري السويدي."
التعليقات (1)
جاسر عبد الحميد
الثلاثاء، 15-09-2015 01:22 ص
شِنجِنِ بِنجِنِ نَو .. طارق واكل الجو. ونحن المنطقة العربية ليس لدينا "شِنجن"؟ ولا بِنجِن؟ نِتلِهىِ على عِينّا أفضل وننتظر نيازك وشهب القمر الدموى، لعلها تحصد فى نهاية طريقها إلينا "250" مليون عربى، لعل الباقى الذى سيفلت من الدمار يَعتبِر، أم من سيفلت من الدمار الشامل سيكون لديهم فساد ورشوة، مع دروشة وفزّلكة وجعجعة وطولة لسان وهبهبة على الفاضى والمليان؟